مختصر في جمع القرآن 03
الجمع
الثاني : جمع عثمان رضي الله عنه
( الجمع بين دفتين :
المصحف )
سببه تنازع الناس في القراءة، بعد أن نبّه
"حذيفة بن اليمان رضي الله عنه" "عثمان رضي الله عنه"لما رأى من تنازع الناس في
القراءة : يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في "الكتاب" اختلاف "اليهود" و "النصارى"
القراءة : يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في "الكتاب" اختلاف "اليهود" و "النصارى"
فكتب "عثمان رضي الله عنه" "المصاحف" معتمدا على الجمع الأول – الجمع في صحف مفرقة –
البخاري ( 4987 ) حدثنا موسى حدثنا إبراهيم [ بن سعد ] حدثنا ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه
أن حذيفة بن اليمان، قدم على عثمان – و كان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية و
أذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة – فقال حذيفة لـ "عثمان" :
يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة، قبل أن يختلفوا في "الكتاب" اختلاف
اليهود و النصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة : أن أرسلي إلينا بـ "الصحف" ننسخها في "المصاحف"، ثم نردّها إليك. فأرسلت بها "حفصة" إلى "عثمان"، فأمر "زيد بن ثابت" و "عبد
الله بن الزبير" و "سعيد بن
العاص" و "عبد الرحمن بن الحارث بن
هشام" فنسخوها في "المصاحف [ يأتي الحديث تاما ]
وهذا
يدفع رواية مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال : قال عثمان – في جملة ما قال – : عزمت على من عنده شيء من القرآن سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما أتاني به فجعل الرجل يأتيه باللوح، والكتف والعسب فيه
الكتاب، فمن أتاه بشيء قال: أنت سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم
؟ [ المصاحف لابن أبي داود ( 80 )[1]
من طريق إسرائيل و ( 81 ) من طريق غيلان بن جامع : عن أبي إسحاق السبيعي – اختلط في آخر عمره[2]
– عن مصعب ]
وفي رواية زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق : فعزم [ عثمان ] على كل من كان
عنده شيء من القرآن إلا جاء به، فجاء الناس بما عندهم، فجعل يسألهم عليه البينة
أنهم سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم [ المدخل إلى السنن الكبرى ( 1066 ) وفي آخر رواية إسرائيل
و زيد بن أبي أنيسة : فكتب مصاحف ففرقها في
الأجناد، فلقد سمعت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: لقد
أحسن. وفي
آخر رواية غيلان : وكتب مصاحف فقسمها في
الأمصار، فما رأيت أحدا عاب ذلك عليه. وأخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ( 554 )[3]
و البخاري في خلق أفعال العباد ( ص : 86 ) و عمر بن شبة في تاريخ المدينة ( 3 / 1004 ) حدثنا عبد
الرحمن بن مهدي ( ابن شبة : رواية أخرى عن أبي داود الطيالسي ) عن شعبة عن أبي
إسحاق ( السبيعي ) عن مصعب بن سعد قال : أدركت الناس
حين شقق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال : لم يعب ذلك أحد ]
فيها : أنه تتبع المكتوب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كما في جمع
أبي بكر رضي الله عنه و أنه كان
يطلب البيّنة على أنه كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم[4]
قال أبو شامة أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل ( ت : 665 ) : ثم إن عثمان رضي الله عنه نسخ
من تلك الصحف مصحفا جامعا لها، مرتبة سورة سورة على هذا
الترتيب... و عثمان جمع السور على هذا الترتيب في مصحف واحد ناسخا لها من صحف أبي بكر.
و أما ما روي أن عثمان جمع القرآن أيضا من
الرقاع كما فعل أبو بكر فرواية لم تثبت، ولم يكن له إلى ذلك حاجة، و قد كُفِيَهُ
بغيره، فالاعتماد على ما قدمناه أول الباب من حديث صحيح البخاري ( فأرسل
عثمان إلى حفصة : أن أرسلي إلينا بـ "الصحف" ننسخها في "المصاحف"، ثم
نردّها إليك. فأرسلت بها "حفصة" إلى "عثمان"، فأمر "زيد
بن ثابت" و "عبد الله بن الزبير" و "سعيد بن العاص" و "عبد
الرحمن بن الحارث بن هشام" فنسخوها في "المصاحف" ) ، و إنما ذكرنا ما بعده زيادة
كالشرح له، وجمعا لما روي في ذلك
و يمكن أن يقال : إن "عثمان" طلب إحضار الرقاع ممن هي عنده، و جمع منها، وعارض
بما جمعه أبو بكر، وعارض بتلك الرقاع، أو جمع بين النظر في الجميع حالة
النسخ، ففعل كل ذلك أو بعضه، استظهارا ودفعا لوهم من يتوهم خلاف
الصواب، وسدًّا لباب القالة : إن الصحف غيرت أو زيد فيها ونقص .اهـ[5]
لا داعي لهذا التأويل – الجمع – لأن الرواية
لا تصح من جهة الإسناد و منكرة من جهة المتن، لمخالفتها للثابت و المشهور أن عثمان
رجع إلى مصحف أبي بكر
قال البيهقي : و فيه انقطاع بين مصعب [ بن سعد ] و عثمان رضي الله عنه، و قد روينا عن زيد بن ثابت أن التأليف كان في زمن
النبي صلى الله عليه وسلم، و روينا عنه أن الجمع في الصحف كان في زمن أبي بكر رضي الله عنه، و النسخ في المصاحف في زمن عثمان، و كان ما يجمعون و
ينسخون معلوما لهم، فلم يكن به حاجة إلى مسألة البينة .اهـ[6].
و كلّف بذلك : "زيد بن ثابت" و
القرشيين : "عبد الله بن الزبير"
و "سعيد بن العاص" و "عبد الرحمن بن الحارث بن هشام" رضي الله عنهم
، و أرشدهم إلى الرجوع إلى "لغة قريش" عند الاختلاف
البخاري ( 3506 ) حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن أنس أن
عثمان دعا "زيد بن ثابت" و
"عبد الله بن الزبير" و
"سعيد بن العاص" و "عبد الرحمن بن الحارث بن هشام" فنسخوها في
المصاحف، وقال "عثمان" للرهط
القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش،
فإنما نزل بلسانهم ففعلوا ذلك [ و ( 4984 ) حدثنا أبو
اليمان حدثنا شعيب عن الزهري...، و هي رواية مختصرة و أخرجه تاما ( 4987 ) يأتي ذكرها
]
و أرسل إلى كل أفق بـ "مصحف"،
إلى : الكوفة، و البصرة، و الشام و أبقى نسخة عنده، و قيل سبعة، إلى : مكة، و
اليمن، و البحرين
قال الداني أبو عمرو عثمان بن سعيد ( ت : 444 ) : و الأوّل : أصحّ، وعليه الأئمة .اهـ[7]
و أمر بما سواه من "القرآن"
المكتوب أن يحرق، واجتمع الناس على هذا، و إن كان يروى عن "عبد الله بن مسعود" عدمُ الاستجابة، و
دعوتُه الناس إلى عدم حرق مصاحفهم، لكن لم يتابع عليه، بل أنكر عليه و استقرّ أمر
الأمة على صنيع "عثمان رضي الله عنه" و رأوا قول ابن مسعود "زلّةَ عالم" سببها ترك النظر في المقاصد و
الترجيح بين المصلحة و المفسدة الناتجة عن استصحاب رخصة اختلاف القراءة، و يروى عنه الرجوع إلى "الوفاق"[8]
و الصحيح
أن مخالفته إنما هي في الاقتصار على قراءة واحدة أو لأنه رأى قراءته أولى، لا
الطعن في جمع زيد و من قرأ به.
و الفرق بين "الصحف" و "المصحف" : أن "الصحف" الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبي
بكر ( رضي الله عنه ) و كانت سورا مفرقة كل سورة مرتبة بآياتها على حدة لكن لم
يرتب بعضها إثر بعض، فلمّا نسخت و رتبّ بعضها إثر بعض صارت مصحفا[9]"
قال المعلمي عبد الرحمن بن يحيى ( ت : 1386 ) : و كتب "عثمان" بضعة "مصاحف"، و بعث بها إلى "الأمصار" لا لتبليغ "القرآن" بل لمنع أن يقرأ أحد بخلاف ما فيها .اهـ[10]
وهذه ميزة جمع عثمان حصر القراءة الجائزة فيما وافق رسم "المصحف الإمام"
البخاري
( 4987 ) حدثنا موسى
حدثنا إبراهيم [ بن سعد ] حدثنا ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه أن "حذيفة بن اليمان"، قدم على "عثمان" – و كان يغازي أهل الشأم في فتح
أرمينية و أذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة – فقال حذيفة
لـ "عثمان" : يا أمير المؤمنين،
أدرك هذه الأمة، قبل أن يختلفوا في "الكتاب" اختلاف اليهود و النصارى،
فأرسل "عثمان" إلى "حفصة" : أن أرسلي إلينا بـ "الصحف" ننسخها في "المصاحف"، ثم نردّها
إليك. فأرسلت بها "حفصة"
إلى "عثمان"، فأمر "زيد بن ثابت" و "عبد الله بن الزبير" و "سعيد بن العاص" و "عبد الرحمن بن الحارث بن هشام" فنسخوها في
"المصاحف"، و قال "عثمان" للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم [ الخلاف
راجع لاختلاف القراءة، أي تقدم القراءة الموافقة لـ "لغة قريش" قوم النبي صلى الله عليه وسلم لأنها العزيمة } و ما أرسلنا من رسول إلا
بلسان قومه ليبن لهم { [ إبراهيم : 4
] ] أنتم و زيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل
بلسانهم
ففعلوا حتى إذا نسخوا "الصحف"
في "المصاحف" ردّ عثمان
الصحف إلى حفصة، و أرسل إلى كل أفق بـ "مصحف"
مما نسخوا، و أمر بما سواه من "القرآن"
في كل صحيفة أو مصحف، أن يحرق
( 4988 ) قال ابن
شهاب : و أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت قال : فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا "المصحف"، قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها
مع "خزيمة بن ثابت
الأنصاري" } من المؤمنين رجال صدقوا ما
عاهدوا الله عليه { [ الأحزاب : 23 ] فألحقناها في سورتها في "المصحف" [ و أخرجه في موضعين ( 3506 ، 4984 ) الأول من طريق إبراهيم، و الآخر من طريق أبي
اليمان عن شعيب عن الزهري مقتصرا فيهما على أمر عثمان بالرجوع إلى لسان قريش ]
[1] طبعة غراس
[2] الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط ص : 273 – ترجمة : 80
[3] الطبعة المغربية
[4] قال أبو شامة : لم تكن البينة على أصل القرآن، فقد كان معلوما لهم ذكر، وإنما
كانت على ما أحضروه من الرقاع المكتوبة فطلب
البينة عليها أنها كانت كتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبإذنه
اهـ المرشد الوجيز 190 – 191
[5] المرشد الوجيز 75 – 76 طـ : صادر . و في الطبعة
المعتمدة ( الذهبي ) 215 – 216 تصحيف و سقط
[6] المدخل إلى السنن الكبرى 2 / 499 – 500
[7] المقنع في معرفة رسوم مصاحف أهل الأمصار 162 – 163 – ط : التدمرية
[8] التفصيل في أصل هذا
المختصر
[9] فتح الباري 9 / 18
[10] الأنوار الكاشفة 45
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق