الأربعاء، 9 ديسمبر 2020

النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 14

النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 14

✍بوعلام محمد بجاوي

و يجاب عنه أيضا بما أجيب به عن الحديث السابق :

عدم العلم بأفضليته أو عدم حصول الأفضلية له بعد

قال المازري : أمّا قوله: "لا تفضلوا بين أنبياء الله" فيحتمل أن يكون ذلك قبل أن يوحى إليه بالتّفضيل .اهـ[1]

و سبق الجواب عن اعتراض : الأخبار لا يدخلها النسخ : بأن المناقب يدخلها التغيير

حمله على التواضع

و سبق الجواب عن اعتراض : التواضع بأنه لا يبيح الإخبار بخلاف الحق والصواب : بأن المقصود منع إطلاق اللفظ مع ثبوت المعنى

وحمل القرطبي النهي على ظاهره أي التحريم مطلقا عن التفضيل بين الأنبياء على معين أو مطلقا، و إن كان نبينا هو الأفضل، فلا تعارض بين الحديث و أفضلية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

قال في دفع التعارض : واختلف العلماء في تأويل هذا الحديث على أقوال، فمنهم من قال : إن هذا كان قبل أن يوحى إليه بالتفضيل، ويتضمن هذا الكلام : أن الحديث معارض لقوله تعالى } تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض { [ البقرة : 253 ] ، ولما في معنى ذلك من الأحاديث، وأن القرآن ناسخ للمنع من التفضيل، وهذا لا يصح حتى تتحقق المعارضة حيث لا يمكن الجمع بوجه، وحتى يعرف التاريخ، وكل ذلك غير صحيح على ما يأتي، فليس هذا القول بصحيح .اهـ[2]

و رد جميع التوجيهات

حمله على التواضع

لتأكيد النبي صلى الله عليه وسلم النهي بالغضب

قال : ومنهم من قال: إنما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم على جهة التواضع، والأدب مع الأنبياء، وهذا فيه بعد، لأن السبب الذي خرج عليه هذا النهي يقتضي خلاف ذلك، فإنه إنما قال ذلك ردعا وزجرا للذي فضل. ألا ترى أنه قد غضب عليه حتى احمرّ وجهه، ونهى عن ذلك، فدلّ على أن التفضيل يحرم. ولو كان من باب الأدب والتواضع لما صدر منه ذلك .اهـ[3]

و مقصوده من حمل الحديث على الكراهة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله تواضعا و أدبا، لأنه حمل النهي عن التفضيل على يونس عليه السلام- كما يأتي – على الكراهة مع علة أخرى مع أن النهي عنده للتحريم

حمله على الجدال

قال : ومنهم من قال: إنما نهى عن الخوض في ذلك، لأن ذلك ذريعة إلى الجدال في ذلك، فيؤدي إلى أن يذكر منهم ما لا ينبغي أن يذكر، ويقل احترامهم عند المماراة، وهذا كما نهي عنه من الجدال في القرآن والمماراة .اهـ[4]

و لم يذكر جوابا

حمله على التفضيل على معين

استحسنه، لكن رجح التحريم مطلقا

قال : ويدل على ذلك : أنه قد جاء في بعض روايات هذا الحديث في الأم : "لا تفضلوني على موسى[5]"، وبدليل قوله : لا أقول إن أحدا أفضل من يونس بن متى[6] فإن قيل : فالحديث يدل على خلاف هذا، فإن اليهودي فضل موسى على البشر. والمسلم قال : والذي اصطفى محمدا على البشر. وعند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تفضلوا بين الأنبياء، و لا تخيروا بين الأنبياء فاقتضى ذلك المنع من التفضيل مطلقا معينا وغير معين، فالجواب : أن مراد اليهودي كان إذ ذاك أن يصرح بأن موسى أفضل من محمد، لكنه لم يقدر على ذلك خوفا على نفسه، ألا ترى أن المسلم فهم ذلك عنه، فأجابه بما يقتضي أن محمدا أفضل من موسى، غير أنه قابل لفظ اليهودي بمثله، وقد بين ذلك غاية البيان قوله صلى الله عليه وسلم : لا تفضلوني على موسى فنهاهم عن ذلك، ثم إنا قد وجدنا نبينا صلى الله عليه وسلم قال : أنا أكرم ولد آدم على ربي[7] ، و أنا سيد ولد آدم[8]، ولم يذهب أحد من العلماء إلى أن هذا منسوخ، ولا مرجوح

قلت : وهذا الوجه وإن كان حسنا، فأولى منه أن يحمل الحديث على ظاهره من منع إطلاق لفظ التفضيل بين الأنبياء، فلا يجوز في المعين منهم، ولا غيرهم، ولا يقال : فلان النبي أفضل من الأنبياء كلهم، ولا من فلان، ولا خير، كما هو ظاهر هذا النهي .اهـ[9]

و علل ذلك بـ :

لا تَفاضلَ في النبوة، و إنما بأمور أخرى[10]

توهّم النقص في المفضول 

قال : لما ذكر من توهم النقص في المفضول، وإن كان غير معين، ولأن النبوة خصلة واحدة لا تفاضل فيها، وإنما تفاضلوا بأمور غيرها .اهـ[11]

و ختم كلامه بأن المقصود الإطلاق لا نفي الأفضلية

قال : ثم إن هذا النهي يقتضي منع إطلاق ذلك اللفظ لا منع اعتقاد ذلك المعنى، فإن الله تعالى قد أخبرنا بأن الرسل متفاضلون كما قال تعالى } تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض { [ البقرة : 253 ] وكما قد علمنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم قد خص بخصائص من الكرامات والفضائل بما لم يخص به أحد منهم، ومع ذلك فلا نقول: نبينا خير من الأنبياء، ولا من فلان النبي اجتنابا لما نهى عنه، وتأدبا بأدبه، وعملا باعتقاد ما تضمنه القرآن من التفضيل، ورفعا لما يتوهم من المعارضة بين السنة والتنزيل .اهـ[12]

النبوات وفضائل نبينا محمد 15


[1] المعلم بفوائد مسلم 3 / 233

[2] المفهم 6 / 228 - 229

[3] المفهم 6 / 229

[4] المفهم 6 / 229

[5] سبق في صحيح البخاري 2411 ومسلم 160 - (2373) لا تخيروني على موسى و أخرجه الطحاوي في شرح معاني  الآثار 4 / 315 بهذا اللفظ "لا تفضلوني على موسى"

[6] يأتي الحديث

[7] سبق تخريجه، و أنه ضعيف

[8] حديث الباب

[9] المفهم 6 / 229 - 230

[10] يأتي في كلام القاضي عياض في "الشفا"

[11] المفهم 6 / 230

[12] المفهم 6 / 230 – 231 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق