حفظ السنة 06
وجاء في الرواية المرفوعة ما يدل أن العلة متعلقة بالقرآن
من طريق
عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا : أكتاب غير كتاب الله امحضوا كتاب الله
وأخلصوه . أخرجه أحمد ( 11092 )
وأخلصوه . أخرجه أحمد ( 11092 )
وعبد الرحمن بن زيد : سبق أنه ضعيف
رواية عيسى بن ميمون عن :
محمد بن كعب القرظي عن
ابن عباس وعن زيد بن أسلم عن ابن عمر أخرجه الطبراني في الأوسط ( 7514 )
هشام بن عروة عن أبيه
عن عبد الله بن عمرو رفعه و أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ( 62 / 44 – 45 )
وعيسى بن ميمون : سبق أنه ضعيف
و نحوه عن أبي سعيد الخدري في ثلاث روايات
الأولى
: رواية سعيد بن إياس الجُرَيْري عن أبي نضرة العبدي
قال : قلت لأبي سعيد
الخدري رضي الله عنه ألا تكتبنا، فإنا لا نحفظ ؟ فقال : لا، إنا لن نكتبكم، ولن
نجعله قرآنا، ولكن احفظوا عنا، كما حفظنا نحن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخرجه الدارمي ( 487 ) عن يزيد بن هارون
عنه. ومن طريق يزيد : أخرجه ابن أبي خيثمة في العلم ( 95 ) و البيهقي في المدخل (
1819 ) .وعبد الله بن أحمد في العلل ( 2749
) عن أبيه عن إسماعيل عنه و من طريق
إسماعيل البغوي في معجم الصحابة ( 929 ) – ومن طريقه الخطيب في تقييد العلم ( ص :
38 ) –.وابن عبد البر في جامع بيان العلم ( 340 ) من طريق عبد الأعلى عنه والخطيب (
ص : 38 ) من طريق عبد الله بن المبارك عنه و شعبة ( ص : 37 ) عنه
الثانية
: المستمر بن الريان عن أبي نضرة العبدي
قال : قلنا لأبي سعيد
لو كتبتم لنا فإنا لا نحفظ قال : لا نكتبكم ولا نجعلها
مصاحف
كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يحدثنا، فنحفظ فاحفظوا عنا كما كنا نحفظ عن نبيكم صلى الله عليه
وسلم
المدخل للبيهقي ( 1822 ) و ابن عبد البر
في جامع بيان العلم ( 339 ) والخطيب في تقييد العلم ( ص : 36 )
الثالثة
: عبد الرحمن عن كهمس بن الحسن عن أبي نضرة
قال: قلت لأبي سعيد
الخدري : أكتبنا قال : لم نكتبكم ؟ ولن نجعله قرآنا، ولكن خذوا عنا كما
كنا نأخذ عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو سعيد يقول : تحدثوا، فإن الحديث
يذكر بعضه بعضا
المعجم الأوسط ( 2477 ) من طريق عبد الرحمن عن كهمس بن
الحسن
وأخرجه ابن أبي شيبة ( 26849 ) حدثنا أبو أسامة عن كهمس عن أبي
نضرة قال : قلنا لأبي سعيد الخدري : لو أكتبتنا الحديث ؟ فقال : لا نكتبكم، خذوا
عنا كما أخذنا عن نبينا
و البيهقي في المدخل ( 1818 ) و الخطيب في تقييد العلم ( ص : 37 ) من طريق روح عن كهمس
نحوه، ليس فيه الشاهد
ونحوه عن : عمر بن
الخطاب
أخرج ابن عبد البر في جامع بيان العلم ( 341
) من طريق ابن وضاح عن محمد بن يحيى المصري عن ابن وهب قال
: سمعت مالكا يحدث أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يكتب هذه الأحاديث أو
كتبها، ثم قال : لا
كتاب مع كتاب الله
قال عياض : قال الزبير : قال مطرف : صحبت مالكا سبع
عشرة سنة فما رأيته قرأ الموطأ على أحد. وكان يعيب كتابة العلم علينا. ويقول لم
أدرك أحدا من أهل بلدنا ولا كان ممن مضى يكتب. فقيل له فكيف نصنع ؟ قال تحفظون كما
حفظوا، وتعملون كما عملوا. حتى تنور قلوبكم فيغنيكم عن الكتابة. وقد كره عمر بن
الخطاب رضي الله عنه ذلك، وقال : لا يكتب كتاب مع كتاب الله .اهـ[1]
قال البيهقي – بعد إخراج
الأثرين عن أبي سعيد الخدري – : هاتان
الروايتان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري تدلان على أن النهي عن الكتابة إنما وقع
خشية أن يخلط، بكتاب الله عزّ وجلّ شيء .اهـ[2]
ثانيا : عدم الحاجة :
وهو الاستغناء بالحفظ عن الكتابة
قال ابن بطال أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك ( ت : 449 ) : وإنما كره كتابه من كرهه، لأنهم كانوا حفاظا .اهـ[3]
يضاف إليه قصر الإسناد
قال الخطيب : وأمر الناس بحفظ السنن إذ الإسناد قريب والعهد غير بعيد
ونهي عن الاتكال على الكتاب لأن ذلك يؤدي إلى اضطراب الحفظ حتى يكاد يبطل وإذا عدم
الكتاب قوي لذلك الحفظ الذي يصحب الإنسان في كل مكان .اهـ[4]
وهذه المعاني غير
موجودة بعدهم : الموانع منتفية، و الحاجة – بل الضرورة – قائمة
قال الخطيب : ثم
هو يخبر أنهم كانوا يكتبون القرآن والتشهد وفي ذلك دليل أن النهي عن كتب ما سوى
القرآن إنما كان على الوجه الذي بيناه
من أن يضاهى بكتاب الله تعالى غيره
وأن يشتغل عن القرآن بسواه
فلما أمن ذلك ودعت الحاجة إلى كتب العلم لم
يكره كتبه كما لم تكره الصحابة كتب التشهد ولا فرق بين التشهد وبين غيره من العلوم
في أن الجميع ليس بقرآن ولن يكون كتب الصحابة ما كتبوه من العلم وأمروا بكتبه إلا
احتياطا كما كان كراهتهم لكتبه احتياطا، والله أعلم .اهـ[5]
ثم الحفظ لا يعد كافيا مستغنيا به عن الكتابة،
فلولا الكتابة لدرس وذهب، فتعيّن وصار واجبا لا مباحا
قال الخطابي أبو سليمان حمد بن محمد ( ت : 388 ) : وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته بالتبليغ،
وقال ليبلغ الشاهد الغائب فإذا لم يقيدوا ما يسمعونه منه تعذر التبليغ ولم يؤمن
ذهاب العلم وأن يسقط أكثر الحديث فلا يبلغ آخر القرون من الأمة، و النسيان من طبع
أكثر البشر والحفظ غير مأمون عليه الغلط، وقد قال صلى الله عليه وسلم لرجل شكى
إليه سوء الحفظ استعن بيمينك [ سبق أنه لا يثبت ]، وقال اكتبوها لأبي شاه خطبة
خطبها فاستكتبها .اهـ[6]
قال إسحاق بن منصور الكوسج ( ت : 251 ) قال : قلت لأحمد [بن حنبل ( ت : 241 ) ] من كره كتابة العلم ؟
قال : كرهه قوم كثير، ورخّص فيه قوم، قلت له : فلو لم يكتب لذهب العلم ؟ قال : فلولا
كتابته أي شيء كنا نحن ؟
قال إسحاق [ بن راهويه ( 238 ) ] : كما قال. اهـ[7]
و
قد أرشد الله تعالى في كتابه إلى الكتابة لحفظ الحقوق
قال
الخطيب :
وقد أدّب الله سبحانه عباده بمثل ذلك في
الدين فقال عزّ وجلّ } ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط
عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا { [ البقرة : 282 ] فلما
أمر الله تعالى بكتابة الدين حفظا له واحتياطا عليه وإشفاقا من دخول الريب فيه كان
العلم الذي حفظه أصعب من حفظ الدين أحرى أن تباح كتابته خوفا من دخول الريب والشك
فيه
.اهـ[8]
وذلك لسببين :
الأول : تناقص الحفاظ
قال ابن بطال أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك ( ت : 449 )
: وإنما كره كتابه من كرهه، لأنهم كانوا حفاظا،
وليس كذلك من بعدهم، فلو لم يكتبوه ما بقي منه شيء لنبو طباعهم عن الحفظ، ولذلك
قال الشعبي : إذا سمعت شيئا فاكتبه ولو في
الحائط .اهـ[9]
وهذا
سبب جمع القرآن بين دفتين : تناقص الحفاظ
فما
فعله الصحابة في جمع القرآن هو نفسه ما فعله من بعدهم مع السنة
الثاني : طول الإسناد
بوّب
ابن عدي لأحاديث
النهي بـ : من
كان يأخذ منهم بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره حفظا عند قصر الإسناد. اهـ[10]
و
بوّب لأحاديث الإباحة بـ : استئذانهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتبوا عنه، وإذنه لهم لما كثر، ومن دون بعدهم
لما طال الإسناد .اهـ[11]
قال الخطيب : إنما اتسع الناس في كتب العلم
وعولوا على تدوينه في الصحف بعد الكراهة لذلك، لأن الروايات انتشرت، والأسانيد
طالت، وأسماء الرجال وكناهم وأنسابهم كثرت، والعبارات بالألفاظ اختلفت، فعجزت
القلوب عن حفظ ما ذكرنا وصار علم الحديث في هذا الزمان أثبت من علم الحافظ مع رخصة
رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن ضعف حفظه في الكتاب وعمل السلف من الصحابة
والتابعين ومن بعدهم من الخالفين بذلك. اهـ[12]
قال عياض : ودعت إليه الضرورة،
لانتشار الطرق، وطول الأسانيد، واستنباط المقالات، وكثرة النوازل، مع قلة الحفظ
وكلال الفهم. اهـ[13]
الخلاف ثابت عن
السلف في كتابة الحديث، وقد جمع الخطيب في تقييد العلم الآثار عن الصحابة و
التابعين، لكن استقر الإجماع على جوازه واستحبابه بل و على كتابة كلام السلف من
التابعين و من بعدهم، بل وكتابة العلم كله، ولا يبعد أن يحكم بوجوبه إذ كان حفظ
الدين لا يتم إلا به، فلو لم يدل النص عليه فالمصلحة المرسلة تقتضيه وتوجبه،
وكراهة السلف لهم لعدم وجود المقتضي لأنهم استغنوا بالحفظ عن الكتابة و قيام
المانع و هو الاختلاط بالقرآن أو الاشتغال بـ "السنة" عن القرآن.
[1] ترتيب المدارك 3
/ 135
[2] المدخل 2 / 831
[3] شرح صحيح البخاري 1 / 187 – 188
[4] تقييد العلم 58
[5] تقييد العلم 93 – 94
[6] معالم السنن ( شرح سنن أبي
داود ) و المعلم بفوائد مسلم – لخص كلام
الخطابي – 3 / 385
[7] مسائل الكوسج
عن أحمد وإسحاق 9 / 4655 –
6456 – مسألة : 3312 ، 3313 وعنه : جامع
بيان العلم وفضله 1 / 329 – أثر : 431 ، تقييد العلم 115 ليس فيه كلام إسحاق
[8] تقييد العلم 70 – 71
[9] شرح صحيح البخاري 1 / 187 – 188
[10] الكامل في 1 / 96
[11] الكامل في 1 / 97
[12] تقييد العلم ص
64 – 65
[13]
إكمال المعلم بفوائد مسلم 4
/ 474
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق