الأربعاء، 20 يناير 2021

الموعظة بالإسلام 14

الموعظة بالإسلام 14

✍بوعلام محمد بجاوي

و يروى عن الضحاك:  أن المقصود بالنور الكتاب – صحائف الأعمال –، أخرجه الطبري ورجّحه

قال : وقال آخرون : بل معنى ذلك يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى إيمانهم وهداهم بين أيديهم وبأيمانهم : كتبهم.

ذكر من قال ذلك :

حدثت عن الحسين [ بن الفرج ] قال سمعت أبا معاذ [ الفضل بن خالد ] يقول "ثنا" عبيد [ بن سليمان ] قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : } يسعى بين أيدييهم و بأيمانهم { : كتبهم، يقول الله } فأما من أوتي بكتابه بيمينه { [ الحاقة : 19 ، الانشقاق : 7 ] ، وأما نورهم فهداهم.

وأولى القولين في ذلك بالصواب : القول الذي ذكرناه عن الضحاك، وذلك أنه لو عنى بذلك النور الضوء المعروف، لم يخص عنه الخبر بالسعي بين الأيدي والأيمان دون الشمائل، لأن ضياء المؤمنين الذي يؤتونه في الآخرة يضيء لهم جميع ما حولهم، وفي خصوص الله - جلّ ثناؤه - الخبر عن سعيه بين أيديهم وبأيمانهم دون الشمائل، ما يدل على أنه معنى به غير الضياء، وإن كانوا لا يخلون من الضياء.

فتأويل الكلام إذ كان الأمر على ما وصفنا : وكلا وعد الله الحسنى، يوم ترون المؤمنين والمؤمنات يسعى ثواب إيمانهم وعملهم الصالح بين أيديهم، وفي أيمانهم كتب أعمالهم تتطاير .اهـ[1]

سبق أن الحسين بن الفرج: ضعيف متهم

الصراط على ظهر الجهنم :

يمرّ عليه الموحدون على قدر نورهم، أما الكفار والمشركون من أهل الكتاب ومن غيرهم، فيهلكون في جهنم قبل الصراط، كما سبق في حديث أبي سعيد الخدري في "الإتيان بجهنم، و إلقاء الكفار فيها"

قال ابن رجب : واعلم أن الناس منقسمون إلى مؤمن يعبد الله وحده ولا شريك به شيئا، ومشرك يعبد مع الله غيره، فأما المشركون فإنهم لا يمرون على الصراط إنما يقعمون في النار قبل وضع الصراط...[2]

و قال : كل من أظهر عبادة شيء سوى الله، كالمسيح وعزير من أهل الكتاب، فإنه يلحق بالمشركين في الوقوع في النار قبل نصب الصراط، إلا أن عباد الأصنام والشمس والقمر وغير ذلك من المشركين تتبع كل فرقة منهم ما كانت تعبد في الدنيا، فترد النار مع معبودها أولاً ...[3]

وأما من عبد المسيح والعزير من أهل الكتاب، فإنهم يتخلفون مع أهل الملل المنتسبين إلى الأنبياء، ثم يردون في النار بعد ذلك.

وقد ورد في حديث آخر، أن من كان يعبد المسيح، يمثل له شيطان المسيح فيتبعونه، وكذلك من كان يعبد العزير.

وفي حديث الصور أنه يمثل لهم ملك على صورة المسيح، وملك على صورة العزير، ولا يبقى بعد ذلك إلا من كان يعبد الله وحده في الظاهر، سواء كان صادقاً أو منافقاً من هذه الأمة وغيرها .اهـ[4]

قال تعالى } و إن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا . ثم ننجي الذين اتقوا و نذر الالمين فيها جثيا {  [ مريم : 71 – 72 ]

الورود : المرور عليها، أي على الصراط

و قيل : دخولها  

قال ابن رجب : وقد اختلف الصحابة و من بعدهم في تفسير الورود :

فقالت طائفة : الورود : هو المرور على الصراط، وهذا قول [ عبد الله ] ابن مسعود ( ت : 32 )[5] و جابر [ بن عبد الله ( ت : بعد الـ 70 ][6] و الحسن [ بن أبي الحسن يسار البصري ( ت : 110 ) ] و قتادة [ بن دعامة السدوسي ( ت : 117 ) ][7] و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ( ت : 182 ) و الكلبي [ محمد بن السائب الكلبي ( ت : 146 ) ] وغيرهم[8] ...

و قالت طائفة : الورود هو الدخول، و هذا هو المعروف عن ابن عباس، روي عنه من غير وجه[9]، وكان يستدلّ له بقوله تعالى في فرعون } يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار { [ هود : 98 ] و بقوله } ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا { [ مريم : 86 ] وكذلك قوله تعالى } لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها { [ الأنبياء : 99 ]

و قد سبق عن عبد الله بن رواحة ( ت : 8 ) نحو هذا[10]، لكن الروايات عنه منقطعة

و روى مسلم [ بن كيسان ] الأعور [ متروك متهم[11] ] عن مجاهد [ بن جبر ( ت : 104 ) ] } و إن منكم إلا واردها { قال : داخِلُها[12] ...

و قد فسّر بعضهم الورود : بالحمى في الدنيا، روي عن مجاهد و عثمان بن الأسود[13]، وفيه حديث مرفوع : الحمى حظ المؤمن من النار. و إسناده ضعيف[14]

و قالت طائفة : الورود ليس عاما، و إنما هو خاص بالمحضرين حول جهنم المذكورين في قوله تعالى } فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا { إلى قوله } و إن منكم إلا واردها { [ مريم : 68 – 72 ] كانه يقول لهؤلاء الموصوفين : و إن منكم إلا واردها

روي هذا التأويل عن زيد بن أسلم ( ت : 136 )، و هو بعيد جدا

و عن عكرمة أنه كان يقرأ  } و إن منكم إلا واردها { و يقول : الضمير يعود إلى الظَلَمَة، كذلك كنا نقرؤها[15]

و روي هذا القول عن ابن عباس من وجه منقطع[16]، و الصحيح عنه ما سبق[17] .اهـ[18]    

قال الطبري : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : يردها الجميع ثم يصدر عنها المؤمنون، فينجيهم الله، ويهوي فيها الكفار وورودهموها هو ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مرورهم على الصراط المنصوب على متن جهنم، فناج مسلم ومكدس فيها .اهـ[19]

يجوزه الموحدون – و أولهم هذه الأمة - على قدر نورهم و أعمالهم، فمنهم من يمر كالبرق و منهم من يمر مر الريح و منهم من يمر كمر الطير و شدّ الرجال، و منهم من يزحف عليه، و في جهنم كلاليب تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم المخدوش الناجي و منهم المكدوس في نار جهنم، ودعوى الأنبياء اللهم سلِّم سلِّم

عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم : ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم، قلنا يا رسول الله : و ما الجسر ؟ قال : مدحضة[20] مزلة[21]، عليه[22] خطاطيف و كلاليب و حسكة مفلطحة لها شوكة عُقيفاء[23] تكون بنجد يقال لها السعدان، يمر المؤمن عليها كالطرف و كالبرق و كالريح و كأجاويد الخيل و الركاب، فناج مُسلَّم و ناج مخدوش و مكدوس في نار جهنم حتى يمر آخرهم يسحب سحبا[24] [ خ / 7439 ، 4581 – م / 183 ]

الموعظة بالإسلام 15

الموعظة بالإسلام 01

صفحة الدعوة


[1] تفسير الطبري 23 / 179

[2] التخويف من النار 4 / 342 - مجموع

[3] التخويف من النار 4 / 342 – مجموع

[4] التخويف من النار 4 / 344 - مجموع

[5] تفسير الطبري 18 / 232 و يروى عنه الدخول تفسير الطبري 18 / 231 ، 233

[6] سبق أثر جابر عند مسلم في الخلاف في النور للمنافقين

[7] تفسير الطبري 18 / 232

[8] التخويف من النار 4 / 353 – مجموع

[9] تفسير ابن أبي حاتم 11193 ، 11194 تفسير الطبري 18534 ، 18535 ، 18 / 230 ، 232 ، 233

[10] خرجها ابن رجب 4 / تفسير الطبري 18 / 231 ، 232

[11] ميزان الاعتدال 4 / 106 – 107 – ترجمة : 8506

[12] التخويف من النار 4 / 358 – مجموع

[13] الطبري 18 / 233 حدثنا أبو كريب ثنا ابن يمان عن عثمان بن الأسود عن مجاهد قال : الحمى حظ كل مؤمن من النار، ثم قرأ } وإن منكم إلا واردها {

[14] لابن رجب رسالة "البشارة العظمى للمؤمن في أن حظ من النار الحمى" مطبوع . عزاه فيه للطبراني من حديث أنس وضعفه، و قال : و قد روي أيضا من حديث ابن مسعود، و لا يصح .اهـ 2 / 371 – مجموع . حديث أنس في المعجم الاوسط للطبراني 7540

[15] الطبري 18 / 232 حدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن ثنا عمرو بن الوليد الشني سمعت عكرمة يقول } وإن منكم إلا واردها { يعني الكفار.

[16] تفسير الطبري 18 / 232

[17] التخويف من النار 4 / 361 – مجموع

[18] التخويف من النار 4 / 353 – 361 - مجموع

[19] تفسير الطبري 18 / 234

[20] زلق

[21] تزل فيه الأقدام

[22] أي في جهنم كما في حديث أبي هريرة " و في جهنم كلاليب مثل شوك السعدان " خ / 7437 – م / 182

[23] معوجة

[24] سبق أوله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق