شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 13
✍بوعلام محمد بجاوي
المسألة
السابعة : فرائض الوضوء
قال القاضي :"ففروضه ستة، و هي : 1 النية، و 2 غسل الوجه كله و 3 غسل اليدين إلى آخر المرفقين، و 4 المسح بالرأس كله، و 5
غسل الرجلين إلى الكعبين، و 6 ما
به يفعل ذلك و هو الماء المطلق[1]"
جعلها ستة بإضافة
"الماء المطلق" وإسقاط "الموالاة" وتبعه على ذكر "الماء المطلق": ابن الصواف أبو يعلى أحمد بن محمد البصري
( ت : 489 ) في "الخصال الصغير[2]" – وجعلها سبعة
بإضافة "الدلك" – و أبو إسحاق إبراهيم بن أبي زكريا التلمساني
( ت : 663 ) في "اللمع[3]"- والكتابان
اختصار لـ "التلقين" – ، وذكره أيضا ابن يونس أبو بكر محمد بن عبد الله بن يونس الصقلي ( ت : 451
) في "الجامع لمسائل المدونة[4]" وهو كثير
الاعتماد على "التلقين"، يَفتتح بكلامه البابَ – لكنه
جعلها سبعة بإضافة "الموالاة" – وتبعه ابن بشير أبو الطاهر إبراهيم بن عبد ( ت :
بعد 536 ) في "التنبيه على مبادئ التوجيه[5]"، و ابن رشد الجد في "المقدمات الممهدات" وجعلها ثمانية – ذكر الترتيب – لأنه جمع المتفق
عليه و المختلف فيه[6].
ومن الفقهاء من لا يعد
الماء في "الفرائض" لأنه ليس من
أفعال الوضوء.
قال الماوردي أبو الحسن علي بن محمد الشافعي ( ت : 450 ) : فأما الماء الطاهر : فليس من أفعال
الوضوء فلم يدخل في عدد فروضه، ومن أصحابنا من كان يعده فرضا ثامنا .اهـ[7]
ولهذا لم يذكره ابن شاس أبو محمد عبد الله بن نجم بن شاس
( ت : 616 ) في "عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة" و ابن الحاجب أبو عمرو عثمان بن عمر ( ت :
646 ) في مختصره "جامع الأمهات" و ابن جزي أبو القاسم محمد بن أحمد الغرناطي ( ت : 741 ) في "القوانين الفقهية" و ذكروا مكانه "الفور[8]" مطلقا، وخصّه ابن جزي في الشرح بـ "الذكر و القدرة"[9] أما ابن شاس و ابن الحاجب
فحكيا الخلاف[10].
واقتصر ابن زرب على الأفعال الأربعة المذكورة في الآية، قال : وفروض الوضوء : أربعة خصال...واكتفى بذكر آية المائدة[11] و أفرد "النية" افتتح بها "كتاب الطهارة"[12] و ذكرها في "الغسل" مع الدلك[13]
*مالم يذكره "القاضي" :
1 الدلك
أو إمرار اليد : لأنه ليس فرضا
مستقلا بل شرطا في الغسل مع صب الماء
و أشار إليه في "الغسل" دون أن يعدّه فرضا مستقلا، قال : فمفروضاته ثلاث و هي 1 النية 2 و تعميم ظاهر البدن و
إمرار اليد على البدن مع الماء – و هذا عندنا من شرط كونه غسلا فيستوي، فيه الغسل
و الوضوء إلا أن العادة قد جرت بذكره مع الغسل – 3 و يفعل الغسل بما يفعل به الوضوء
من الماء المطلق .اهـ[14]
و عدّه ابن الصواف فرضا مستقلا، و جعلها سبعة[15]
2 الموالاة
أو الفور : قال بفرضه :
عبد العزيز بن أبي سلمة[16]
و ذكره "القاضي" في نهاية تفصيل القول في
الفرائض و هو واجب، على القول بسقوطه بالنسيان– وهو المشهور
– ، و يذكر في الفروض بشرط الذكر كما سبق في كلام "القاضي"
:"ومن شيوخنا من يعد الموالاة فرضا مع الذكر .اهـ[17]
وقال ابن رشد الجد : ومن أصحابنا من يُعبّر
على مذهبه [ ابن القاسم ] هذا في الفور أنه فرض بالذكر يسقط بالنسيان كالكلام في
الصلاة .اهـ[18]
و هو صنيع ابن يونس "والموالاة مع الذكر" و جعل الفرائض
سبعة، و تبعه أبو الطاهر ابن بشير، وذكره مطلقا : ابن شاس و ابن
الحاجب و ابن جزي
و الأولى أن يذكر في "الواجب" لا مع "الفرائض" كما صنع ابن الصواف و تبعه أبو إسحاق إبراهيم بن أبي زكريا التلمساني[19]
3 الترتيب
بين أعضاء الوضوء : لأنه سنة في
المذهب، و كان مالك يقول به ثم رجع عنه و قال به من أصحابه أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري ( ت : 242
) و حكاه عن أهل المدينة، و هو رواية علي بن زياد عن
مالك
قال ابن عبد البر
أبو عمر يوسف بن عبد الله ( ت: 463 ) : و قد كان مالك يوجب
الترتيب، ثم رجع عنه، و قال به أبو
مصعب الزهري صاحبه .اهـ[20]
و قال ابن رشد الجد : وروى علي بن زياد
عن مالك أن من نكّس
وضوءه أعاد الوضوء والصلاة فجعله فرضا، و إلى هذا ذهب أبو مصعب، وحكاه عن أهل المدينة، ومعلوم أن مالكا منهم
وإمام فيهم .اهـ[21]
ونسب أبو عبيد القاسم بن سلام ( ت : 224 ) لـ مالك الوجوب
قال : وقال مالك بن أنس إن بدأ بذراعيه قبل وجهه
لم يجزه، وعليه أهل الحجاز أو كثير منهم .اهـ[22]
خلاصة
فرائض الوضوء : قال ابن رشد الجد : ففرائض الوضوء ثمانية، منها :
أربعة متفق عليها عند أهل العلم : وهي التي نصّ الله تبارك وتعالى
عليها : غسل الوجه، واليدين، ومسح الرأس، وغسل الرجلين.
واثنان متفق عليهما في المذهب : وهما النية، والماء
المطلق الذي لم يتغير أحد أوصافه بشيء طاهر حل فيه أو نجس.
واثنان مختلف فيهما في المذهب : وهما الفور، والترتيب .اهـ[23]
و لم يذكر النية في "المختلف فيه"، و قال ابن الحاجب في الفرائض : النية على الأصح .اهـ[24]
و قال ابن بشير أبو الطاهر إبراهيم بن عبد ( ت : بعد 536 ) : وقد قدمنا أن النية من فروض
الوضوء، و أن الغسل يشاركه في ذلك. و هذا هو المشهور من المذهب، و حكى ابن المنذر عن مالك في كتابه "الوسيط" أن النية غير واجبة في الوضوء، وكذلك يكون على هذا حكمها في الغسل .اهـ[25]
و قال المازري أبو عبد
الله محمد بن علي بن عمر ( 536 ) : المشهور أنها تفتقر إلى نية أيضا. وحكي عن مالك أن الوضوء لا
يفتقر إلى نية. ويتخرج على هذه الرواية الغسل .اهـ[26]
قال ابن المنذر أبو بكر محمد بن إبراهيم ( ت : 319 ) : وحكى الوليد بن مسلم ( ت : 195 ) عن الأوزاعي [ أبي عمرو عبد الرحمن بن
عمرو ( ت : 157 ) ] أنه قال : لا يجزيه في التيمم و يجزيه
في الوضوء، وحكى الوليد مثله عن مالك و الثوري
[ سفيان بن سعيد ( ت : 161 ) ] ... وأما ما حكاه عن مالك فما رواه أصحاب مالك عنه [
عبد الله ] ابن وهب ( ت
: 197 ) و [ عبد الرحمن ] ابن القاسم ( ت : 191 ) أصح والله أعلم .اهـ[27]
[1] التلقين ص 18 – 19 ط : بوخبزة 38 – 39 ط : الغاني
[2] الخصال الصغير ص 28
[3] اللمع ص 28
[4] الجامع لمسائل المدونة 1
/ 19
[5] التنبيه على مبادئ
التوجيه 1 / 215
[6] يأتي نقل كلامه
[7] الحاوي 1 / 132
[8] عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم
المدينة 1 / 28 – 33 جامع الأمهات ص 44 – 49
القوانين الفقهية ص 82
[9] القوانين الفقهية ص
84
[10] عقد الجواهر الثمينة
في مذهب عالم المدينة 1
/ 33
[11] الخصال
[12] الخصال
[13] الخصال
[14] التلقين ط الغاني ص 52 - 53 ط بوخبزة ص: 23
[15] الخصال الصغير ص 28
[16] المقدمات الممهدات 1 / 80
[17] التلقين ط الغاني ص 42 ط بو خبزة ص 20
[18] المقدمات الممهدات 1 / 80
[19] الخصال الصغير ص 28 اللمع ص 28
[20] الكافي المقدمات
الممهدات 1 / 81
[21] المقدمات الممهدات 1
/ 81
[22] الطهور ص 354
[23] المقدمات الممهدات 1 / 80
[24] جامع الأمهات ص 44
[25] التنبيه على مبادئ
التوجيه 1 / 305
[26] شرح التلقين 1 / 138 روضة المستبين 1 / 159 – 160
[27] الأوسط 1 / 370
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق