✍بوعلام محمد بجاوي
ثم ذكر أن غير المركب هو غير المرئي
وغير المدرك بالحواس
قال "سقراط": ولكن
هذه الأشياء [ المركبة ] من الممكن لمسها، ومن الممكن رؤيتها، ومن الممكن إدراكها
بحاسة أخرى من الحواس، أما الأشياء التي تبقى في ذاتها على نفس الحال من جهة أخرى،
فإنه ليس من وسيلة للوصول إليها إلا باستخدام العقل، حيث إنها خافية ولا يمكن أن
يدركها النظر
فرد "كيبيس":
كلامك حقيقي كل الحق
وأضاف "سقراط":
فهل نقول إذن – إن شئت – بأن هناك نوعين من الموجودات: النوع المرئي من جهة،
والنوع غير المرعي من جهة أخرى؟
فردّ: فلنقل بهذا
وبأن النوع غير المرئي هو دائما على
نفس الحال وفي ذاته، أما المرئي فليس أبدا هو هو .اهـ[1]
ثم خلص إلى أن النفس تشبه الإلهي
قال "سقراط":
النفس تشبه أقرب الشبه الإلهي والخالد والمعقول وذي الطبيعة الواحدة الذي لا يتحلل
والذي هو هو ذاته دائما على نفس الحال، أما الجسم من ناحية أخرى: فإنه يشبه أقرب
الشبه ما هو إنساني وفان ومتعدد الطبيعة وغير معقول، والذي لا يبقى أبدا هو هو على
نفس الحال .اهـ[2]
وقال: لقد تم البرهان على أن النفس
شيء ذو متانة، وأنها من طبيعة إلهية، وأنها وجدت قبل أن نكون نحن بشرا .اهـ[3]
وسبق قوله: أما العودة إلى جنس الآلهة، فلن
يكون إلا للنفوس التي اشتغلت بالفلسفة، وغادرت الجسد طاهرة كل الطهر، فليس من
المسموح بالوصول إلى هذا إلا لمحب المعرفة .اهـ[4]
وهذا الأصل الذي تنفى به الصفات
الذاتية عن الله كـ: الوجه واليدين، فلو كان لله هذه الصفات لكان جسما مركبا، ثم
نفي رؤية الله تصريحا أو حقيقة لا تصريحا
لكن ما ينسب إلى "سقراط"
وغيره من المحاورين، هو رأيهم حكاه عنهم أفلاطون أو هو رأي أفلاطون عرضه بلسان
غيره؟
لعلّ هذا الأخير هو الأقرب، ولهذا
لم يذكر "أرسطو" في
كلامه عن المبدأ "سقراط"، بل
ذكر أن الغالب عليه الكلام في "الأخلاق"
قال "سقراط":
ولكن عندما أهمل سقراط دراسة العالم الطبيعي، وركز في دراساته على الموضوعات
الأخلاقية، كان في الحقيقة يبحث
عن الكلي في الأمور الأخلاقية، وكان
أول من ركز على موضوع التعريفات .اهـ[5]
وهذا الذي ذكره "سقراط" عن
نفسه في "محاورة فيدون": حينما كنت شابا يا "كيبيس"،
كنت متحمسا تحمّسا عجيبا لذلك العلم الذي يسمى "البحث في الطبيعة"،
ولقد بدت لي شيئا باهرا معرفة كل شيء، ما يجعله ينشأ وما يجعله يفنى، وكثيرا ما
شغلت نفسي بأن أقلب ظاهرا وباطنا مسائل أبدأ منها بهذه ... حتى لقد أقنعت نفسي في
النهاية بأنني لست موهوبا لهذا النوع من البحث أية موهبة كانت، وسأعطيك على هذا
برهانا قويا، كانت هناك في بادئ الأمر أشياء كنت أعرفها في يقين ووضوح، أو هكذا
يبدو لي وللآخرين، ولكن البحث أعماني إلى درجة عظيمة حتى أنه طار مني ما كنت تعلمت
من معارف اعتقدت من قبل أنني أعرفها، وذلك حول موضوعات كثيرة .اهـ[6]
وذكر أمثلة
هذا هو حقيقة علم الفلاسفة
والمتكلمين في الخالق، الشك في البدهيات، بل إنكارها، جعلوا صفات الكمال نقصا،
وعدم الصفات كمالا
وعليه فإن ركني الفلسفة هما "أفلاطون" و"أرسطو"،
وألف الفارابي كتاب: الجمع بين الحكيمين[7]
القرآن والعلم الحديث "الأرض" 28
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق