الأربعاء، 5 مايو 2021

بين يدي رمضان 24

بين يدي رمضان 24

✍بوعلام محمد بجاوي

خلاصة القول في تفسير آية الرعد :

الأقرب – و الله أعلم – أنها في نسخ القرآن أو الأحكام، و لم يذكر الشافعي غير هذين التفسيرين، مع أنهما متقاربان، و هو أصح ما روي عن ابن عباس، و لم يصحّ عن غيره من الصحابة خلافُ هذا التفسير، و به قال : قتادة و ابن جريج و مقاتل

قال البيهقي أبو بكر أحمد بن الحسين ( ت : 458 ) – عن هذا التفسير –  : هذا أصح ما قيل في تأويل هذه الآية، وأجراه على الأصول. وعلى مثل ذلك حملها الشافعي رحمه الله .اهـ[1]

الاحتمال الثاني : }من كل أمر{ متعلق بما بعده

أي "من كل أمر سلام" فهي سلام من جميع الشرور، و به يقول من جعل } سلام { مستقلة عن } من كل أمر { و هو الاحتمال الأول، فلا يختلفون في تفسير } سلام { لكن يختلفون في نزول الملائكة بالقضاء، فعلى القول بأن } سلام { متعلق بـ } من كل أمر { تنزل الملائكة أنفسهم بإذن ربهم

أو "من كل امرئ سلام" أي من كل ملك سلام على المؤمنين،  } سلام { معناه التسليم، أي نزول الملائكة بالتسليم

و في حكاية الطبري الخلاف[2] : من حمل } سلام { على "التسليم" هو من جعل } سلام { متعلق بما قبله } من كل أمر {

و هو ظاهر كلام الأنباري أبو بكر محمد بن القاسم ( ت : 328 ) : } من كل أمر { وقف حسن، ثم تبتدئ } سلام هي حتى مطلع الفجر { فترفع "السلام" بـ : هي. [ هي سلام حتى ]

وقال الفراء [ أبو زركريا يحيى بن زياد ( ت : 207 ) ] : حدثني أبو بكر بن عياش عن الكلبي [ أبي النضر محمد بن السائب ( ت : 146 ) ] عن أبي صالح [ باذام مولى أم هانئ ] عن ابن عباس أنه كان يقرأ : } من كل امرئ سلام [3]{. فعلى هذه القراءة الوقف على "السلام"، والمعنى "من كل امرئ من الملائكة سلام على المؤمنين والمؤمنات" و "السلام" من هذه القراءة مرفوع بـ "من[4]" و } هي { رفع بـ "حتى[5]" .اهـ[6]

فلا خلاف بين من حمل } سلام { على السلامة أن } من كل أمر { متعلق بـ } تنزل الملائكة { أي لا خلاف بينهم أن المقصود نزول الملائكة بالقضاء، و من حمله على "التسليم" المقصود نزول الملائكة بالسلام

و الكلام عن هذا الاحتمال في الآية بعدها

} سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) {

قال السمعاني أبو المظفر منصور بن محمد ( ت : 489 ) : } سلام هي { فيه قولان :

أحدهما : أن المراد منه تسليم الملائكة على من يذكر الله تعالى في تلك الليلة.

و القول الثاني : } سلام { أي : سلامة، و المعنى : أنه لا يعمل فيها داء و لا سحر و لا شيء من عمل الشياطين و الكهنة .اهـ[7]

التفسير الأول : تسليم الملائكة

} سلام { : متعلق بـ } من كل أمر { و يكون المعنى : من كل امرئ – أي ملك – سلام

و ليس يمتنع أن يقول بهذا التفسير – التسليم – من يجعل من كل أمر متعلق بما قبله

قال الطبري : و قال آخرون } تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم { : لا يلقون مؤمنا ولا مؤمنة إلا سلّموا عليه...

حدثت عن يحيى بن زياد الفراء [ معاني القرآن ( 3 / 280 ) و فيه : فهذا موافق لتفسير الكلبي، ولم يقرأ به أحد غير ابن عباس ] قال "ثني" أبو بكر بن عياش عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : أنه كان يقرأ: ( من كل امرئ سلام ) وهذه القراءة من قرأ بها وجه معنى ( من كل امرئ ) : من كل ملك، كان معناه عنده : تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل ملك يسلم على المؤمنين والمؤمنات

و لا أرى القراءة بها جائزة، لإجماع الحجة من القراء على خلافها، وأنها خلاف لما في مصاحف المسلمين، و ذلك أنه ليس في مصحف من مصاحف المسلمين في قوله ( أمر ) ياء، وإذا قرئت : ( من كل امرئ ) لحقتها همزة، تصير في الخط ياء.

و الصواب من القول في ذلك : القول الأول الذي ذكرناه قبل، على ما تأوله قتادة[8] .اهـ[9]

روي هذا التفسير – التسليم – عن :

الشعبي عامر بن شراحيل ( ت : 103 أو 104 ) [ لا يصح ] :

تفسير سعيد بن منصور ( 2498 ) "نا" هشيم [ بن بشير ] عن أبي إسحاق [ عبد الله بن ميسرة ] الكوفي عن الشعبي، قوله } مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) { قال : تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد حتى يطلع الفجر

أبو إسحاق الكوفي : عبد الله بن ميسرة يدلس هشيم اسمه، ضعيف، متروك[10]

منصور بن زاذان ( ت : 128 ) [ لا يصح ] :

تفسير سعيد بن منصور ( 2497 ) "نا" خلف بن خليفة قال سمعت منصور بن زاذان يذكر في قوله } تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) { قال : ليلة القدر، تنزل الملائكة في تلك الليلة من حيث ( حين ) تغيب الشمس إلى أن يطلع الغد، يمرون على كل مؤمن، و يلقون كل مؤمن : السلام عليك يا مؤمن، السلام عليك يا مؤمن

قال سعيد [ بن منصور ] : فقلت له : عن الحسن ؟ فقال : لا

خلف بن خليفة : سبق أنه اختلط

الخلاصة : الآثار كلها ضعيفة

بين يدي رمضان 25

بين يدي رمضان 01


[1] القضاء والقدر 217

[2] سبق نقل أول كلامه في الاحتمال الأول، و يأتي تتمته

[3] معاني القرآن 3 / 280

[4] } سلام { مبتدأ مؤخر، و } من كل أمر { جار ومجرور متعلق بخبر محذوف. ومذهب الجمهور أن عامل الرفع في المبتدأ الابتداء لا الخبر

[5] } هي { مبتدأ و } حتى مطلع { جار و مجرور متعلق بخبر محذوف

[6] إيضاح الوقف والابتداء 2 / 981 - 982

[7] تفسير السمعاني 6 / 262

[8] حمل } من كل أمر { على القضاء الكوني

[9] تفسير الطبري 24 / 547 – 548

[10] ميزان الاعتدال 2 / 511 – ترجمة : 4641

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق