الاثنين، 5 نوفمبر 2018

الموعظة بالإسلام 08

الموعظة بالأسلام 08

الموعظة بالإسلام 08

بوعلام محمد بجاوي

خلاصة الكلام عن حديث أبي هريرة " و ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا و هو عجب الذنب"
ذهب جماعة إلى تخصيص الحديث بـ "الأنبياء" و "الشهداء"
اعتمادا على الأحاديث والآثار السابقة
قال ابن عبد البر أبو عمر يوسف بن عبد الله ( ت : 463 ) : وظاهر هذا الحديث وعمومه يوجب أن يكون بنو آدم كلهم في ذلك سواء إلا أنه قد روي في : أجساد الأنبياء والشهداء
أن الأرض لا تأكلهم، وحسبك ما جاء في شهداء أحد وغيرهم – وقد ذكرنا ذلك فيما مضى من كتابنا –، وهذا يدل على أن هذا لفظ عموم ويدخله الخصوص من الوجوه التي ذكرنا فكأنه قال : كل من تأكله الأرض فإنه لا تأكل منه عجب الذنب، وإذا جاز أن لا تأكل الأرض عجب الذنب جاز أن لا تأكل الشهداء وذلك كله حُكْم الله وحِكمته، وليس في حكمه إلا ما شاء لا شريك له، وإنما نعرف من هذا ما عرفنا به ونسلم له إذ جهلنا علته لأنه ليس برأي ولكنه قول من يجب التسليم له صلى الله عليه وسلم ... وأما قوله "منه خلق وفيه يركب" : فيدلّ على أنه ابتدأ خلقه وتركيبه من عجب ذنبه والله أعلم، وهذا لا يدرك إلا بخبر، ولا خبر فيه عندنا مفسر، وإنما هي جملة ما جاء في هذا الخبر وأما خلق آدم صلوات الله عليه وعلى سائر أنبياء الله فروي في خلقه آثار كثيرة في ظاهر بعضها اختلاف .اهـ[1]
والأقرب : الحديث على عمومه
المرفوع : لا يصح
الوقائع : ما صحّ منها قضايا أعيان لا يمكن أن تعمم، و ليس فيها أن الأجساد لا تبلى بعد ذلك، و في حديث  جابر عند البخاري :  "فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته هنية غير أذنه" استثنى أذنه رضي الله عنه
قال ابن أبي العز الحنفي محمد بن عليّ ( ت : 792 ) : وأما الشهداء : فقد شوهد منهم بعد مدد من دفنه كما هو لم يتغير، فيحتمل بقاؤه كذلك في تربته إلى يوم محشره، ويحتمل أنه يبلى مع طول المدة، والله أعلم.
وكأنه - والله أعلم - كلما كانت الشهادة أكمل، والشهيد أفضل، كان بقاء جسده أطول. اهـ[2]
ويروى في غير الأنبياء و الشهداء :
المؤذن المحتسب : [ لا يصح فيه شيء ]
الطبراني في الكبير ( 12 / 422 – حديث : 13554 ) حدثنا أحمد بن الجعد الوشاء "ثنا" محمد بن بكار "ثنا" محمد بن الفضل عن سالم الأفطس عن مجاهد عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المؤذن المحتسب كالشهيد يتشخط في دمه حتى يفرغ من أذانه، ويشهد له كل رطب ويابس وإذا مات لم يدود في قبره
قال الهيثمي أبو الحسن علي بن أبي بكر ( ت : 807 ) : رواه الطبراني في الكبير، وفيه محمد بن الفضل القسطاني، ولم أجد من ذكره. اهـ[3]
الطبراني في الكبير ( 13 / 453 – حديث : 14311 – تتمة ت : فريق من الباحثين ) حدثنا أحمد بن محمد الجمال الأصبهاني "ثنا" إسماعيل بن يزيد القطان "ثنا" إبراهيم بن رستم "ثنا" قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المؤذن المحتسب كالشهيد المتشحط في دمه، إذا مات لم يدود في قبره
قال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير، وفيه إبراهيم بن رستم وهو مختلف في الاحتجاج به، وفيه من لم تعرف ترجمته .اهـ[4]
وأخرجه في الأوسط ( 1221 ) حدثنا أحمد [ بن محمد بن الجهم السمري ] " نا" يوسف بن موسى القطان "نا" إبراهيم بن رستم عن قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المؤذن المحتسب كالشهيد المتشحط في دمه، يتمنى على الله ما يشتهي بين الأذان والإقامة
قال : لم يرو هذا الحديث عن سالم إلا قيس، تفرد به : إبراهيم
قال القرطبي : فظاهر هذا أن المؤذن المحتسب لا تأكله الأرض أيضا .اهـ[5]
عبد الرزاق ( 1860 ) عن [ عبد الوهاب ] ابن مجاهد [ بن جبر ] عن أبيه قال : المؤذنون أطول الناس أعناقا، يوم القيامة، ولا يدودون في قبورهم
عبد الوهاب بن مجاهد : متروك[6]
حامل القرآن : [ غريب ]
قال السيوطي عبد الرحمن بن أبي بكر ( ت : 911 ) : وأخرج ابن منده عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات حامل القرآن أوحى الله إلى الأرض أن لا تأكلي لحمه فتقول الأرض أي رب كيف آكل لحمه وكلامك في جوفه
قال ابن منده : وفي الباب عن أبي هريرة وعبد الله بن مسعود .اهـ[7]
ابن منده هو : أبو القاسم عبد الرحمن ( ت : 470 ) و أبوه : ابن منده أبو عبد الله محمد بن إسحاق صاحب التصانيف ( ت : 395 ) ، و كتابه : "الأحوال ( الأهوال ) والإيمان بالسؤال[8]"
وعزاه المتقي الهندي علي بن حسام الدين ( ت : 975 ) في كنز العمال ( 2488 ) إلى الديلمي : عن جابر
من لم يعمل خطيئة : [ بلاغ قتادة ]
قال السيوطي : وأخرج [ أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد ] المروزي[9] [ في الجنائز ] عن قتادة [ بن دعامة السدوسي ] قال : بلغني أن الأرض لا تسلط على جسد الذي لم يعمل خطيئة .اهـ[10]
الحكمة من الإبقاء على "عجب الذنب"
قال ابن الجوزي أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ( ت : 579 ) : فإن قال قائل : فما فائدة إبقاء هذا العظم دون سائر الجسد ؟
فقد أجاب ابن عقيل [ أبو الوفاء علي بن عقيل ( ت : 513 ) ] فقال : لله سبحانه في هذا سرّ لا نعلمه، لأن من ينحت الوجود من العدم لا يحتاج أن يكون لفعله شيء يبنى عليه، فإن علم هذا، فيجوز أن يكون الباري سبحانه جعل ذلك للملائكة علامة على أنه يحيي كل إنسان بجواهره بأعيانها، ولا يحصل العلم للملائكة بذلك إلا بإبقاء عظم من كل شخص ليعلم أنه إنما أراد بذلك إعادة الأرواح إلى تلك الأعيان التي هذا جزء منها، كما أنه لما أمات عزيرا وحماره، أبقى عظام الحمار وكساها ليعلم أن هذا المنشأ ذلك الحمار لا غيره، ولولا إبقاء شيء لجوزت الملائكة أن تكون الإعادة للأرواح إلى أمثال الأجساد لا إلى أعيانها .اهـ[11]
والحكمة من الإبقاء على عجب الذنب مما لا يدرك إلا بالخبر عن الله ولا خبر، و المعنى الذي ذكره ابن عقيل قريب، و فيه بيان قدرة الله في إحياء نفس الأجساد التي أكلتها الأرض لا خلق أجساد أخرى كما في الإبقاء على عظم الحمار } أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { [ البقرة 259 ]، و لا معنى لإقحام الملائكة. 


[1] التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 18 / 173 – 175
[2] شرح الطحاوية 401 – ط : الأوقاف
[3] مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 2 / 3
[4] مجمع الزوائد 2 / 3
[5] التذكرة 449
[6] ميزان الاعتدال 2 / 682 – 683 – ترجمة : 5324
[7] شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور
[8] سماه السيوطي في شرح الصدور في ثلاثة مواضع "الأحوال والإيمان بالسؤال" و في الحبائك في أخبار الملائك ص 50 : "الأهوال" بدل "الأحوال"
[9] أكثر السيوطي النقل عن المروزي في الجنائز و حمله عبد السلام اللقاني ت : 1078 في حاشيته على شرح الصدور "نثر الزهور على حاشية الصدور" – وتبعه محقق طبعة دار المنهاج - على : محمد بن خلف بن عبد السلام المروزي وتعقبهما عبد الحكيم الأنيس في بحث على "موقع الألوكة" : من المروزي مؤلف كتاب الجنائز؟ و حمله على أبي بكر أحمد بن علي بن سعيد المروزي ( ت : 292 ) .و عمدته مشيخة أبي عبد الله الرازي  : وكتاب "الجنائز" للقاضي أبي بكر أحمد بن علي بن سعيد المروزي جزءان. اهـ ص : 119
[10] شرح الصدور
[11] كشف المشكل من حديث الصحيحين 3 / 454

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق