شرح نصيحة المعلمي لأهل العلم 10
✍بوعلام محمد بجاوي
المسألة الثالثة : الفرق بين هذه الأمة و الأمم قبلها :
قال المعلمي
: "و قد تواترت الأخبار أيضا بأنه لا تزال طائفة
قائمة على الحق"
و هذا ما تميّزت و تتميز به هذه "الأمة المعصومة" عن باقي الأمم، فإنها و إن
شاركت الأمم السابقة في الاختلاف، و خروج جماعات عن الهدي القرآني النبوي فإن شمس
"الحق" لا تغيب عنها، بل
"الحق" فيها ظاهر، و تجد
"أهل الأهواء" من "المتكلمين" و "المتصوفة أصحاب الطرق" فرحين بوجود ما
يقوّي ضلالهم – في ظنهم و أمانيهم – في
الوحيين : "الكتاب" و "السنة"، بل تجدهم يُجهدون أنفسهم في الانتساب
إلى "السنة" و دفع التهمة
عنهم بمخالفتهم لها، حتى إنه ليشتبه على عامّة الناس مَن هو على "السنة" و من هو على"البدعة" ؟ بكثرة الدعاوي مع الاختلاف و
التباين بين المدّعين، و لهذا كان أعظمُ المهم معرفةَ "السنة و أهلها" من "مدعيها"، و هذا هو المقصود من – و الدافع
إلى – اختيار "شرح نصيحة المعلمي"،
و إني لأرجو من الله – بعد تيسير إتمام شرحها مع الجهد وشغل البال والاضطرار
واضطراب الحال، وقلّة المسعد و المعين وحسد التلميذ و القرين– أن يكون فيها عون
وضياء لقارئها
قال ابن
تيمية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ( ت : 728 ) : لكن أعظم المهم في هذا الباب و
غيره : تميـيز "السنة" من
"البدعة"، إذ "السنة" : ما أمر به الشرع، و"البدعة" : ما لم يشرعه من الدين، فإن هذا
الباب كثر فيه اضطراب الناس في الأصول و الفروع، حيث يزعم كل فريق أن طريقه
هو"السنة" و طريق مخالفه هو
"البدعة"، ثم إنه يحكم على
مخالفه بحكم "المبتدع"،
فيقوم من ذلك من الشر ما لا يحصيه إلا الله . اهـ[1]
و سمعت أحد النصارى العرب يقول : إن
مشكلة "المتنورين العرب" –
كما يزعمون – التحايل و التخفي، و أن "الأوربيين" نجحوا لأنهم
أعلنوها صراحة "لا للنصرانية"،
و هذه العبارة كما رَفعت و أظهرت "المتنورين
الأوربيين" فإنها في بلاد الإسلام إعلان عن وفات أو "انقراض" لأصحابها .
قال صلى الله عليه وسلم : لا يزال أناس من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله و هم ظاهرون [ خ / 3640 ، 7311 ،
7459 ، - م / 1921 من حديث المغيرة، و أخرجه مسلم ( 1920 ) من حديث ثوبان بلفظ : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق،
لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك[2] ]
و لهذا كان من أصول الإسلام "الإجماع" بنوعيه : المعلوم لكل مسلم "الصريح" أو "علم العامة"، و "الاستقرائي" أو "السكوتي" الذي ينفرد بمعرفته العلماء بتتبع
أقوال من سبقهم من أهل العلم
فخُصّت هذه الأمة ببقاء الحق وظهوره في
كل زمان بالقائلين المعلنين به، و هم العلماء الربانيون حتى تبقى الحجة قائمة على
الناس إلى قيام الساعة، فليس بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي يجدد الدين، و
لكن علماء ربانيون، فمن ضرورة بقاء الحجة قائمة على الناس بقاء العلماء الربانيـن
قال
ابن رجب عبدالرحمن بن أحمد بن رجب ( ت : 795 ) :
لا ريب أن الله - تعالى - حفظ لهذه الأمة دينها حفظا لم يحفظ مثله دينا غير دين
هذه الأمة، و ذلك أن هذه الأمة ليس بعدها نبي يجدد ما دثر من دينها كما كان دين من
قبلنا من الأنبياء، كلما دثر دين نبي جدده نبي آخر يأتي بعده، فتكفل الله - سبحانه
- بحفظ هذا الدين، و أقام له في كل عصر حملة ينفون عنه تحريف الغالين و انتحال
المبطلين و تأويل الجاهلين .اهـ[3]
فلا
زال العلماء في جميع مسائل الشريعة، – و هي :
المسألة
الرابعة : التعامل مع الاختلاف –
على
:
التخطئة
مع عدم الإنكار : و ذلك في "المسائل الاجتهادية"
التخطئة
مع الإنكار و الاعتذار :
في "المسائل الأصول" إذا صدر
من أهل العلم الثقات استصحابا للغالب من أمرهم
مراعاة
دفع المفاسد في التعامل مع المخالف :
فقد يكون القول مما ينكر، لكن يترك الإنكار – و لا منافاة بين ترك الإنكار و
البيان – دفعا للمفسدة الأكبر من مفسدة القول المنكر
لا
يفرقون بين عقائد و أحكام و سلوك، و إنما العبرة عندهم بالاستسلام للشريعة فحيث
ظهر مراد الله وجب المصير إليه، و لم يعذر أحد في تَقَّصُد مخالفته
و
معرفة "أحكام الاختلاف" من
أهم الواجبات لتعلّقه بـ "الجماعات"
و "الأمم" لا بـ "الأفراد"، و بـ "الظلم" الذي حرّمه الله على نفسه
قال
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ( ت : 728
) : فصل : فيما اختلف فيه المؤمنون من الأقوال و الأفعال في الأصول والفروع
فإن هذا من "أعظم
أصول الإسلام" الذي هو : معرفة الجماعة، و حكم الفرقة، و التقاتل،
و التكفير، و التلاعن و التباغض، و غير ذلك .اهـ[4]
و سبق بيان بعض أحكامه في : "قاعدة قرآنية : عليك
ما حملت و على غيرك ما حمل[5]"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق