الجمعة، 21 مارس 2025

بين يدي رمضان 32

بين يدي رمضان 32

بين يدي رمضان 32

✍بوعلام محمد بجاوي

علامتها:

تطلع الشمس صبيحتها لا شعاع لها

سبق في حديثين أن النبي صلى الله عليه وسلم هم بإخبار أصحابه عن ليلة القدر ثم نسيها

الأول: حديث أنس [بن مالك] عن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال: خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان، فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم، فالتمسوها في التاسعة، والسابعة، والخامسة [خ/ 49، 2023، 6049]

الآخر: حديث من طريق أبي نضرة [المنذر بن مالك] عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:... يا أيها الناس، إنها كانت أبينت لي ليلة القدر، وإني خرجت لأخبركم بها، فجاء رجلان يحتقان (يختصمان) معهما الشيطان، فنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان، التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة" [مسلم 217 - (1167)]

اُستدل بهذا على اليأس من معرفة ليلة القدر

قال القاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت: 544): قال أبو القاسم المهلب [بن أحمد بن أسيد (ت: 433 أو بعدها)]: معرفة حقيقة ليلة القدر لا تستطاع لإخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن علمها قد رفع، يريد بقوله في الحديث " أُبينت لي فخرجت لأخبركم بها فتلاحى فيه رجلان، فرفعت، و عسى أن يكون خيراً لكم" على رواية البخاري، وفي مسلم "فجاء رجلان يحتقان فأنسيتها"، وألفاظ الحديث متقاربة المعنى، وفيه شؤم الاختلاف والجزاء والعقوبة عليه.اهـ[1]

وقال: ابن العربي أبو بكر محمد بن عبد الله (ت: 543) في الكلام عن "الصلاة الوسطى": وأما من قال: إنها غير معينة، فلتعارض الأدلة وعدم الترجيح، وهذا هو الصحيح، فإن الله خبّأها في الصلوات كما خبّأ ليلة القدر في رمضان، وخبّأ الساعة في يوم الجمعة، وخبّأ الكبائر في السيئات، ليحافظ الخلق على الصلوات، ويقوموا جميع شهر رمضان، ويلزموا الذكر في يوم الجمعة كله، ويجتنبوا جميع الكبائر والسيئات.اهـ[2]

المقصود خبأها في العشر الأواخر من رمضان

قال في تفسير }وليال عشر{ [الفجر: 2]: نحن نعينها بضرب من النظر، وهي العشر الأواخر من رمضان؛ لأنا لم نر في هذه الليالي المعتبرات أفضل منها، لا سيما وفيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فلا يعادلها وقت من الزمان.اهـ[3]

المقصود أنها تتنقل في العشر الأواخر بالنظر إلى علامتها

قال: ثم وجدناها بالرؤيا الحق ليلة إحدى وعشرين في عام، ثم وجدناها بالرؤيا الصدق في ليلة ثلاث وعشرين في عام، ثم وجدناها بالعلامة الحق ليلة سبع وعشرين، فعلمنا أنها تنتقل في الأعوام، لتعم بركتها من العشر الأواخر جميع الأيام، وخبأها عن التعيين ليكون ذلك أبرك على الأمة في القيام في طلبها شهرا أو أياما، فيحصل مع ليلة القدر ثواب غيرها، كما خبأ الكبائر في الذنوب وساعة الجمعة في اليوم حسبما قدمناه.اهـ[4]

فقول ابن العربي خلاف قول المهلب، بخلاف ما نسب إليه ابن حجر:

قال ابن حجر العسقلاني أبو الفضل أحمد بن علي (ت: 852): وقال ابن العربي: الصحيح أنها لا تعلم. وهذا يصلح أن يكون قولا آخر، أنكر هذا القول النووي، وقال: قد تظاهرت الأحاديث بإمكان العلم بها وأخبر به جماعة من الصالحين فلا معنى لإنكار ذلك.اهـ[5]

قال النووي أبو زكريا يحيى بن شرف (ت: 676): واعلم أن ليلة القدر موجودة كما سبق بيانه في أول الباب فإنها ترى ويتحققها من شاء الله تعالى من بني آدم كل سنة في رمضان، كما تظاهرت عليه هذه الأحاديث السابقة في الباب، وإخبار الصالحين بها ورؤيتهم لها أكثر من أن تحصر، وأما قول القاضي عياض عن المهلب بن أبي صفرة: لا يمكن رؤيتها حقيقة فغلط فاحش نبهت عليه لئلا يغتر به، والله أعلم.اهـ[6]

يقصد رؤية علامتها علامتها، وهي: طلوع الشمس صبيحتها لا شعاع لها  

مسلم 220 - (762) حدثنا محمد بن حاتم و[محمد بن يحيى] ابن أبي عمر – كلاهما – عن [سفيان] ابن عيينة – قال ابن حاتم: حدثنا سفيان بن عيينة – عن عبدة [بن أبي لبابة] وعاصم بن أبي النجود سمعا زر بن حبيش، يقول: سألت أبي بن كعب رضي الله عنه، فقلت: إن أخاك ابن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر؟ فقال – رحمه الله –: أراد ألاّ يتكل الناس، أما إنه قد علم أنها في رمضان، وأنها في العشر الأواخر، وأنها ليلة سبع وعشرين، ثم حلف لا يستثني، أنها ليلة سبع وعشرين، فقلت: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال: بالعلامة، أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنها تطلع يومئذ، لا شعاع لها

قال القاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت: 544): وقوله في أن "الشمس في صبيحتها لا شعاع لها":

قيل: علامة جعلها الله لها

وقيل: بل لكثرة اختلاف الملائكة في ليلتها، ونزولها إلى الأرض وصعودها، بما تنزلت به من عند الله، وبكل أمر حكيم، وبالثواب والأجور، سترت أجسامُها اللطيفة وأجنحتها شعاعها، وحجبت نورها.اهـ[7]

لا يختلف الرأيان على أنها علامة لها، الفرق:

في الأول: علامة مقصودة

وفي الآخر: هي غير مقصود، لكن تحصل اتفاقا؛ لكثرة صعود ونزول الملائكة فيها.

بين يدي رمضان 33

بين يدي رمضان 01

صفحة المواسم



[1] إكمال المعلم بفوائد مسلم 4 / 147 – 148

[2] أحكام القرآن 1 / 226

[3] أحكام القرآن 4 / 1926

[4] أحكام القرآن 4 / 1968

[5] فتح الباري 4 / 266

[6] شرح مسلم 8 / 66

[7] إكمال المعلم بفوائد مسلم 4 / 147 – 148

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق