السبت، 5 مايو 2018

بين يدي رمضان 01

يين يدي رمضان

بين يدي رمضان 01

✍ بوعلام محمد بجاوي

بسم الله، و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، من علامات توفيق الله للعبد توفيقة لاغتنام مواسم الخير، ومنها بل من
أعظمها بل أعظمها شهر رمضان، و هذه الرسالة جمعت بين بيان فضله – عرضت في مقدمات – و بيان أحكامه مما تعم الحاجة إلى بيانه
المبحث الأول : المقدمات :   

المقدمة الأولى : في تفاضل ثواب الأعمال باعتبار الزمان و المكان

عن سعيد المقبري أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لن ينجيَ أحدا منكم عملُه ( ما من أحد يدخله عمله الجنة - م / 72 - ( 2816 )[1] )
قالوا : و لا أنت يا رسول الله ؟
قال : و لا أنا، إلا أن يتغمّدني الله [ "منه بمغفرة" : م / 73 - ( 2816 ) ] برحمته [ "و فضل" : - م / 71 ، 76 - ( 2816 . نهاية الرواية في : م / - 71 ، 72 ، 73 ، 74 ، 75- ( 2816 ) سدّدوا [ نهاية الرواية - م / 71 - ( 2816 ) ] و قاربوا [ نهاية الرواية : م / 76 - ( 2816 ) ] [ "و أبشروا" : م / 75 - ( 2816 ) ] و اغدوا و روحوا، و شيء من الدلجة، و القصد القصد تبلغوا [ خ / 6463 – م / 2816 من طريق أبي هريرة . و من طريق : عائشة 2818 و جابر 2817 ]
سددوا و قاربوا : "السداد" هو : الصواب، و هو في العبادة : القصد دون غلو أو تفريط و هو معنى "قاربوا" ، كما في آخر الحديث "القصد القصد"
قال ابن رجب عبد الرحمن بن أحمد ( ت : 795 ) في "المحجة في سير الدلجة" : المراد بـ "التسديد" : العمل بالسداد، و هو القصد و التوسط في العبادة، فلا يُقصّر فيما أُمر به، و لا يتحمّل منها ما لا يطيقه، قال النضر بن شميل : "السداد" : القصد في الدين و السبيل
و كذلك "المقاربة" : المراد بها : التوسّط بين التفريط و الإفراط 
فهما : كلمتان بمعنى واحدٍ أو متقاربٍ .اهـ[2]
الأقرب – و الله أعلم – : "سدّدوا" : التزموا الشريعة بفعل ما يحبه الله و ترك ما يبغضه، و اتوا بالعبادة على وجها، فإن لم تفعلوا فـ "قاربوا" : اقتربوا من السّداد مع قصدِ و نيةِ إصابته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر "القصد" في آخر الحديث، فتكون "و" بمعنى "أو" : سددوا أو قاربوا
قال النووي أبو زكريا يحيى بن شرف ( ت : 676 ) : و معنى "سددوا و قاربوا" : اطلبوا السداد و اعملوا به، و إن عجزتم عنه فقاربوه أي اقربوا منه، و "السداد" : الصواب و هو بين الإفراط و التفريط، فلا تغلوا و لا تُقَصِّروا .اهـ[3]
و هو المعنى الذي ذكره ابن رجب في "جامع العلوم و الحكم"
قال : فـ "السداد" : هو حقيقة الاستقامة، و هو الإصابة في جميع الأقوال و الأعمال و المقاصد، كالذي يرمي إلى غرض، فيصيبه، و قد أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم عليا أن يسأل الله عز وجل السداد و الهدى، وقال له : اذكر بالسداد تسديدك السهم، و بالهدى هدايتك الطريق [ م /  78 - (2725) ] .
و "المقاربة" : أن يصيب ما قرب من الغرض إذا لم يصب الغرض نفسه، و لكن بشرط أن يكون مصمّما على قصد السداد و إصابة الغرض، فتكون مقاربته عن غير عمد، و يدلّ عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الحكم بن حزن الكلفي : أيها الناس، إنكم لن تعملوا - أو لن تطيقوا - كل ما أمرتكم، ولكن سدّدوا و أبشروا [ د / 1096 ]
و المعنى : اقصدوا التسديد و الإصابة و الاستقامة، فإنهم لو سدّدوا في العمل كله، لكانوا قد فعلوا ما أمروا به كله .اهـ[4]
و اختار هذا المعنى في "شرح البخاري"، و أشار إلى المعنى الذي ذكره في "المحجة في سير الدلجة" بـ : "و قيل" الدالة على التضعيف و التوهين
قال : و قوله r : "سددوا وقاربوا و أبشروا[5] "
"التسديد" : هو إصابة الغرض المقصود، و أصلُه من تَسديد السَّهم إذا أصاب الغرض المرمى إليه و لم يخطئه.
و "المقاربة" : أن يقارب الغرض وإن لم يصبه، لكن يكون مجتهدا على الإصابة فيصيب تارة و يقارب تارة أخرى، أو تكون "المقاربة" لمن عجز عن الإصابة كما قال تعالى } فاتقوا الله ما استطعتم { [ التغابن : 16 ] و قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"
...و ذكر حديث الحكم بن حزن
قال : و قيل [ و هو القول الذي اختاره في "المحجة" ] : أراد بـ "التسديد" : العمل بالسداد – و هو القصد والتوسط في العبادة - فلا يقصر فيما أمر به و لا يتحمل منها مالا يطيقه.
قال النضر بن شميل : "السداد" : القصد في الدين و السبيل
و كذلك "المقاربة" المراد بهما : التوسط بين التفريط و الإفراط، فهما كلمتان بمعنى واحد.
و قيل : بل المراد :
بـ "التسديد" : التوسط في الطاعات بالنسبة إلى الواجبات و المندوبات.
و بـ "المقاربة" : الاقتصار على الواجبات.
و قيل فيهما : غير ذلك .اهـ[6]


[1] بين ( ) لفظة أخرى و ما بين [ ] للزيادات في المتون
[2] المحجة في سير الدلجة 4 / 412 - مجموع
[3] شرح مسلم 17 / 162
[4] جامع العلوم و الحكم 1 / 511
[5] يأتي في "القصد"
[6] فتح الباري شرح صحيح البخاري 1 / 151 – 152 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق