شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 12
تفريع :
فرّ ع
المالكية على اشتراط الدلك أو إمرار اليد مسألتين[1]
:
المسألة الأولى : اشتراط أن يكون إمرار اليد ملازما لصب الماء من عدمه
المسألة الثانية : اشتراط الاستنابة إذا تعذّر الوصول إلى موضع من الجسد مباشرة أو بمنشفة و
نحوها أو الاكتفاء بالإكثار من صب الماء أو التفريق بين القليل و الكثير[2]
تعريف المسح :
تُبل اليد بالماء ثم تمر على العضو
قال المازري أبو عبد الله محمد بن علي ( ت :
536 ) : و أما المسح : فإنه مسح الشيء بالشيء، ففي عرف
الشرع : مسح العضو باليد مع إضافة بلل الماء، و قد حكى ابن قتيبة [ أبو محمد عبد الله بن مسلم
الدِّينَـوْري ( ت : 276 ) ]
أن الغسل قد يسمى مسحا،
و احتج بقولهم تمسحت للصلاة .اهـ[3]
تنبيهان :
التنبيه الأول : مقصود القاضي بأنواع الطهارة الأصلية
لأنه قد ينوب المسح عن
الغسل إجماعا كما في المسح على الخفين أو مع الخلاف كما في المسح على الجبائر
قال المازري : إنما اقتصر في الممسوح على ذكر الرأس و الأذنين دون ما
يمسح من المغسول للضرورة، لأن المغسول إذا مسح للضرورة فالمسح بدل عن الغسل ليس
بأصل فيه، و مسح الرأس و الأذنين أصل، و مراده ذكر الأصلي لا الفرعي فلهذا اقتصر
عليه .اهـ[4]
التنبيه الثاني : في الأذنين قول شاذ
يغسلان أو الباطن
منهما مع الوجه، كما يأتي في موضعه
قال القاضي في "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" : و طهارة الأذنين المسح،
خلافا لمن قال إنهما من الوجه يغسلان معه، و لمن قال إن باطنهما يغسل مع الوجه و
ظاهرهما يمسح مع الرأس، لأن الصحابة وصفوا وضوء رسول الله صلى
الله عليه وسلم برواية وحكاية فلم يذكروا إلا المسح دون الغسل .اهـ[5]
المسألة
السادسة : أحكام الوضوء
قال القاضي : "و أحكامه ثلاثة أنواع: فرض وسنة وفضيلة[6]"
الأولى الوضوء كما
توضَّأ النبي صلى الله عليه وسلم دون تفريق
بين واجب و مستحب، فمن فعل فقد كُفي كثيرا من اختلاف العلماء، و هذا عام في جميع
العبادات .
و ذكر القاضي ثلاثة أحكام :
الحكم الأول "الفرض": و المقصود به أركان
الوضوء التي لا يصح إلا بها فلا تسقط عمدا و لا سهوا، تذكّرَه في الوقت أو بعده.
قال ابن زرب أبو
بكر محمد بن يبقى بن زرب القاضي القرطبي الأندلسي ( ت : 381 ) في "الخصال": فمن نسي من مفروض الوضوء شيئا ثم صلى أعاد غسل ذلك الشيء، و أعاد
الصلاة في الوقت و بعده .اهـ[7]
الحكم الثاني "السنة" :
الحكم الثالث "الفضيلة" :
يجمعهما أن كلا منهما
يثاب على فعله و لا يعاقب على تركه، و لهذا لا تبطل العبادة بتركه و لو عمدا
قال ابن زرب :
ومن نسي المضمضة والاستنشاق والاستنثار ومسح الأذنين أو شيئا من ذلك وصلى فصلاته تامة،
ويعيد فعل ذلك لما يستقبل .اهـ[8]
و الفرق بينهما أن
السنن مطلوبها أوكد، و لهذا هي أعظم أجرا من الفضيلة[9]، و في المذهب قول بأن
من ترك السنة عمدا بطلت عبادته.
قال ابن عبد البر
أبو عمر يوسف بن عبد الله ( ت: 463 ) : قد كان بعض أصحاب
مالك ...و هذا عند الفقهاء ضعيف، و ليس لقائله سلف، ولا له حظ من النظر، ولو كان
كذلك لم يعرف الفرض الواجب من غيره .اهـ[10]
حكم رابع "الواجب":
لم يذكره القاضي، لكنه أشار إليه في الشرح: ومن شيوخنا من يعد الموالاة فرضا مع الذكر .اهـ[11]
و "الفرض مع
الذكر": أي ما يسقط مع النسيان هو الواجب.
و الأولى : ذكرها تحت "الواجب" كما
فعل ابن
الصواف
في " لخصال الصغير" و كتابه اختصار لكتاب "التلقين"، قال بعد ذكر الفرائض : و يجب الفور مع
الذكر و يسقط مع النسيان . اهـ[12]
وتبعه أبو
إسحاق إبراهيم بن أبي زكريا التلمساني ( ت : 663 ) في "اللمع[13]" و اعتماده في
كتابه على "الخصال"
فتكون أحكام الوضوء أربعة: فرض و واجب و
سنة و فضيلة.
[1] روضة المستبين 1 / 228
[2] شرح التلقين للمازري 1 / 211 – 212
[3] شرح التلقين 1 / 125
[4] شرح التلقين 1 / 125
[5] الإشراف على نكت مسائل الخلاف 1 / 120
[6] التلقين ص : 17 ط : بوخبزة 38 ط : الغاني
[7] الخصال
[8] الخصال
[9] شرح التلقين 1 / 127
[10] التمهيد 4 / 37 – 38
[11] التلقين التلقين ص : 20 ط : بوخبزة 42 ط : الغاني
[12] الخصال الصغير 28
[13] اللمع 28
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق