الأربعاء، 31 مايو 2023

النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 24

النبوات وفضائل نبينا محمد 24

النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 24

✍بوعلام محمد بجاوي

الحديث الثالث : ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات

وعنه [ أبو هريرة ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من الأنبياء من نبي إلا قد أُعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحى الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم ‌تابعا ‌يوم القيامة

المسألة الأولى : سند الحديث

البخاري (4981) حدثنا ‌عبد الله بن يوسف حدثنا ‌الليث [ بن سعد ] حدثنا ‌سعيد المقبري عن ‌أبيه عن ‌أبي هريرة

البخاري (7274) حدثنا ‌عبد العزيز بن عبد الله حدثنا ‌الليث

مسلم 239 - (152) حدثنا ‌قتيبة بن سعيد حدثنا ‌ليث. وعن قتيبة أخرجه النسائي في الكبرى (7923 ، 11064)

قال ابن منده أبو عبد الله محمد بن إسحاق ( ت : 395) : هذا حديث مجمع على صحته من حديث الليث، رواه ابن يوسف وجماعة .اهـ[1]

المسألة الثانية : متن الحديث

تضمن الحديث معنين، أحدهما تابع للآخر أو فرع عنه أو نتيجة له، وقد يضاف إليها معنى ثالث

المعنى الأول : معجزة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن

وهو من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم التي خصّ بها عن سائر الأنبياء ووجه الاختصاص :

القرآن نفسه معجزة أو آية : ومعجزته في بيانه، وقد تحدى الله به قريشا أن يأتوا بسورة أو آية مثله، وإن كان تضمن من الحقائق ما يدلّ على أنه من عند الله، قصص الأولين، الخلق ...

وهذا بخلاف الأنبياء قبله، فإنهم وإن أوحي إليهم لكن لم يكن الوحي نفسه معجزة ودليلا على صدقهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينفرد بالوحي إليه، لكن انفرد بالوحي الـمُعجَز، هذا معنى الحديث والله أعلم

هذه المعجزة أو الآية باقية ما بقي الليل والنهار : أشار صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى بقوله "فأرجو أن أكون أكثرهم ‌تابعا ‌يوم القيامة"

فمعجزات الأنبياء قبله انقرضت بموتهم، ومعجزة النبي صلى الله عليه وسلم باقية إلى يوم يبعثون

ولايفهم من الحديث أن النبي لم يؤت من المعجزات المادية، كانشقاق القمر ونحوها

قال القرطبي : وقوله: "ما من الأنبياء نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا" يعني : أن كل رسول أُيّد بمعجزة تدلّ على صحة رسالته، فيظهر صدقه، وتثبت حجته، كما قد علم من أحوالهم، بما أخبرنا الله به وبيّنه عنهم، غير أن معجزاتهم تنقرض بانقراضهم، فلا يبقى منها بعدهم إلا الإخبار بها، وذلك قد يخفى مع توالي الأعصار.

ونبينا صلى الله عليه وسلم وإن كان قد أعطي من كل نوع من أنواع معجزات الأنبياء قبله، كما قد أوضحناه في كتابنا المسمى بـ "الإعلام بصحة نبوة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام"، لكنه فضل على جميعهم بالمعجزة العظمى الباقية ما بقيت الدنيا، وهي : الكتاب العزيز، الذي أعجزت السورة منه الجن والإنس أي تعجيز، فإعجازه مشاهد بالعيان، متجدد ما تعاقب الجديدان، فمن ارتاب الآن في صدق قوله، قيل له : فائت بسورة من مثله .اهـ[2]

المعنى الثاني : محمد صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تبعا

لما كانت معجزته صلى الله عليه وسلم باقية ظاهرة لطلاب الحق في كل زمان ومكان كثر أتباعه

قال القرطبي : ولما كانت هذه المعجزة قاطعة الظهور، مستمرة مدى الدهور، اشترك في معرفتها المتقدمون والمتأخرون، واستوى في معرفة صدق محمد صلى الله عليه وسلم السابقون واللاحقون، فدخل العقلاء في دينه دخولا متتابعا، وحقق الله تعالى له رجاءه، فكان أكثر الأنبياء تابعا .اهـ[3]

وفي هذا الحديث لم يقطع بأنه أكثر الأنبياء أتباعا، وفي أحاديث أخر أخبر أنه أكثرهم أتباعا ، أو ما يدل على ذلك مستعملا الصيغة نفسها "أرجو" :

الحديث الأول :

مسلم 330 - (196) حدثنا ‌قتيبة بن سعيد ‌وإسحاق بن إبراهيم [ ابن راهويه ] – قال قتيبة : حدثنا ‌جرير [ بن عبد الحميد ] – عن ‌المختار بن فلفل عن ‌أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا أول الناس يشفع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا

332 - (196) وحدثنا ‌أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا ‌حسين بن علي عن ‌زائدة [ بن قدامة ] عن ‌المختار بن فلفل قال : قال ‌أنس بن مالك : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أنا أول شفيع في الجنة، لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت، وإن من الأنبياء نبيا ما يصدقه من أمته إلا رجل واحد

سبق في الحديث قبله

الحديث الثاني :

البخاري (5705) حدثنا ‌عمران بن ميسرة حدثنا ‌ابن فضيل حدثنا ‌حصين عن ‌عامر عن ‌عمران بن حصين رضي الله عنهما قال : لا رقية إلا من عين أو حمة. فذكرته ‌لسعيد بن جبير، فقال : حدثنا ‌ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عرضت علي الأمم، فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط، والنبي ليس معه أحد، حتى رفع لي سواد عظيم، قلت : ما هذا ؟ أمتي هذه ؟ قيل : هذا موسى وقومه، قيل : انظر إلى الأفق، فإذا سواد يملأ الأفق، ثم قيل لي : انظر ها هنا، وها هنا، في آفاق السماء، فإذا سواد قد ملأ الأفق، قيل : هذه أمتك، ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفا بغير حساب.

ثم دخل ولم يبين لهم، فأفاض القوم وقالوا : نحن الذين آمنا بالله واتبعنا رسوله، فنحن هم، أو أولادنا الذين ولدوا في الإسلام، فإنا ولدنا في الجاهلية، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فخرج، فقال : هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون.

فقال عكاشة بن محصن : أمنهم أنا يا رسول الله ؟ قال : نعم.

فقام آخر فقال : أمنهم أنا ؟ قال : سبقك عكاشة.

مسلم 374 - (220) حدثنا ‌سعيد بن منصور حدثنا ‌هشيم أخبرنا ‌حصين بن عبد الرحمن قال : كنت عند ‌سعيد بن جبير، فقال : أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة ؟ قلت : أنا، ثم قلت : أما إني لم أكن في صلاة، ولكني لدغت، قال : فماذا صنعت ؟ قلت : استرقيت، قال: فما حملك على ذلك ؟ قلت : حديث حدثناه ‌الشعبي ، فقال: وما حدثكم الشعبي؟ قلت: حدثنا عن ‌بريدة بن حصيب الأسلمي أنه قال : ‌لا ‌رقية إلا من عين أو حمة، فقال : قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن حدثنا ‌ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عرضت علي الأمم ...

375 - (220) حدثنا ‌أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا ‌محمد بن فضيل عن ‌حصين عن ‌سعيد بن جبير حدثنا ‌ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عرضت علي الأمم. ثم ذكر باقي الحديث نحو حديث هشيم، ولم يذكر أول حديثه

النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 25

النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 01

صفحة السيرة


[1] الإيمان ص : 487 – حديث : 372

[2] المفهم 6 / 50

[3] المفهم 6 / 50

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق