الرياض المزهرات في شرح البردة والمعلقات 21
✍بوعلام محمد بجاوي
ولهم قضايا يدندنون حولها :
وألّف ابن قتيبة "تأويل مختلف الحديث"
للرد على هذه الدعاوى والاتهامات، كما ألّف "تأويل مشكل القرآن"
لردّ الطعون في القرآن، ولكنّ الرجل لم يكن من أهل الحديث المميزين لصحيحه من
سقيمه، فأورد أحاديث واهية
قال المعلمي عبد
الرحمن بن يحيى ( ت : 1386 ) :
ابن قتيبة
وابن النديم لا شأن لهما بمعرفة الرواية والخطأ والصواب فيها وأحوال الرواة
ومراتبهم، وإنما فن ابن قتيبة معرفة اللغة والغريب والأدب ... .اهـ[1]
تناقض الأحاديث : المذاهب الفقهية والفرق الكلامية : كل مذهب يستدل
لرأيه ومذهبه بالسنة
قال ابن قتيبة : أسعدك الله تعالى بطاعته، وحاطك بكلاءته، ووفقك
للحق برحمته وجعلك من أهله، فإنك كتبت إلي تعلمني ما وقفت عليه من ثلب أهل الكلام
أهل الحديث وامتهانهم، وإسهابهم في الكتب بذمهم ورميهم بحمل الكذب ورواية المتناقض
حتى وقع الاختلاف وكثرت النحل وتقطعت العصم وتعادى المسلمون وأكفر بعضهم بعضا
وتعلق كل فريق منهم لمذهبه بجنس من الحديث ... .اهـ[2]
وذكر أمثلة
اتهام أبي هريرة : لكثرة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مع
أنه لم يلازمه إلا أربع سنوات
قال ابن قتيبة عنهم : ويحتجون بحديث أبي هريرة فيما لا يوافقه
عليه أحد من الصحابة، وقد أكذبه عمر وعثمان وعائشة .اهـ[3]
وهذا يدندن حوله خلفهم في هذا الزمان كثيرا، حتى ألّف
بعضهم كتابا في الذب عن أبي هريرة "أبو هريرة راوية الإسلام"[4]
مخالفة أحاديث للعلم :
قال
ابن قتيبة
عنهم : ومع روايتهم كل سخافة تبعث على الإسلام الطاعنين، وتضحك منه
الملحدين، وتزهد من الدخول فيه المرتادين، وتزيد في شكوك المرتابين كـ : ... "إذا وقع الذباب في الإناء، فامقلوه فإن في أحد جناحيه سما، وفي
الآخر شفاء وأنه يقدم السم، ويؤخر الشفاء[5]"، و"أن الإبل خلقت من الشيطان[6]"
.اهـ[7]
وأكثر
الأمثلة من الموضوع والضعيف
اتهام رواة الأحاديث بالجهل :
قال
ابن قتيبة
عنهم : قالوا: وهم مع هذا أجهل الناس بما يحملون، وأبخس الناس حظا فيما
يطلبون، وقالوا في ذلك :
زوامل للأشعار، لا علم عندهم ... بـجــــــــيدها إلا كعـلم الأبـاعر
لعمرك ما يدري البعير إذا غــدا … بأحماله أو راح ما في الغرائر
قد
قنعوا من العلم برسمه، ومن الحديث باسمه.
ورضوا
بأن يقال : فلان عارف بالطرق، وراوية للحديث. وزهدوا في أن يقال: عالم بما كتب، أو
عامل بما علم ... وكلما كان المحدث أموق[8] كان عندهم أنفق، وإذا كان كثير اللحن والتصحيف،
كانوا به أوثق، وإذا ساء خلقه، وكثر غضبه، واشتد حدة وعسرة في الحديث، تهافتوا
عليه .اهـ[9]
ثانيا : شروط الناظر في الكتاب
وذلك أن العلم رُتب لا بد أن تحترم، فتصور المسائل يسبق
الحكم عليها، والتقليد في الحكم ابتداء يسبق النظر في الأدلة والترجيح، وبعض
العلوم مقدمات لعلوم أخرى، فيقدم العلم الذي هو مقدمة لغيره عليه، فالنظر في
الأدلة والترجيح يسبقه العلم الذي يعنى بالأدلة وطرق الاستدلال والترجيح
الإعراب والصرف :
على الناظر في الكتاب أن يكون له حظ من علم الإعراب الذي
محله آخر الكلمة، وعلم الصرف الذي محله الكلمة نفسها
قال ابن قتيبة في مقدمة "تأويل مشكل القرآن"
في فضل لسان العرب على غيره : ولها الإعراب الذي جعله الله وشيا لكلامها، وحلية
لنظامها، وفارقا في بعض الأحوال بين الكلامين المتكافئين، والمعنيين المختلفين
كالفاعل والمفعول، لا يفرق بينهما، إذا تساوت حالاهما في إمكان الفعل أن يكون لكل
واحد منهما إلا بالإعراب .اهـ[10]
قال : وليست كتبنا هذه لمن لم يتعلق من الإنسانية إلا
بالجسم، ومن الكتابة إلا بالاسم، ولم يتقدم من الأداة، إلا بالقلم والدواة، ولكنها
لمن شدا شيئا من الإعراب، فعرف الصدر والمصدر والحال والظرف، وشيئا من التصاريف
والأبنية، وانقلاب الياء عن الواو، والألف عن الياء، وأشباه ذلك .اهـ[11]
قوله "ولم يتقدم من الأداة، إلا بالقلم والدواة" ليس من حصل
قلما ومحبرة أهلا أن ينظر في الكتاب حتى يجمع ما يأتي في تتمة كلامه
الإعراب :
في اللغة[12] : البيان، تقول أعربت بمعنى أبنت
وقيل : إزالة الفساد والهمزة في أوله همزة السلب، تقول
عربت معدته فسدت
وفي الاصطلاح : تغيير أواخر الكلم – وهي الأسماء المتمكنة[13]
والأفعال المضارعة – لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظا أو تقديرا
فعلى المعنى اللغوي الأول : الإعراب يبين المعنى، وعلى
الآخر يزيل اللبس
الرياض المزهرات في شرح البردة والمعلقات 22
الرياض المزهرات في شرح البردة والمعلقات 01
[1] التنكيل بما في
تأنيب الكوثري من الأباطيل 1 / 289
[2] تأويل مختلف
الحديث ص : 41 – دار ابن عفان
[3] تأويل مختلف
الحديث ص : 70
[4] المؤلف عجاج الخطيب رحمه الله
[5] عن أبي سعيد
الخدري عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله النسائي 7 / 178 ـ وابن ماجه 3505 عن أبي هريرة عن النبي صلى
الله عليه وسلم، قال : إذا وقع الذباب في
شرابكم، فليغمسه فيه، ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه داء، وفي الآخر شفاء
[6] أبو داود 184 ، 493 عن البراء بن
عازب، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل ؟ فقال : توضؤوا منها، وسئل عن لحوم الغنم ؟ فقال : لا توضؤوا
منها، وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل ؟ فقال : لا تصلوا في مبارك الإبل، فإنها من الشياطين، وسئل
عن الصلاة في مرابض الغنم ؟ فقال : صلوا فيها فإنها
بركة. ابن ماجه 769
عن
الحسن عن عبد الله بن مغفل المزني، قال : قال النبي صلى
الله عليه وسلم : صلوا في مرابض
الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل، فإنها خلقت من الشياطين واخرجه النسائي 2 / 56 وليس فيه
"فإنها خلقت من الشياطين"
[7] تأويل مختلف
الحديث ص : 62 – 70
[8] أحمق
[9] تأويل مختلف
الحديث ص : 71 – 74
[10] تأويل مشكل القرآن ص : 14 – 15 وذكر أمثلة
[11] أدب الكاتب ص : 15
[12] شرح الجواليقي ص : 46
[13] الاسم قد يبنى
لمشابهته الحرف، فالمتمكن لإخراج الأسماء المبنية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق