الموعظة بالإسلام 13
✍بوعلام محمد بجاوي
و اختلف السلف : هل
للمنافقين نور ثم يطفئه الله أم ليس لهم نور أصلا
قال ابن رجب : وقد اختلف السلف، هل يقسم للمنافقين نور مع
المؤمنين ثم يطفأ، أو لا يقسم له نور بالكلية، على قولين :
فقال أحدهما : إنه لا يقسم له نور بالكلية...
والقول الثاني : أنه يقسم للمنافقين النور مع المؤمنين كما كانوا مع المؤمنين في الدنيا، ثم
يطفأ نور المنافقين إذ بلغ السور .اهـ[1]
القول الأول : قال به :
أبو أمامة الباهلي صُدي بن عجلان ( ت : 86 ) :
قال : "ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا، ويترك الكافر والمنافق فلا يعطيان
شيئا" [ نعيم بن حماد عن ابن
المبارك في الزهد ( 368 – زوائد نعيم على المروزي ) عن صفوان بن عمرو عن سليم بن
عامر عنه. ومن طريق ابن المبارك : ابن أبي حاتم في التفسير (18821) و ابن أبي
الدنيا في الأهوال ( 99 ) و الحاكم ( 3511 ) ]
قال الذهبي أبو عبد الله محمد بن أحمد ( ت : 748 ) : صحيح
و يمكن أن يقال : له
حكم الرفع
عبد الله بن عباس ( ت : 68 ) :
يروى عنه، و لا يصحّ
قال ابن رجب :
و خرج أيضا [ ابن أبي حاتم ] من رواية مقاتل بن حيان و الضحاك عن ابن عباس ما يدل
على مثل هذا القول أيضا، ولكنه منقطع .اهـ[2]
رواية الضحاك بن مزاحم
: أخرجها الطبري ( 23 / 182 ) حُدثت عن
الحسين [ بن الفرج ] سمعت أبا معاذ [
الفضل بن خالد ] أخبرنا عبيد [ بن سليمان ] سمعت الضحاك عن ابن عباس
الحسين بن الفرج :
ضعيف متهم[3]، و يبهم الطبري شيخ
الحسين[4]
والضحاك : لم يسمع من
ابن عباس، ولم يلقه[5]
وأخرجه ( 23 / 182 ) عن محمد بن سعد ثني
أبي – هو بن محمد - ، ثني عمي – هو الحسين بن الحسن - ثني أبي – هو الحسن بن عطية -
عن أبيه – هو ابن سعد العوفي - عن ابن
عباس
و أخرجه أيضا البيهقي في البعث ( 427 ) من
نفس الطريق
لفظه : بينما الناس في ظلمة، إذ بعث الله نورا، فلما رأى المؤمنون النور توجهوا
نحوه، وكان النور دليلا من الله إلى الجنة؛ فلما رأى المنافقون المؤمنين قد
انطلقوا، تبعوهم، فأظلم الله على المنافقين، فقالوا حينئذ : انظرونا نقتبس من
نوركم، فإنا كنا معكم في الدنيا
و السند مسلسل
بالضعفاء
و قال بالقول الآخر :
جابر بن عبد الله ( ت : بعد الـ : 70 ) :
قال : "ويعطى كل إنسان منهم منافقا، أو مؤمنا نورا، ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم
كلاليب وحسك، تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين" [ م / 316 - (191) حدثني عبيد الله بن
سعيد وإسحاق بن منصور كلاهما عن روح - قال عبيد الله: حدثنا روح بن عبادة القيسي -
حدثنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود،
فقال: نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا[6] انظر
أي ذلك فوق الناس؟ قال : فتدعى الأمم بأوثانها، وما كانت تعبد، الأول فالأول، ثم
يأتينا ربنا بعد ذلك، فيقول: من تنظرون؟ فيقولون: ننظر ربنا، فيقول: أنا ربكم،
فيقولون: حتى ننظر إليك، فيتجلى لهم يضحك، قال: فينطلق بهم ويتبعونه، ويعطى كل
إنسان منهم منافقا، أو مؤمنا نورا، ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك، تأخذ من
شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون، فتنجو أول زمرة
وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفا لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوأ نجم في
السماء، ثم كذلك ثم تحل الشفاعة، ويشفعون حتى يخرج من النار من قال: لا إله إلا
الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء الجنة، ويجعل أهل الجنة
يرشون عليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشيء في السيل، ويذهب حراقه، ثم يسأل حتى تجعل
له الدنيا وعشرة أمثالها معها "
و أخرجه أحمد ( 15115 ) عن روح. ورفع قوله "فينطلق
بهم ...إلى آخر الحديث" وأخرج أبو عوانة ( 433 ) رواية أحمد عن روح مقرونة
برواية حجاج بن محمد عن ابن جريج بلفظ واحد، لكن قال في آخره : هذا لفظُ حديث روح.
وأخرجه ( 432 ) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد عن ابن جريج إلى قوله "يضحك". و أخرجه أحمد
( 14721 ) حدثنا موسى بن داود حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير ...مرفوعا كله، وابن
لهيعة : ضعيف . و هكذا يروى عن ابن جريج - وغيره - عن زياد بن سعد عن أبي الزبير.
قال ابن رجب – بعد ذكر رواية زياد -: و هذا يدلّ على أن أول الحديث لم يكن عند ابن
جريج عن أبي الزبير مرفوعا، و إنما كان عنده مرفوعا : عن زياد بن سعد عن أبي
الزبير، وكذلك رواه أبو قرة عن مالك عن زياد بن سعد .اهـ[7]
]
و يمكن أن يقال : له حكم
الرفع
عبد الله بن عباس ( ت : 68 ) :
يروى عنه – كما روي
عنه القول الأول – و لا يصح أيضا
أخرجه الطبراني في الكبير ( 11 / 122 –
حديث : 11242 ) من طريق إسحاق بن بشر أبي حذيفة حدثنا ابن جريج عن ابن أبي مليكة
عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأسمائهم سترا منه على عباده، وأما عند
الصراط فإن الله يعطي كل مؤمن نورا، وكل منافق نورا، فإذا استووا على الصراط سلب
الله نور المنافقين والمنافقات.
إسحاق بن بشر : متروك،
متهم[8]
و أخرج الحاكم ( 3832 ) من طريق أبو يحيى [
عبد الحميد بن عبد الرحمن ] الحماني : "ثنا" عتبة بن يقظان، عن عكرمة، عن
ابن عباس رضي الله عنهما
: ليس أحد من الموحدين إلا يعطى نورا يوم القيامة، فأما المنافق فيطفئ نوره،
والمؤمن مشفق مما رأى من إطفاء نور المنافق فهو يقول: } ربنا أتمم لنا نورنا { [
التحريم : 8 ]
و قال : هذا حديث صحيح
الإسناد ولم يخرجاه
قال الذهبي : عتبة واه
و أخرج ابن مردويه ( 14 / 270 - الدر
المنثور ) عن ابن عباس
: ثم يدعى المسلمون وهم على رابة من الأرض فيقال لهم: من كنتم تعبدون
فيقولون: كنا نعبد الله وحده فيقال لهم: هل كنتم تعبدون معه غيره فيقولون: ما عبدنا
غيره فيعطى كل إنسان منهم نورا ثم يوجهون إلى الصراط، [ فما كان من منافق طفئ نوره
قبل أن يأتي الصراط ]
و أخرجه الخطيب في موضح أوهام الجمع
والتفريق ( 1 / 133 – 134 ) أخبرنا علي بن أبي علي المعدل أخبرنا علي بن محمد بن
أحمد بن لؤلؤ حدثنا إبراهيم بن شريك حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق حدثني طالوت بن أبي
بكر عن ابن عباس . وليس فيه الشاهد، ما بين [ ]
غريب، و طالوت لم يوثق
مجاهد بن جبر ( ت : 104 ) :
قال : إن المنافقين كانوا مع المؤمنين في الدنيا يناكحونهم ويعاشرونهم ويكونون
معهم أمواتا ويعطون النور جميعا يوم القيامة، فيطفأ نور المنافقين إذا بلغوا السور
يماز بينهم حينئذ [ تفسير مجاهد ص : 648 رواية آدم بن أبي إياس عن ورقاء
بن عمر اليشكري عن عبد الله بن أبي نجيح عنه و الطبري ( 23 / 184 ) من طريقين عن
ابن أبي نجيح ]
الضحاك بن مزاحم ( ت : بعد الـ : 100 ) :
قال : ليس
لأحد إلا يعطى نورا يوم القيامة، فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين[9]
أبو فاختة سعيد بن علاقة ( ت : في حدود الـ : 90 ) :
عبد بن حميد و ابن المنذر 14 / 271 – الدر المنثور : يجمع
الله الخلائق يوم القيامة ويرسل الله على الناس ظلمة فيستغيثون ربهم فيؤتي الله كل
مؤمن يومئذ نورا ويؤتي المنافقين نورا فينطلقون جميعا متوجهين إلى الجنة معهم
نورهم فبينما هم كذلك إذ طفأ الله نور المنافقين فيترددوهن في الظلمة ويسبقهم
المؤمنون بنورهم بين أيديهم فينادونهم
و
رجّح ابن رجب القول
الثاني، قال : وسنذكر في الباب الآتي - إن شاء الله - من
حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على صحة هذا القول .اهـ[10]
سبق حديث جابر، والاختلاف في رفعه
الخلاصة : تعارض حديث أبي أمامة الموقوف و حديث جابر المختلف في رفعه لفظا، مع أنه مما لا يقال بالرأي فيكون في حكم المرفوع، و حديث جابر أشهر مع أنه يروى مرفوعا لفظا، والقلب إليه أميل، والعلم عند الله
[1] التخويف من النار 4 / 344 – 345 – مجموع
[2] التخويف من النار 4 / 345 – مجموع
[3] ميزان
الاعتدال 1 / 545 – ترجمة : 2040
[4] ينظر : معجم
شيوخ الطبري ص : 770 – رقم : 434
[5] العجاب في
بيان الأسباب 1 / 211
[6] قال القاضي عياض بن موسى ( ت : 544 ) : "نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا انظره - أي فوق الناس - قال:
فتدعى الأمم بأوثانها"
الحديث. هذا صورة الحديث في جميع النسخ، وفيه تغيير كثير وتصحيف، وصوابه : "نحن يوم القيامة على كوم" هكذا رواه بعض أهل الحديث وفى كتاب ابن أبي خيثمة من
طريق كعب بن مالك : "يحشر الناس يوم
القيامة على تل وأمتى على تل". وذكر الطبري في التفسير من حديث ابن عمر: "فيرقى هو - يعنى محمدا - وأمته على كوم فوق الناس" وذكر من حديث كعب بن مالك :
"يحشر الناس يوم القيامة، فأكون أنا وأمتى
على تل" فهذا كله
يبين ما تغير من الحديث، وأنه كأنه أظلم هذا الحرف على الراوي أو امحي عليه فعبر
عنه بكذا وكذا، وفسره بقوله، أي فوق الناس وكتب عليه انظر - تنبيها - فجمع النقلة
الكل ونسقوه على أنه من متن الحديث كما تراه .اهـ إكمال المعلم بفوائد مسلم 1 / 569 و في تحفة الأشراف : 2840 -[م] حديث: إنه سمع جابرا سئل عن
الورود، فقال: نحن يوم القيامة على كوم ... الحديث - موقوف.
"م"
في الإيمان عن عبيد الله بن سعيد وإسحاق بن منصور- كلاهما - عن روح بن عبادة، عنه
به. اهـ 2 / 324
[7] التخويف من النار 4 / 356 - مجموع
[8] ميزان الاعتدال 1 / 184 – 186 ترجمة : 739
[9] التخويف من
النار تفسير ابن كثير 8 / 15
[10] التخويف من النار 4 / 345 - مجموع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق