المسألة الأولى :
التعامل مع قضاء الله الكوني في الاختلاف
و ما قضاه الله كونا – قدّر وقوعه – لا
بدّ من وقوعه، عقيدة نعتقدها و لا نصوبه و لا نستسلم له ، بل لا بدّ من :
طلب الحق
طلب الحق
- ثم السعي في هداية من رحم الله من عباده و اختاره للسعادة في العاجل و الآجل
أو لا : طلب الحق
و الصبر على مشقة تحصيله، لا لعدم بيان
الشرع له[1]،
بل لكثرة الغشاوات التي أحاطه بها "الجهمية" و من سار على نهجهم
في تحريف النصوص المخالفة لأهوائهم، قديما كان التحريف أكثره في "العقائد"،
و اليوم أكثره في "الأحكام" لا بسبب التعصب كما في السابق، و لكن
الانهزام، و ذلك أن من يُعظِّمون يرونها تخلفا
قال
المعلمي : و مخالفة الهوى للحق في العلم و الاعتقاد قد تكون لمشقة
تحصيلية، فإنه يحتاج إلى البحث و النظر، وفي ذلك مشقة و يحتاج إلى سؤال العلماء و
الاستفادة منهم .اهـ[2]
و
من المشقة – أيضا – : مشقة مخالفة العادة و الهوى
قال
المعلمي – بعد كلامه السابق – : و قد تكون [ مخالفة الهوى للحق ] لكراهية
العلم و الاعتقاد نفسه، و ذلك من جهات :
الأول : ما تقدم في "الاعتراف[3]"، فأنه كما يشقّ على الإنسان أن يعترف ببعض ما قد تبين له،
فكذلك يشقّ عليه أن
يتبين بطلان دينه أو اعتقاده أو مذهبه أو رأيه الذي نشأ عليه، و اعتزّ به، و دعا
إليه، و ذبّ عنه، أو بطلان ما كان عليه آباؤه و أجداده و أشياخه، و لا سيما عندما
يلاحظ أنه إن تبين له ذلك تبين أن الذين يطريهم و يعظمهم و يثنى عليهم بأنهم أهل
الحق و الإيمان و الهدى و العلم و التحقيق هم على خلاف ذلك، و إن الذين يحقرهم و
يذمهم و يسخر منهم و ينسبهم إلى الجهل و الضلال و الكفر هم المحقون ... فتجد ذا
الهوى كلما عرض عليه دليل لمخالفيه أو ما يوهن دليلا لأصحابه شقّ عليه ذلك و اضطرب و اغتاظ و سارع إلى
الشغب، فيقول في دليل مخالفيه "هذه شبهة باطلة مخالفة للقطعيات"، و "هذا المذهب مذهب باطل لم يذهب إليه إلا أهل الزيغ و الضلال"، و يؤكد ذلك بالثناء على مذهبه و
أشياخه و يعدّد المشاهير منهم و يطريهم بالألفاظ الفخمة، و الألفاظ الضخمة، و يذكر
ما قيل في مناقبهم و مثالب مخالفيهم، و إن كان يعلم أنه لا يصح، أو أنه باطل .اهـ[4]
و لهذا يقلّ أن تجد من يترك دين النشأة إلى
دين الحق
قال المعلمي : و من أوضح
الأدلة على غلبة الهوى على الناس أنهم - كما تراهم - على أديان مختلفة، و مقالات
متباينة، و مذاهب متفرقة، و آراء متدافعة، ثم تراهم كما قال الله تبارك وتعالى } كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ { [ الروم 32 ] فلا تجد من ينشأ على شيء من ذلك و يثبت عليه يرجع عنه إلا القليل، و هؤلاء
القليل يكثر أن يكون أول ما بعثهم على الخروج عما كانوا عليه أغراضا دنيوية .اهـ[5]
و قد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم – و هو النبي المعصوم – : اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق
بإذنك
مسلم 200 - ( 770 ) من طريق عكرمة بن عمار حدثنا يحيى بن أبي كثير حدثني أبو
سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال : سألت عائشة أم المؤمنين، بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل ؟ قالت : كان
إذا قام من الليل افتتح صلاته : اللهم رب جبرائيل، و ميكائيل، و إسرافيل، فاطر
السماوات و الأرض، عالم الغيب و الشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه
يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط
مستقيم
مدراه على : عكرمة بن عمار
قال أحمد ابن حنبل ( ت :
241 ) : مضطرب عن غير إياس بن سلمة، و كأن حديثه عن إياس بن سلمة صالح[6] .
و قال : أحاديث عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير
ضعاف ليس بصحاح، قلت له : من عكرمة أو من يحيى ؟ قال : لا إلا من عكرمة[7] .
و
قال علي بن المديني ( ت : 234 ) : سألت يحيى بن سعيد القطان ( ت : 198 ) عن أحاديث عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير ؟
فضعفها، و قال : ليست بصحاح[8] .
و
قال أبو داود سليمان بن الأشعث ( ت : 275 )
: في حديثه عن يحيى بن أبي كثير اضطراب[9] .
لأن المعصوم من عصم الله، فأول الأسباب
سؤال الله التوفيق و الهداية
قال تعالى } فَهَدَى
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ
وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { [ البقرة : 213 ]
و
قال عن المؤمنين } وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي
هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ
جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ
أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ { [ الأعراف 43 ]
[1] للمعلمي كلام حول تقسيم الشرع من حيث البيان،
تركته تركا للتطويل. و أكتفي بالإحالة : التنكيل 2 / 182 و ما بعدها
[2] التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الاباطيل – القائد إلى تصحيح
العقائد – 2 / 181
[3] يأتي الكلام عنه
[4] التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الاباطيل – القائد إلى تصحيح
العقائد –2 / 181 – 182
[5] التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الاباطيل – القائد إلى تصحيح
العقائد –2 / 182
[6] العلل و معرفة
الرجال عن أحمد 1 / 379 - رقم : 733
[7] العلل و معرفة الرجال عن أحمد 2 / 494 – رقم : 3255
[8] الجرح و التعديل 1 /
236 و 7 / 10
[9] سؤالات أبي عبيد الآجري 1
/ 264 – مسألة : 361
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق