✍بوعلام محمد بجاوي
و
يأتي في كلام القرطبي في
حديث "لا تخيروا بين الأنبياء"
أنه غير منسوخ أي النهي عن المفاضلة، ومرجوحية من حمله على التواضع والأدب، لكن في
هذا الحديث رد تفضيله مطلقا، و في حديث موسى
ويونس بن متى التفضيل على خاص من الأنبياء، و ذكر هذا المعنى، لكن رجّح أنه
لا فرق في المنع
الحديث الثالث : النهي عن تفضيله على موسى عليه
السلام
البخاري (2411) حدثنا يحيى بن قزعة
حدثنا إبراهيم بن سعد عن [ الزهري محمد بن مسلم ] ابن شهاب عن أبي سلمة [ بن عبد
الرحمن ] وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : استبّ رجلان، رجل
من المسلمين ورجل من اليهود، قال المسلم : والذي اصطفى محمدا على العالمين، فقال
اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين، فرفع المسلم يده عند ذلك، فلطم وجه
اليهودي، فذهب اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما كان من أمره،
وأمر المسلم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم المسلم، فسأله عن ذلك، فأخبره، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم : لا تخيروني على موسى، فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأصعق معهم، فأكون أول من
يفيق، فإذا موسى باطش جانب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق، فأفاق قبلي أو كان ممن
استثنى الله. [ مسلم 160 - (2373) حدثني زهير بن حرب وأبو بكر بن النضر
قالا حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي ]
و (3408) حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن
الزهري [
مسلم 161 - (2373) وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وأبو بكر بن إسحاق قالا:
أخبرنا أبو اليمان ]
و (3414) حدثنا يحيى بن بكير عن الليث عن عبد
العزيز [ بن عبد الله ] بن أبي سلمة عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة رضي
الله عنه، قال : بينما يهودي يعرض سلعته، أعطي بها شيئا كرهه...وذكر الحديث وفيه
"لا
تفضلوا بين أنبياء الله"
وفي آخره : ولا أقول : إن أحدا أفضل من يونس بن متى
[ مسلم 159 - (2373) حدثني زهير بن حرب حدثنا
حجين بن المثنى حدثنا عبد العزيز...وقال : وحدثنيه محمد بن حاتم حدثنا يزيد بن
هارون حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة بهذا الإسناد سواء ]
(7428) وقال الماجشون عن عبد
الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال : فأكون أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش
– اختصره –[1]
(6917 ، 4638) حدثنا محمد بن يوسف
حدثنا سفيان [ بن سعيد الثوري ] عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد
الخدري...وفيه "لا تخيروني من بين الأنبياء"
(7427) حدثنا محمد بن يوسف حدثنا
سفيان ...واقتصر على آخره "الناس يصعقون يوم القيامة"
(6916) حدثنا أبو نعيم [
الفضل بن دكين ] حدثنا سفيان [ بن سعيد الثوري ] عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي
سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تخيروا بين الأنبياء. مختصرا
(2412) حدثنا موسى بن إسماعيل
[ المنقري ] حدثنا وُهَيْب [ بن خالد ] حدثنا عمرو بن يحيى عن أبيه [ يحيى بن
عمارة ] عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه "لا تخيروا بين الأنبياء"
[ مسلم 162 - (2374) حدثني عمرو الناقد حدثنا أبو أحمد الزبيري
حدثنا سفيان عن عمرو بن يحيى . 163 - (2374) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة
حدثنا وكيع عن سفيان ( ح ) وحدثنا ابن نمير حدثنا أبي حدثنا سفيان عن عمرو بن يحيى
عن أبيه عن أبي سعيد الخدري، قال : قال رسول الله r : لا تخيروا بين الأنبياء
وفي حديث ابن نمير : عمرو بن يحيى حدثني أبي. ]
الألفاظ :
لا تخيروني على موسى
لا تفضلوا بين أنبياء الله
لا تخيروني من بين الأنبياء
لا تخيروا بين الأنبياء – مختصرا، اقتصر على هذا اللفظ -
ظاهر الحديث أنه لا يعلم
أنه أفضل الأنبياء و لا يعلم أنه أفضل من موسى عليه السلام، وعلّل ذلك بما اختصه
به الله تعالى من أنه أول من يفيق من صعقة يوم القيامة أو أنه لم يصعق
و الحديث له سبب وهي الجدال
و المخاصمة مع أهل الكتاب
و لهذا حمل بعضهم النهي
عن التفضيل عليه، على الجدال والخصومة مع أهل الكتاب
و قد تؤدي الخصومة
والجدال إلى غلو أهل الكتاب في نبيهم، وهو – هنا – موسى عليه السلام
قال
الحَليمي أبو عبد الله الحسين بن الحسن ( ت : 403 ) :
فإن قال
قائلون: لم تفضلون محمد على موسى وقد جاء عنه إنه لا تفضلوني على موسى لئلا يحمل
ذلك اليهود على الرفعة فيه، فيكون ذلك مما عرضه له المسلمون وجروه إليه. وهو كقول
الله عز وجل } ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا
الله عدوا بغير علم [ الأنعام : 108 ] {. يدل على
ذلك قوله : "ولو
كان موسى حيًا ما وسعه إلا إتباعي[2]" .اهـ[3]
و قد تؤدي الخصومة أو
التفضيل مطلقا إلى انتقاص المفضول، وهو – هنا – موسى عليه السلام
قال الخطابي في لفظة "لا تخيروا بين الأنبياء" : معنى هذا ترك التخيير بينهم على وجه الإزراء
ببعضهم فإنه ربما أدى ذلك إلى فساد الاعتقاد فيهم والإخلال بالواجب من حقوقهم
وبفرض الإيمان بهم، وليس معناه أن يعتقد التسوية بينهم في درجاتهم فإن الله سبحانه
قد أخبرأنه قد فاضل بينهم فقال عزّ وجلّ } تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم
الله ورفع بعضهم درجات { [ البقرة : 253 ] .اهـ[4]
و قال المازري : وكان بعض شيوخي
يقول: يحتمل أن يريد لا تفضلوا بين أنبياء الله تفضيلا يؤدّي إلى نقص بعضهم، وقد
خرجَ الحديث على سبب وهو لَطم الأنصاريّ وجهَ اليهودي فقد يكون صلى الله عليه وسلم
خاف أن يفهم من هذه الفعلة انتقاص حقّ موسى عليه السلام، فنهى عن التّفضيل المؤدّي
إلى نقص بعض الحقوق .اهـ[5]
و سبق قول القرطبي في الجواب على حديث إبراهيم عليه
السلام : وهذا كما قال: لا تفضلوني على موسى أي:
لا تقولوا: محمد أفضل من موسى مخافة أن يخيل نقص في المفضول، كما قدمناه ويأتي.
بهذا أظهر هذا اللفظ أن ذلك راجع إلى منع إطلاق لفظ وإباحته .اهـ[6]
قال الحليمي : فأما المخايرة بين الأنبياء الذي ورد فيه
النهي، فإنما يراد بذلك محاذات أهل الملل في تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم كاليهود
تجادل في موسى، والنصارى تجادل في عيسى، وتفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم وعليهما.
أو المعنى في ذلك : إن هذه المخايرة إذا
وقعت بين أهل دينين مختلفين لم يؤمن أن يخرج كل واحد من المخايرين في تفضيل من
يريد تفضيله إلا الازراء بالآخر، والتعيير منه، فيكفر بذلك.
فإذا كانت المخايرة من مسلم يريد الوقوف على
الأفضل، فيقابل بينهما ليظهر له رجحان فليس هذا بنهي عنه، لأن الرسل إذا كانوا
متفاضلين وكان الأفضل يوجب فضل حق، وكان الحق إذا وجب لا يهتدي إلى أدائه إلا بعد
معرفته، ومعرفة مستحقيه، كانت إلى معرفة الأفضل حاجة، ووجب أن يكون الله تعالى
دلالة. وطلب العلم المحتاج إليه من قبل إعلامه المنصوبة عليه ليس مما ينكر، والله
أعلم .اهـ[7]
[1] ينظر تغليق التعليق 5 / 345 - 347
[2] مسند أحمد 14631 و هو ضعيف فيه مجالد بن سعيد
[3] المنهاج في شعب الإيمان 2 / 121
[4] معالم السنن 4 / 309
[5] المعلم بفوائد
مسلم 3 / 233
[6] المفهم 6 / 181 – 182
[7] المنهاج في شعب الإيمان 2 / 118 دلائل النبوة شعب
الإيمان 3 / 77 للبيهقي 5 / 491 فتح الباري 6 / 446
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق