الأربعاء، 6 نوفمبر 2019

الموعظة بالإسلام 09

الموعظة بالإسلام 09

✍بوعلام محمد بجاوي

الحشر من القبور إلى الموقف[1] :

وبعد أن تنبت الأجساد و تعاد لها الحياة يخرج الناس إلى محشرهم أفواجا أفواجا منتشرين كالجراد مسرعين بلا قائد يقودهم أو دليل يرشدهم
قال تعالى : } فإذا هم من الأجداث[2] إلى ربهم ينسلون { [ يس 51 ]
قال ابن كثير أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير ( ت : 774 ): وهي نفخة البعث والنشور للقيام من الأجداث والقبور، ولهذا قال : } فإذا هم من الأجداث[3] إلى ربهم ينسلون { والنسلان هو: المشي السريع، كما قال تعالى: } يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون {  [المعارج: 43 ] .اهـ[4]
} فتولّ عنهم يوم يدع الداعي إلى شيء نكر[5] خشعا أبصارهم[6] يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر[7] مهطعين إلى الداع[8] يقول الكافرون هذا يوم عسر { [ القمر : 6 – 8 ]
قال ابن كثير : يقول تعالى : فتولّ يا محمد عن هؤلاء الذين إذا رأوا آية يعرضون ويقولون : هذا } سحر مستمر  {[ القمر : 2 ]، أعرض عنهم وانتظرهم } يوم يدعو الداعي إلى شيء نكر { أي: إلى شيء منكر فظيع، وهو موقف الحساب وما فيه من البلاء، بل والزلازل والأهوال، } خشعا أبصارهم { أي: ذليلة أبصارهم } يخرجون من الأجداث { وهي: القبور، } كأنهم جراد منتشر { أي: كأنهم في انتشارهم وسرعة سيرهم إلى موقف الحساب إجابة للداعي } جراد منتشر { في الآفاق، ولهذا قال: } مهطعين { أي: مسرعين } إلى الداعي { ، لا يخالفون ولا يتأخرون، } يقول الكافرون هذا يوم عسر { أي: يوم شديد الهول عبوس قمطرير } فذلك يومئذ يوم عسير. على الكافرين غير يسير { [ المدثر: 9، 10] .اهـ[9]
قال الطبري أبو جعفر محمد بن جرير ( ت : 310 ) : وإنما وصف جل ثناؤه بالخشوع الأبصار دون سائر أجسامهم، والمراد به جميع أجسامهم، لأن أثر ذلّة كل ذليل، وعزّة كل عزيز، تتبين في ناظريه دون سائر جسده، فلذلك خصّ الأبصار بوصفها بالخشوع .اهـ[10]
} يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون[11] { [ المعارج 43 ] } يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا { [ النبأ 18 ] } و يوم ينفخ في الصور و نحشر المجرمين يومئذ زرقا[12] يتخافتون فيما بينهم إن لبثتم إلا عشرا { [ طه 102 – 103 ]
قال الطبري : يقول تعالى ذكره: ونسوق أهل الكفر بالله يومئذ إلى موقف القيامة زرقا، فقيل: عنى بالزرق في هذا الموضع: ما يظهر في أعينهم من شدة العطش الذي يكون بهم عند الحشر لرأي العين من الزرق. وقيل: أريد بذلك أنهم يحشرون عميا، كالذي قال الله } ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا { [ الإسراء: 97 ]
وقوله : } يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا { [ طه : 103 ] يقول تعالى ذكره : يتهامسون بينهم، ويسر بعضهم إلى بعض: إن لبثتم في الدنيا، يعني أنهم يقول بعضهم لبعض: ما لبثتم في الدنيا إلا عشرا .اهـ[13]
وقوله } ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما { [ الإسراء: 97 ]
أي في الموقف في أرض المحشر
قال الطبري في تفسير الحشر في آية الإسراء: ونجمعهم بموقف القيامة . اهـ[14]
قال ابن كثير : وقوله: } ونحشر المجرمين يومئذ زرقا { قيل: معناه زرق العيون من شدة ما هم فيه من الأهوال .اهـ[15]


[1] المقصود الانتقال إلى أرض المحشر، لا الحشر الذي هو مكان الاجتماع حيث الحساب، ويأتي الكلام عنه بعده مباشرة 
[2] القبور
[3] القبور
[4] تفسير ابن كثير 6 / 581 - ط : طيبة
[5] يوم القيامة
[6] من الخوف و الفزع 
[7] كانتشار الجراد في الكثرة و التفرق
[8] يجيبون الداعي مسرعين
[9] تفسير ابن كثير 7 / 476
[10] تفسير الطبري 22 / 117
[11] إلى شيء منصوب يقصدونه و يندفعون إليه
[12] زرق العيون من شدة الخوف
[13] تفسير الطبري 16 / 161
[14] تفسير الطبري 15 / 92
[15] تفسير ابن كثير 5 / 315

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق