بين يدي رمضان 24
✍بوعلام محمد بجاوي
خلاصة القول في تفسير آية الرعد :
الأقرب – و الله أعلم –
أنها في نسخ القرآن أو الأحكام، و لم يذكر الشافعي غير هذين التفسيرين،
مع أنهما متقاربان، و هو أصح ما روي عن ابن عباس، و لم يصحّ عن غيره من الصحابة
خلافُ هذا التفسير، و به قال : قتادة و ابن جريج و مقاتل
قال البيهقي أبو بكر أحمد بن الحسين ( ت : 458
) – عن هذا التفسير – : هذا أصح ما قيل في تأويل هذه الآية، وأجراه
على الأصول. وعلى مثل ذلك حملها الشافعي رحمه الله .اهـ[1]
الاحتمال الثاني : }من كل أمر{ متعلق بما بعده
أي "من
كل أمر سلام" فهي سلام من جميع الشرور، و به يقول من جعل } سلام { مستقلة عن } من كل أمر { و هو
الاحتمال الأول، فلا يختلفون في تفسير } سلام { لكن يختلفون
في نزول الملائكة بالقضاء، فعلى القول بأن } سلام { متعلق بـ } من كل أمر { تنزل
الملائكة أنفسهم بإذن ربهم
أو "من
كل امرئ سلام" أي من كل ملك سلام على المؤمنين،
} سلام { معناه
التسليم، أي نزول الملائكة بالتسليم
و في حكاية الطبري الخلاف[2] : من حمل } سلام { على "التسليم" هو من جعل } سلام { متعلق بما
قبله } من كل أمر {
و هو ظاهر كلام الأنباري أبو بكر محمد بن القاسم ( ت : 328 ) : } من كل أمر { وقف حسن، ثم
تبتدئ } سلام هي حتى مطلع الفجر { فترفع "السلام" بـ : هي. [ هي سلام حتى ]
وقال الفراء [ أبو زركريا يحيى بن زياد ( ت :
207 ) ] : حدثني أبو بكر بن
عياش عن الكلبي [ أبي النضر محمد بن السائب ( ت : 146 ) ] عن أبي صالح [ باذام
مولى أم هانئ ] عن ابن عباس أنه كان يقرأ : } من كل امرئ سلام [3]{. فعلى هذه
القراءة الوقف على "السلام"، والمعنى "من
كل امرئ من الملائكة سلام على المؤمنين والمؤمنات" و "السلام" من هذه القراءة
مرفوع بـ "من[4]" و } هي { رفع بـ "حتى[5]" .اهـ[6]
فلا خلاف بين من حمل } سلام { على السلامة
أن } من كل أمر { متعلق بـ } تنزل الملائكة { أي لا خلاف
بينهم أن المقصود نزول الملائكة بالقضاء، و من حمله على "التسليم"
المقصود نزول الملائكة بالسلام
و الكلام عن هذا
الاحتمال في الآية بعدها
} سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) {
قال السمعاني
أبو المظفر منصور بن محمد ( ت : 489 ) : } سلام هي { فيه قولان :
أحدهما : أن المراد منه تسليم الملائكة
على من يذكر الله تعالى في تلك الليلة.
و القول الثاني : } سلام { أي : سلامة،
و المعنى : أنه لا يعمل فيها داء و لا سحر و لا شيء من عمل الشياطين و الكهنة .اهـ[7]
التفسير الأول : تسليم الملائكة
} سلام { : متعلق بـ } من
كل أمر { و يكون المعنى
: من كل امرئ – أي ملك – سلام
و ليس يمتنع أن يقول
بهذا التفسير – التسليم – من يجعل من كل أمر
متعلق بما قبله
قال الطبري : و قال آخرون } تنزل الملائكة
والروح فيها بإذن ربهم { : لا يلقون
مؤمنا ولا مؤمنة إلا سلّموا عليه...
حدثت عن يحيى بن زياد
الفراء [ معاني القرآن ( 3 / 280 ) و فيه : فهذا موافق لتفسير الكلبي، ولم يقرأ به أحد غير ابن عباس ] قال "ثني"
أبو بكر بن عياش عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : أنه كان يقرأ: ( من
كل امرئ سلام ) وهذه القراءة من قرأ بها وجه معنى ( من
كل امرئ
) : من كل ملك، كان
معناه عنده : تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل ملك يسلم على المؤمنين
والمؤمنات
و لا أرى القراءة بها
جائزة، لإجماع الحجة من القراء على خلافها، وأنها خلاف لما في مصاحف المسلمين،
و ذلك أنه ليس في مصحف من مصاحف المسلمين في قوله ( أمر
) ياء، وإذا قرئت : ( من
كل امرئ
) لحقتها همزة، تصير
في الخط ياء.
و الصواب من القول في ذلك : القول الأول
الذي ذكرناه قبل، على ما تأوله قتادة[8] .اهـ[9]
روي هذا التفسير – التسليم
– عن :
الشعبي عامر بن شراحيل ( ت : 103 أو 104 )
[ لا يصح ] :
تفسير سعيد بن منصور ( 2498 ) "نا" هشيم [
بن بشير ] عن أبي إسحاق [ عبد الله بن ميسرة ] الكوفي عن الشعبي، قوله } مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ
الْفَجْرِ (5) { قال : تسليم
الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد حتى يطلع الفجر
أبو إسحاق الكوفي :
عبد الله بن ميسرة يدلس هشيم اسمه، ضعيف، متروك[10]
منصور بن زاذان ( ت : 128 ) [ لا يصح ] :
تفسير سعيد بن منصور ( 2497 ) "نا" خلف بن خليفة قال سمعت منصور بن
زاذان يذكر في قوله } تَنَزَّلُ
الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)
سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) { قال : ليلة القدر، تنزل الملائكة في تلك
الليلة من حيث ( حين ) تغيب الشمس إلى أن يطلع الغد، يمرون على كل مؤمن، و يلقون
كل مؤمن : السلام عليك يا مؤمن، السلام عليك يا مؤمن
قال سعيد [
بن منصور ] : فقلت له : عن الحسن ؟ فقال : لا
خلف بن خليفة : سبق
أنه اختلط
الخلاصة : الآثار كلها ضعيفة
[1] القضاء والقدر 217
[2] سبق نقل أول
كلامه في الاحتمال الأول، و يأتي تتمته
[3] معاني القرآن 3 / 280
[4] } سلام { مبتدأ مؤخر، و } من كل أمر { جار ومجرور متعلق بخبر محذوف.
ومذهب الجمهور أن عامل الرفع في المبتدأ الابتداء لا الخبر
[5] } هي { مبتدأ و } حتى مطلع { جار و مجرور متعلق بخبر محذوف
[6] إيضاح الوقف والابتداء 2 / 981 - 982
[7] تفسير السمعاني 6 / 262
[8] حمل } من كل أمر { على القضاء الكوني
[9] تفسير الطبري 24 / 547 – 548
[10] ميزان الاعتدال 2 / 511 – ترجمة : 4641
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق