الأربعاء، 3 مايو 2023

النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 20

النبوات وفضائل نبينا محمد 20
النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 20

✍بوعلام محمد بجاوي

النبي صلى الله عليه وسلم ذكر احتمالين :

الأول : أن موسى صعق ثم بعث قبله صلى الله عليه وسلم

وهنا يحصل التعارض مع قوله "أول من يبعث" و "أول من ينشق عنه القبر"؛ لأن موسى عليه السلام مات ودفن

الآخر : أنه لم يصعق

ويكون قوله "أول من ينشق عنه القبر" بالنسبة لمن صعق بنفخة الإماتة أو مات قبلها دون من لم يصعق

حمل الحديث على : قبل علم النبي بأنه أول من ينشق عنه القبر

وحمل بعضهم الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم تردّد لأنه لم يعلم بعدُ بأنه أوّل من ينشق عنه القبر، فليس يتعارض كون موسى عليه السلام آخذا بقائمة من قوائم العرش وبين أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أوّل من ينشق عنه القبر، لا يلزم من رؤيته موسى كذلك أن يكون خرج من القبر قبله

حمل الحديث على عدم الخصوصية :

ويحتمل أن المقصود بالحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم من الزمرة الذين هم أول من ينشق عنهم القبر – ومنهم موسى عليه السلام وجميع الأنبياء –، فلا خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم في هذا بدليل قوله في رواية "‌فأكون ‌أول ‌من بعث. أو في أول من بعث"

والشك – هنا – من الراوي

قال القاضي عياض بن موسى اليحصبي ( ت : 544 ) : وأما قوله : "فلا أدرى أفاق قبلي" :

فيحتمل أن يكون قبل أن يعلم أنه أول من تنشق عنه الأرض إن حمل اللفظ على ظاهره وانفراده بذلك وتخصيصه

وإن [ لم[1] ] يحمل على أنه من الزمرة الذين هم أوّل من تنشق عنهم الأرض، لا سيما على رواية أكثرهم بزيادة قوله "أو في أول من يبعث"، فيكون موسى – أيضا - من تلك الزمرة، وهي - والله أعلم - زمرة الأنبياء .اهـ[2]

إشكال :

لكن إذا حمل الحديث على نفخة الإماتة كما تدل عليه صراحة رواية "فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث فإذا موسى آخذ بالعرش فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور أم بعث قبلي" ورواية "فأكون أول من تنشق عنه الأرض، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق، أم حوسب بصعقة الأولى"

توجه السؤال :

موسى عليه السلام توفاه الله تعالى فلا يُتصور الاحتمالان :

الصعق عند النفخة الأولى : لأنه لم يكن حيا حتى يصعق

عدم الصعق : للمعنى نفسه لأنه عند النفخة ميت

قال القرطبي أبو العباس : وقوله "فلا أدري أحوسب بصعقة الطور، أو بعث قبلي" هذا مشكل بالمعلوم من الأحاديث الدَّالة على أن موسى عليه السلام قد توفي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رآه في قبره، وبأن المعلوم المتواتر أنه توفي بعد أن ظهر دينه، وكثرت أمَّته، ودفن بالأرض.

ووجه الإشكال : أن نفخة الصَّعق إنما يموت بها من كان حيًّا في هذه الدار، فأمَّا من مات فيستحيل أن يموت مرة أخرى؛ لأنَّ الحاصل لا يستحصل ولا يبتغى، وإنما ينفخ في الموتى نفخة البعث، وموسى قد مات، فلا يصحُّ أن يموت مرَّة أخرى، ولا يصحُّ أن يكون مستثنى ممن صُعق؛ لأنَّ المستثنيين أحياء لم يموتوا، ولا يموتون، فلا يصحُّ استثناؤهم من الموتى .اهـ[3]

أجيب عنه :

موسى عليه السلام لم يمت :

وهذا بعيد

قال القاضي عياض : وقد قال بعضُهم : يحتمل أن موسى لم يَمُت وأنَّه حيّ، فتكون صلاته حقيقة كصلاة عيسى بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : أكون أول من تنشق عنه الأرض، فإذا موسى آخذ بساق العرش، فلا أدرى أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور" لكن يرد هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم : "يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر"، والقبر لا يكون إلا للميت، والحديث الوارد في قصة وفاته وخبره مع ملك الموت .اهـ[4]

البخاري (1339،3407) مسلم 157 ، 158- (2372) من طريق : ‌عبد الرزاق أخبرنا ‌معمر عن ‌ابن طاووس عن ‌أبيه عن ‌أبي هريرة رضي الله عنه قال : أرسل ملك الموت إلى موسى – عليهما السلام –، فلما جاءه صكّه، فرجع إلى ربه، فقال : أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، فرد الله عليه عينه، وقال : ارجع، فقل له يضع يده على متن ثور، فله بكل ما غطت به يده بكل شعرة سنة. قال : أي رب، ثم ماذا ؟ قال : ثم الموت. قال: فالآن، فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر. قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلو كنت ثمّ لأريتكم قبره، إلى جانب الطريق، عند ‌الكثيب ‌الأحمر.

مسلم 165 - (2375) حدثناه ‌أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا ‌عبدة بن سليمان عن ‌سفيان عن ‌سليمان التيمي سمعت ‌أنسا يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مررت على موسى وهو يصلي في قبره". وزاد في حديث عيسى: مررت ليلة أسري بي

المقصود نفخة تكون يوم القيامة يصعق فيها الناس، كما في أكثر الروايات

قال القاضي عياض : ويحتمل أن المراد بهذه الصعقة صعقة فزع بعد النشر حين تنشق السماوات والأرضون فتستقل معاني الأحاديث والآيات وتطرد على الوجه المفهوم.

وقوله : "أفاق" : يدل غير صعقة موت؛ لأنه إنما يقال أفاق من الغشي، وبُعث من الموت. وصعقة الطور لم تكن موتا.

وقد ذهب إلى هذا بعض المتأولين، وقال الداودي عن بعضهم نحوه : إن هذه الصعقة في الموقف وأن المستثنى منها الشهداء، وقال : وهذا بعيد أن تصعق الأنبياء وهم أكرم .اهـ[5]

قوله الشهداء والأنبياء لم يصعقوا يُبقي على الإشكال، يتعارض مع إفاقة النبي صلى الله عليه وسلم أي أنه صعق والجميع يصعق فيكون موسى أول من يفيق أو ممن استثنى الله، وأول من ينشق عنه القبر بعد نفخة الإحياء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فتستقيم الأحاديث  



[1] زيادة للتوضيح أي الحالة الأولى : حمل الحديث على ظاهره : وهو الخصوصية الأخرى : حمل الحديث على غير الخصوصية

[2] إكمال المعلم بفوائد مسلم 7 / 357

[3] المفهم 6 / 232

[4] المفهم 1 / 524

[5] إكمال المعلم بفوائد مسلم 7 / 357


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق