الأربعاء، 15 يوليو 2020

شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 13

شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 13

بوعلام محمد بجاوي

المسألة السابعة : فرائض الوضوء

قال القاضي :"ففروضه ستة، و هي : 1 النية، و 2 غسل الوجه كله و 3 غسل اليدين إلى آخر المرفقين، و 4 المسح بالرأس كله، و 5 غسل الرجلين إلى الكعبين، و 6 ما به يفعل ذلك و هو الماء المطلق[1]"

جعلها ستة بإضافة "الماء المطلق" وإسقاط "الموالاة" وتبعه على ذكر "الماء المطلق": ابن الصواف أبو يعلى أحمد بن محمد البصري ( ت : 489 ) في "الخصال الصغير[2]" – وجعلها سبعة بإضافة "الدلك" – و أبو إسحاق إبراهيم بن أبي زكريا التلمساني ( ت : 663 ) في "اللمع[3]"- والكتابان اختصار لـ "التلقين" – ، وذكره أيضا ابن يونس أبو بكر محمد بن عبد الله بن يونس الصقلي ( ت : 451 ) في "الجامع لمسائل المدونة[4]" وهو كثير الاعتماد على "التلقين"، يَفتتح بكلامه البابَ – لكنه جعلها سبعة بإضافة "الموالاة" – وتبعه ابن بشير أبو الطاهر إبراهيم بن عبد ( ت : بعد 536 ) في "التنبيه على مبادئ التوجيه[5]"، و ابن رشد الجد في "المقدمات الممهدات" وجعلها ثمانية – ذكر الترتيب – لأنه جمع المتفق عليه و المختلف فيه[6].

ومن الفقهاء من لا يعد الماء في "الفرائض" لأنه ليس من أفعال الوضوء.

قال الماوردي أبو الحسن علي بن محمد الشافعي ( ت : 450 ) : فأما الماء الطاهر : فليس من أفعال الوضوء فلم يدخل في عدد فروضه، ومن أصحابنا من كان يعده فرضا ثامنا .اهـ[7]

ولهذا لم يذكره ابن شاس أبو محمد عبد الله بن نجم بن شاس ( ت : 616 ) في "عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة" و ابن الحاجب أبو عمرو عثمان بن عمر ( ت : 646 ) في مختصره "جامع الأمهات" و ابن جزي أبو القاسم محمد بن أحمد الغرناطي ( ت : 741 ) في "القوانين الفقهية" و ذكروا مكانه "الفور[8]" مطلقا، وخصّه ابن جزي في الشرح بـ "الذكر و القدرة"[9] أما ابن شاس و ابن الحاجب فحكيا الخلاف[10].

واقتصر ابن زرب على الأفعال الأربعة المذكورة في الآية، قال : وفروض الوضوء : أربعة خصال...واكتفى بذكر آية المائدة[11] و أفرد "النية" افتتح بها "كتاب الطهارة"[12] و ذكرها في "الغسل" مع الدلك[13]

*مالم يذكره "القاضي" :

1 الدلك أو إمرار اليد : لأنه ليس فرضا مستقلا بل شرطا في الغسل مع صب الماء

و أشار إليه في "الغسل" دون أن يعدّه فرضا مستقلا، قال : فمفروضاته ثلاث و هي 1 النية 2 و تعميم ظاهر البدن و إمرار اليد على البدن مع الماء – و هذا عندنا من شرط كونه غسلا فيستوي، فيه الغسل و الوضوء إلا أن العادة قد جرت بذكره مع الغسل – 3 و يفعل الغسل بما يفعل به الوضوء من الماء المطلق .اهـ[14]

و عدّه ابن الصواف فرضا مستقلا، و جعلها سبعة[15]

2 الموالاة أو الفور : قال بفرضه : عبد العزيز بن أبي سلمة[16]

و ذكره "القاضي" في نهاية تفصيل القول في الفرائض و هو واجب، على القول بسقوطه بالنسيان– وهو المشهور – ، و يذكر في الفروض بشرط الذكر كما سبق في كلام "القاضي" :"ومن شيوخنا من يعد الموالاة فرضا مع الذكر .اهـ[17]

وقال ابن رشد الجد : ومن أصحابنا من يُعبّر على مذهبه [ ابن القاسم ] هذا في الفور أنه فرض بالذكر يسقط بالنسيان كالكلام في الصلاة .اهـ[18]

و هو صنيع ابن يونس "والموالاة مع الذكر" و جعل الفرائض سبعة، و تبعه أبو الطاهر ابن بشير، وذكره مطلقا : ابن شاس و ابن الحاجب و ابن جزي

و الأولى أن يذكر في "الواجب" لا مع "الفرائض" كما صنع ابن الصواف و تبعه أبو إسحاق إبراهيم بن أبي زكريا التلمساني[19]

3 الترتيب بين أعضاء الوضوء : لأنه سنة في المذهب، و كان مالك يقول به ثم رجع عنه و قال به من أصحابه أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري ( ت : 242 ) و حكاه عن أهل المدينة، و هو رواية علي بن زياد عن مالك

قال ابن عبد البر أبو عمر يوسف بن عبد الله ( ت: 463 ) : و قد كان مالك يوجب الترتيب، ثم رجع عنه، و قال به أبو مصعب الزهري صاحبه .اهـ[20]

و قال ابن رشد الجد : وروى علي بن زياد عن مالك أن من نكّس وضوءه أعاد الوضوء والصلاة فجعله فرضا، و إلى هذا ذهب أبو مصعب، وحكاه عن أهل المدينة، ومعلوم أن مالكا منهم وإمام فيهم .اهـ[21]

ونسب أبو عبيد القاسم بن سلام ( ت : 224 ) لـ مالك الوجوب

قال : وقال مالك بن أنس إن بدأ بذراعيه قبل وجهه لم يجزه، وعليه أهل الحجاز أو كثير منهم .اهـ[22]

خلاصة فرائض الوضوء : قال ابن رشد الجد : ففرائض الوضوء ثمانية، منها :

أربعة متفق عليها عند أهل العلم : وهي التي نصّ الله تبارك وتعالى عليها : غسل الوجه، واليدين، ومسح الرأس، وغسل الرجلين.

واثنان متفق عليهما في المذهب : وهما النية، والماء المطلق الذي لم يتغير أحد أوصافه بشيء طاهر حل فيه أو نجس.

واثنان مختلف فيهما في المذهب : وهما الفور، والترتيب .اهـ[23]

و لم يذكر النية في "المختلف فيه"، و قال ابن الحاجب في الفرائض : النية على الأصح .اهـ[24]

و قال ابن بشير أبو الطاهر إبراهيم بن عبد ( ت : بعد 536 ) : وقد قدمنا أن النية من فروض الوضوء، و أن الغسل يشاركه في ذلك. و هذا هو المشهور من المذهب، و حكى ابن المنذر عن مالك في كتابه "الوسيط" أن النية غير واجبة في الوضوء، وكذلك يكون على هذا حكمها في الغسل .اهـ[25]

و قال المازري أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر ( 536 ) : المشهور أنها تفتقر إلى نية أيضا. وحكي عن مالك أن الوضوء لا يفتقر إلى نية. ويتخرج على هذه الرواية الغسل .اهـ[26]

قال ابن المنذر أبو بكر محمد بن إبراهيم ( ت : 319 ) : وحكى الوليد بن مسلم ( ت : 195 ) عن الأوزاعي [ أبي عمرو عبد الرحمن بن عمرو ( ت : 157 ) ] أنه قال : لا يجزيه في التيمم و يجزيه في الوضوء، وحكى الوليد مثله عن مالك و الثوري [ سفيان بن سعيد ( ت : 161 ) ] ... وأما ما حكاه عن مالك فما رواه أصحاب مالك عنه [ عبد الله ] ابن وهب ( ت : 197 ) و [ عبد الرحمن ] ابن القاسم ( ت : 191 ) أصح والله أعلم .اهـ[27]


[1] التلقين ص 18 – 19 ط : بوخبزة  38 – 39 ط : الغاني

[2] الخصال الصغير ص  28

[3] اللمع ص 28

[4] الجامع لمسائل المدونة 1 / 19

[5] التنبيه على مبادئ التوجيه 1 / 215

[6] يأتي نقل كلامه

[7] الحاوي 1 / 132

[8] عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة 1 / 28 – 33 جامع الأمهات ص 44 – 49 القوانين الفقهية ص 82

[9] القوانين الفقهية ص 84

[10] عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة 1 / 33

[11] الخصال

[12] الخصال

[13] الخصال

[14] التلقين ط الغاني ص 52 - 53 ط بوخبزة ص: 23

[15] الخصال الصغير ص 28

[16] المقدمات الممهدات 1 / 80

[17] التلقين ط الغاني ص 42 ط بو خبزة ص 20

[18] المقدمات الممهدات 1 / 80

[19] الخصال الصغير ص 28 اللمع ص 28

[20] الكافي المقدمات الممهدات 1 / 81

[21] المقدمات الممهدات 1 / 81

[22] الطهور ص 354

[23] المقدمات الممهدات 1 / 80

[24] جامع الأمهات ص 44

[25] التنبيه على مبادئ التوجيه 1 / 305

[26] شرح التلقين 1 / 138 روضة المستبين 1 / 159 – 160

[27] الأوسط 1 / 370

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق