بين يدي رمضان 28
✍بوعلام محمد بجاوي
الوتر من العشر الأواخر:
*عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: كان
رسول الله صلى
الله عليه وسلم يجاور في رمضان العشر التي في وسط الشهر، فإذا كان حين يمسي من
عشرين ليلة تمضي ويستقبل إحدى وعشرين رجع إلى مسكنه، ورجع من كان يجاور معه، وأنه
أقام في شهر جاور فيه الليلة التي كان يرجع فيها، [في قبة تركية على
سدتها حصير، قال: فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة، ثم أطلع رأسه فكلّم
الناس، فدنوا منه، فقال. م/ 215- (1167)] فخطب
الناس، فأمرهم ما شاء الله، ثم قال: كنت أجاور هذه العشر، ثم قد بدا لي ("فقيل لي".
م/ 215- (1167)) أن أجاور هذه العشر الأواخر، فمن
كان اعتكف معي فليثبت في معتكفه، وقد أريت هذه الليلة، ["ثم أنسيتها، فابتغوها
في العشر الأواخر، وابتغوها في كل وتر". غير مذكور في خ/ 2040 وفي م/ 215-
(1167) "وإني أريتها ليلة وتر"] وقد
رأيتني أسجد في ماء وطين
فاستهلت السماء في تلك الليلة فأمطرت، ["وكان المسجد على العريش (عريشا)" خ/ 2027، 2040 "وكان من
جريد النخل" خ/ 2016 م/ 216 - (1167)] فوكف المسجد ("حتى سال سقف
المسجد" م/ 216 - (1167)) في مصلى النبي صلى
الله عليه وسلم ليلة إحدى وعشرين، فبصرت
عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونظرت إليه انصرف من الصبح ووجهه ("وجهه وأرنبته" خ/ 2036. "أنفه
وأرنبته" خ/ 2040.
"جبينه" م/ 214، 215، 216- (1167). "جبينه وروثة أنفه" م/ 215
- (1167) "جبهته وأرنبته" م/ معطوف على 216 - (1167))
ممتلئ طينا وماء [خ/ 2016، 2018، 2027، 2036، 2040 – م/ 213، 214، 215 - (1167)]
*وأخرجه مسلم 217 - (1167) من طريق أبي نضرة [المنذر بن مالك] عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان، يلتمس ليلة القدر قبل أن
تبان له، فلما انقضين أمر بالبناء فقوض، ثم أبينت له أنها في العشر الأواخر، فأمر
بالبناء فأعيد، ثم خرج على الناس، فقال: يا أيها
الناس، إنها كانت أبينت لي ليلة القدر، وإني خرجت لأخبركم بها، فجاء رجلان يحتقان
(يختصمان) معهما الشيطان، فنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان، التمسوها
في التاسعة والسابعة والخامسة
قال قلت: يا أبا سعيد،
إنكم أعلم بالعدد منا، قال: أجل، نحن أحق بذلك منكم
قال قلت: ما التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال: إذا مضت
واحدة وعشرون، فالتي تليها ثنتين وعشرين وهي التاسعة، فإذا مضت ثلاث وعشرون، فالتي
تليها السابعة، فإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة
فيه تنبيهان:
الأول: المقصود الأيام المتبقية فقوله التاسعة يعني بقي تسعة أيام لا
الليلة التاسعة من العشر الأواخر
لهذا قدم النبي صلى الله
عليه وسلم التاسعة ثم السابعة ثم
الخامسة وقد جاء صريحا في رواية ابن عباس الآتية "تاسعة تبقى"
قال ابن بطال أبو الحسن علي بن خلف (ت: 449): طريقة العرب في التأريخ إذا جازوا نصف الشهر، فإنما يؤرخوا بالباقي
منه لا بالماضي، ولهذا المعنى عدوا تاسعة تبقى[1] ليلة إحدى وعشرين، ولم يعدوها ليلة تسع وعشرين،
وعدوا سابعة تبقى ليلة أربع وعشرين[2]،
ولم يعدوها ليلة سبع وعشرين لما لم يأخذوا العدد من أول العشر. وإنما كان يكون ذلك
لو قال عليه السلام "في تاسعة تمضي"
ولما قال عليه السلام: "التمسوها في التاسعة والخامسة" وكان كلاما
مجملاً يحتمل معاني، وخشي عليه السلام التباس معناه على أمته، بَيَّن الوجه المراد منه
فقال: "في تاسعة تبقى، وفي سابعة تبقى، وفى خامسة
تبقى" ليزول الإشكال في ذلك، والله أعلم.اهـ[3]
قال ابن عبد
البر أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري (ت: 463): وقد
قال مالك وغيره من العلماء ما وصفت لك، واستدلوا على ذلك بأنه قد روي منصوصا مثل
قولهم هذا[4]،
وبتقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم التاسعة على السابعة والسابعة على الخامسة.اهـ[5]
الآخر: الشهر تام وناقص وعليه تختلف الليلة باختلافه
قال القرطبي أبو العباس
أحمد بن عمر (ت: 656): وقول الرجل لأبي سعيد "إنكم أعلم بالعدد منا": أي بهذا العدد الذي
ذكر، وذلك لأنه محتمل لأن يعتبر بكمال الشهر أو بنقصه[6]،
وقد اعتبره أبو سعيد هنا بالباقي على كمال الشهر.اهـ[7]
قال ابن عبد البر:
وهذا يدل على اعتباره كمال العدد ثلاثين يوما، وهو الأصل والأغلب، وما خالفه فإنما
يعرف بنزوله لا بأصله.اهـ[8]
وعلى تفسير أبي سعيد لا تكون ليلة وتر، التاسعة ليلة
اثنين وعشرين، والسابعة ليلة أربع وعشرين، والخامسة، ليلة ست وعشرين
قال ابن العربي أبو بكر
محمد بن عبد الله (ت: 543) في حكاية الأقوال في "ليلة القدر":
القول الثامن: أنها في أشفاع هذه الأفراد، وادعت ذلك الأنصار في (تفسير[9])
قوله "التمسوها في تاسعة تبقى"
قالوا هي ليلة ثنتي وعشرين قالوا: ونحن أعلم بالعدد منكم.اهـ[10]
وفرع عليه ابن بطال أنها تكون ليلة وتر وليلة شفع حسب الشهر
قال: وإنما يصح معناه وتوافق ليلة القدر وترًا من الليالي
على ما ذكر في الحديث إذا كان الشهر ناقصًا، فأما إن كان كاملاً، فإنها لا تكون
إلا في شفع فتكون التاسعة الباقية ليلة ثنتين وعشرين، والخامسة الباقية ليلة ست
وعشرين، والسابعة الباقية ليلة أربع وعشرين على ما ذكره البخاري عن ابن عباس، فلا
تصادف واحدة منهن وترا، وهذا يدل على انتقال ليلة القدر كل سنة في العشر الأواخر
من وتر إلى شفع، ومن شفع إلى وتر؛ لأن النبيّ عليه
السلام لم يأمر أمته بالتماسها في
شهر كامل دون ناقص، بل أطلق على طلبها في جميع شهور رمضان التي قد رتبها الله مرة
على التمام، ومرة على النقصان، فثبت انتقالها في العشر الأواخر كلها كما قاله أبو
قلابة.اهـ[11]
[1] رواية ابن عباس،
تأتي
[2] لو قال "ثلاث وعشرين" لكان أولى كما في قال في التاسعة
ليلة "واحد وعشرين" باعتبار النقص تسعة وعشرين يوما
[3] شرح صحيح
البخاري 4 / 157
[4] حديث ابن عباس "تاسعة تبقى"
[5] التمهيد 2 / 202
[6] ثلاثون يوما او تسعة وعشرون يوما
[7] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم 3 / 243
[8] التمهيد 2 / 203
[9] استدركها المحقق من عارضة الأحوذي وأحكام القرآن
[10] المسالك في شرح موطأ مالك 4 / 266 – 267
[11] شرح صحيح البخاري 4 / 156
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق