الخميس، 30 أغسطس 2018

شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 05

شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 05

شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 05

✍بوعلام محمد بجاوي
و القاضي جمع بين "الفرض" و "الواجب"
قال "فريضة واجبة"
يحتمل :
  • أنه أراد التأكيد بالمرادف
لأن "الفرض" من عبارات الواجب كما سبق
  • أنه أراد اعتبار مذهب المخالف
في التفريق بين "الفرض" و "الواجب" بأن الأول خاصّ بما كان مقطوع الوجوب – دليل وجوبه قطعي أو مجمعا على وجوبه – يكفر مخالفه، ووجوب الطهارة من الواجب المقطوع به، وعند غيرهم يطلق كل منهما على اللازم مطلقا
فهو :
"فرض"  عند الأحناف
"واجب" – وهو "فرض" أيضا لأن اللفظين مترادفان – عند الجمهور
قال المازري أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر ( 536 ) : إنما كررهما :
لاختلاف الناس فيهما هل هما بمعنى واحد أو بمعنيين ؟
فذهبت طائفة من أهل الأصول إلى أن "الواجب" دون "الفرض" ، وفسّر بعضهم ذلك : بأن "الواجب" لا يكفر المخالف فيه، و "الفرض" يكفر المخالف فيه. وهذه طريقة أصحاب أبي حنيفة ... فلأجل هذا الاختلاف بين هذين اللفظتين كررهما t ليجمع بين المذهبين وهذا من حذقه. اهـ[1]
ثم ذكر إشكالا على هذا التوجيه : كان يكفيه الاقتصار على "الفرض" لأنه يصدق على المقطوع به عند الجميع
و أجاب عنه بأن "الفرض" ليس صريحا في الإلزام  فقد يراد به "التقدير" – المعنى اللغوي – فاحتاج إلى التأكيد بلفظ "الواجب"
قال : فإن قيل فهلا اقتصر على قوله "فريضة" لأن "الفرض" لا اختلاف فيه [ يصدق على المقطوع به عند الجميع ]، وإنما الاختلاف في الواجب [ هل يصدق على المقطوع به أم هو خاص بالمظنون ] ؟
قيل : قد قدمنا أن أصل "الفرض" في اللغة "التقدير" ، واستعماله في هذا المعنى ليس بغريب، وقد حمل من ذهب من أصحابنا إلى أن زكاة الفطر ليست بواجبة قوله : فرض رسول الله r منه زكاة الفطر على معنى : قدّر. فقصد – رحمه الله – إزالة هذا الاحتمال بما أورده من التأكيد بـ "الوجوب". اهـ[2]
ويمكن الجواب عنه بأن الأصل والغالب استعمال "الواجب" في الإلزام، فلم يسعه تركه، ثم ذكر "الفرض" لأن المخالف يخصّ "الواجب" بالمظنون، و وجوب الطهارة مقطوع به   
  • ويحتمل – ولعه الأقرب – أنه أراد المعنى اللغوي
بمعنى : قدره الله واجبا
قال في تعريف "الفرض" لغة : و "الفرض" عندهم له معنيان :
أحدهما : التقدير
من قولهم "فرض القاضي على فلان نفقة زوجه"، يريد قدّرها لأنها واجبة بإيجاب الله تعالى، ومنه قوله تعالى } وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم { [ البقرة 235 ] أي قدّرتم لهنّ مهرا
والآخر :  الثبوت
من قولهم "فرض عطاء الجند" أي أثبت، و قولهم "الفرضة" للموضع الذي ترقى إليه السفن، فشبّه الواجب بذلك
ومن "فرض الخياط الثوب"إذا قدّره، وقيل له مفروض الثبوت .اهـ[3]
واقتصر في "المعونة" على المعنى الأول
قال : وأصل الفرض عندهم : التقدير، ومنه "فرض القاضي" أي تقديره ومنه قوله تعالى } فنصف ما فرضتم { [ البقرة 235 ] وقوله: } قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ { أي قدّر [ التحريم 2 ] .اهـ[4]
وقد يكون الواجب شرطا أو ركنا لا يسقط بالنسيان و قد يسقط به بجابر كسجود السهو في الصلاة و الدم في الحج أو بغير جابر كالفور أو الموالاة في الوضوء عند من قال بوجوبه
والطهارة للصلاة من النوع الأول : يثاب فاعلها و يستحق العقاب تاركها، و هي أيضا شرط صحة، فلا تصح الصلاة إلا بها و لو كان تركها عن نسيان
قال تعالى}   يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ { [ المائدة 6 ]
و المقصود : إذا قمتم إلى الصلاة محدثين أو إذا قمتم من النوم، فلا يشترط الوضوء لكل صلاة لقوله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ [ خ / 135 ، 6954 – م / 225 ]
الموطأ : مالك عن زيد بن أسلم أن تفسير هذه الآية } يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين { [ المائدة : 6 ] أن ذلك إذا قمتم من المضاجع، يعني النوم.اهـ[5]
فلا يشترط الطهارة لكل صلاة و لكن على المحدث
و الأصل في نفي "القبول" نفي الإجزاء و الصحة – كما في هذا الحديث اتفاقا –، و قد يراد به نفي الجزاء و الثواب 




[1] شرح التلقين 1 / 119
[2] شرح التلقين 1 / 119 – 120
[3] مقدمة في الأحكام 232 – 233
[4] المعونة 3 / 1693
[5] الموطأ 1 / 111 أثر 44 – ط : المجلس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق