الموعظة بالإسلام 15
✍بوعلام محمد بجاوي
جهنم دار الشقاء :
بعد السقوط من الصراط يكتمل حظ جهنم من الناس،
كافرهم المخلد و موحدهم العاصي الخارج منها برحمة الله بعد أن يلبث فيها ما يطهره
من ذنوبه، نسأل الله ستره و عفوه
قال ابن رجب : إن الله خلق الخلق ليعرفوه و يعبدوه ويخشوه و
يخافوه، ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه و يخافوه خوف الإجلال،
و وصف لهم شدّة عذابه ودار عقابه التي أعدّها لمن عصاه ليتّقوه بصالح الأعمال، و
لهذا أكثر سبحانه و تعالى في كتابه ذكر النار و ما أعدّه فيها لأعدائه من
العذاب والنكال و ما احتوت عليه من
الزّقوم و الضريع و الحميم و السلاسل و الأغلال إلى غير ذلك مما فيها من العظائم و
الأهوال .اهـ[1]
مما جاء في القرآن من
الأمر باتقاء النار :
قال تعالى } فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ { [ البقرة : 24 ]
و قال } وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ { [ آل عمران : 131 ]
و قال } يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ
وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ
غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا
يُؤْمَرُونَ { [ التحريم : 6 ]
و قال } فأنذرتكم نارا تلظى . لا يصلاها إلا الأشقى . الذي يصلى
النار الكبرى . ثم لا يموت فيها و لا يحيى { [ الليل :
14 –17 ]
تلظى : أي: تتلظى، ومعناه: تتوهج .اهـ[2]
و في السنة :
البخاري ( 6563 ) حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن
عمرو عن خيثمة عن عدي بن حاتم أن
النبي صلى الله عليه وسلم ذكر النار فأشاح بوجهه فتعوذ منها، ثم ذكر النار فأشاح
بوجهه فتعوذ منها، ثم قال : اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة [ 6540 – بهذا اللفظ – ، 1417 ، 3595 ، 6023 ، 1413 و 6539
و 7512 بلفظ : ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة،
ليس بين الله وبينه ترجمان، ثم ينظر فلا يرى شيئا قدامه، ثم ينظر بين يديه
فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة . مسلم 1016 ]
مما جاء في القرآن من حسرة أهل النار :
قال تعالى } إذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ
اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ . وَقَالَ
الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا
تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ
عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ { [
البقرة : 166 – 167 ]
} وتقطعت بهم الأسباب { : أي: الوصلات في الدنيا من القرابات
والصداقات... وقيل : الأسباب : الأعمال ... وأصل السبب : ما يوصل. ومنه يقال: للحبل سبب، وقوله تعالى } وتقطعت بهم { أي: عنهم، ومثله قوله تعالى } فاسأل به خبيرا { أي: عنه .اهـ[3]
} كرة { : رجعة إلى
الدنيا[4]
} حسرات { : الحسرة شدة الندامة على محزون فائت[5]
} أعمالهم حسرات عليهم { : قولان:
أحدهما : أنه
يريهم ما ارتكبوا من السيئات؛ فتلك الحسرات.
و الثاني : أنه
يريهم ما تركوا من الخيرات و الحسنات؛ ليكون عليهم حسرات[6]
و قال } إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي
الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ
الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . يُرِيدُونَ أَنْ
يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ
مُقِيمٌ { [ المائدة : 36 –
37 ]
و قال } وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا
يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ { [ الأنعام : 27 ]
و قال } يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ
رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ
يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ { [ الأنعام : 130 ]
و قال } قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ
مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ
أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ
لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ
النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ . وَقَالَتْ أُولَاهُمْ
لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ
بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ { [ الأعراف : 38 – 39 ]
} ادخلوا في أمم { : أي مع أمم[7]
} قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ { : قال التابعون للمتبوعين،
لأن التابعين يدخلون النار أولا، ولا يعارض : آخر كل أمة و هم المتأخرون زمانا و أولها
و هم متقدموها زمانا، لأن المتأخر تابع يقتدي بالمتقدم[8]
} حتى إذا اداركوا { أي : تداركوا وتتابعوا واجتمعوا .اهـ[9]
و قال } وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ
قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ
رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ
اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ { [ الأعراف : 44 ]
} فأذن مؤذن بينهم { نادى مناد أسمع الفريقين.[10]
[1] التخويف من النار 4
/ 93 - مجموع
[2] تفسير السمعاني 6 / 239
[3] تفسير السمعاني 1 / 165 – 166
[4] تفسير السمعاني 1 / 166
[5] تفسير الماوردي
[6] تفسير السمعاني 1 / 166
[7] تفسير السمعاني 2 / 180
[8] قال السمعاني : أراد به: أخرى كل أمة،
وأولى كل أمة، وقيل: أراد به: آخرهم دخولا، وأولهم دخولا، وهم القادة مع الأتباع؛
فإن القادة يدخلون أولا .اهـ تفسير 2 / 180
[9] تفسير السمعاني 2 / 180
[10] تفسير البغوي 3 / 231
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق