الجمعة، 14 مارس 2025

بين يدي رمضان 31

بين يدي رمضان 31
بين يدي رمضان
31

✍بوعلام محمد بجاوي

خلاصة الخلاف في تعيين ليلة القدر:

قال ابن العربي أبو بكر محمد بن عبد الله (ت: 543 ): اختلف العلماء في ليلة القدر وفي تعينها وفي ميقات رجائها على ثلاثة عشر قولا:

القول الأول: قيل: هي في العام كله

قال ابن مسعود: من يقم الحول يصب ليلة القدر

[سبق في حديث أبي بن كعب:... إن أخاك ابن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر؟ فقال – رحمه الله –: أراد ألاّ يتكل الناس، أما إنه قد علم أنها في رمضان، وأنها في العشر الأواخر.]

القول الثاني - قيل: إنها في شهر رمضان

لقوله تعالى: }شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن { الآية [البقرة: 185]، فجعله محلا عاما في لياليه وأيامه لنزول القرآن، ثم قال تعالى: }إنا أنزلناه في ليلة القدر{ الآية [القدر: 1]، فجعله خاصا في ليلة القدر منه.

[المقصود نزل القرآن تاما إلى السماء الدنيا في ليلة من ليالي رمضان، أو ابتدأ نزوله في شهر رمضان أي في ليلة القدر – والأول أقرب – وآية القدر تخصص آية البقرة]

القول الثالث: قيل إنها ليلة سبع عشرة ليلة من رمضان

قاله ابن الزبير، ورواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك إشارة من كتاب الله تعالى، وهي قوله: }وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان{ الآية [الأنفال: 41]، وذلك ليلة سبع عشرة من رمضان.

[قال القرطبي أبو عبد الله محمد بن أحمد (ت: 671) هذا القول في تعيين ليلة القدر وأنها: ليلة السابع عشر

قال: وقال الحسن وابن إسحاق وعبد الله بن الزبير: هي ليلة سبع عشرة من رمضان، وهي الليلة التي كانت صبيحتها وقعة بدر. كأنهم نزعوا بقوله تعالى }وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان{ [الأنفال: 41] وكان ذلك ليلة سبع عشرة.اهـ[1] وسبق الكلام عن هذه المسألة في "نزول القرآن"، الشاهد عندهم سمّى يوم بدر يوم الفرقان، أي يوم نزول القرآن، وسبق أن الصواب أن المقصود بالفرقان غير القرآن]

القول الرابع: قيل إنها ليلة إحدى وعشرين

لرؤيا النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد في صبيحتها في ماء وطين، فكان ذلك فيها [سبق ذكر الرواية]

القول الخامس: أنها ليلة ثلاث وعشرين

وهي رواية عبد الله بن أبي أنيس عن النبي صلى الله عليه وسلم [سبق ذكر الرواية]

وقد روى أهل الزهد أن جماعة منهم سافروا في البحر في رمضان، فلما كان ليلة ثلاث وعشرين سقط أحدهم من السفينة في البحر في رمضان، فرجرج الماء في حلقه فهذا هو حلو. وكان ما ينزل من السماء في تلك الليلة من البركة والرحمة تقلب الأجاج المالح عذبا، فما ظنك بهذا إذا وجدت ذنبا، وذلك قوله: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه" وقوله: "من قام ليلة القدر إيمانا..." [سبق في فضائل الشهر] الحديث، وإن قام الشهر كله فقد نالها، وأن اتفق أن يقوم منه ليلة فصادفها فقد نالها.

القول السادس: أنها ليلة خمس وعشرين

وفي ذلك أثر مأثور. [سبق في "نزول القرآن"]

القول السابع: أنها ليلة سبع وعشرين

قاله أبي بن كعب وقال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آية تلك الليلة أن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها، كأن الأنوار قد محيت عنها [سبق ذكر الرواية]، وكان ابن عباس رضي الله عنه يحلف أنها ليلة سبع وعشرين - وينزع في ذلك بإشارة عليها بنى الصوفية عقدهم في كثير من الدلالة - ويقول: إذا عددت حروف }إنا أنزلناه في ليلة القدر{ [يعني سورة القدر] فقولك: }هي{ هو الحرف السابع والعشرون من السورة، وهو موضع الاشعار بها. [وعن ابن عباس: تم الكلام عند قوله: سلام، ولفظة }هي{ إشارة إلى أنها ليلة سبع وعشرين من الشهر، إذ هذه الكلمة هي السابعة والعشرون من كلمات هذه السورة، انتهى. ولا يصح مثل هذا عن ابن عباس، وإنما هذا من باب اللغز المنزه عنه كلام الله تعالى.اهـ[2]]

القول الثامن: أنها في أشفاع هذه الأفراد

وادعت ذلك الأنصار في تفسير قوله: "التمسوها في تاسعة تبقى" قالوا هي ليلة ثنتي وعشرين قالوا: ونحن أعلم بالعدد منكم [سبق ذكر هذه الرواية، وتفسيرها]

القول التاسع: أن الصحيح منها: لا تعلم، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قد حض على رمضان، وحض بالتخصيص العشر الأواخر.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحيي فيها ليله ويوقظ أهله ويشد مئزره، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها في العشر الأواخر.

[العاشر: ذكر في "القبس" أنه هو الصحيح] وفي الحديث دليل على أنها متنفلة غير مخصوصة بليلة؛ لأن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم خرجت في صبيحة ليلة إحدى وعشرين من رمضان وعلى جسمه وأنفه أثر الماء والطين. واستفتاه رجل ليختار له عند عجزه عن عموم الجميع، فاختار له ليلة ثلاث وعشرين، فدل ذلك أنها تنتقل، وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبخس السائل حظه منها... فهذه ثلاثة عشر قولا للعلماء.اهـ[3]

وذكر نحوه في "القبس[4]" وفيه أيضا "ثلاثة عشر قولا" ولم يذكر غير تسعة أقوال ورجح عليها قولا عاشرا، والله أعلم

بين يدي رمضان 32

بين يدي رمضان 01

صفحة المواسم



[1] الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمّنه من السنة وآي القرآن (تفسير القرطبي) 22 / 399 – ط: الرسالة

[2] البحر المحيط 10 / 516

[3] المسالك في شرح موطأ مالك 4 / 265 – 268

[4] القبس ص: 435 – 537

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق