الأربعاء، 17 يناير 2024

القرآن والعلم الحديث "الأرض" 26

القرآن والعلم الحديث "الأرض" 26

القرآن والعلم الحديث "الأرض" 26

✍بوعلام محمد بجاوي

الإلهيات عند سقراط ( 470 ق م – 399 ق م ):

"سقراط" – مع شهرته – لم يترك مؤلفات، عرفه الناس بـ "محاورات أفلاطون"، "سقراط" طرف فيها أو في أغلبها – وهذه طريقة "أفلاطون" في التأليف –، وجمعت المحاورات – وعددها ثمانية وعشرون – مرتبة ترتيبا زمنيا غاب "سقراط" عن المحاورة السابعة والعشرين – وعدد المحاورات المنسوبة إلى أفلاطون أكثر من ثمانية وعشرين – ترجمها من الإنجليزية إلى العربية شوقي داود تمراز واختار "بنيامين جويت، Benjamin Jswett" أربعة جمعها باللغة الإنجليزية، وترجمها للعربية "زكي نجيب محمود" وتتعلق بمحاكمة سقراط وهي: فيدون، أوطيفرون، الدفاع، أقريطون، وأفرد زكي عزت "محاورة فيدون" وجمع الأخرى في "محاكمة سقراط" ترجمها عن الأصل اليوناني، وترجمت مفردة كـ "الجمهورية" – وهي الأشهر – و"الطيماوس" وله أيضا الرسائل وعددها ثلاث عشرة رسالة، في نسبتها إليها جدل، والمطبوع منها المترجم إلى العربية الرسالة السابعة "المنقذ" ترجمة: عبد الغفار مكاوي

ينسب إلى "سقراط" أنه أول من انتقل بالفلسفة من الخرافات ومنها المتعلقة بالآلهة إلى الإله الواحد

ومن الأسباب التي حوكم لأجلها إنكار الآلهة واختراع إله جديد

قال "أوطيفرون": ولكن قلي: ماذا فعلت حتى يقول عنك إنك تفسد الشباب؟

"سقراط": أشياء تبدو غريبة عند سماعها أيها الرجل الرائع، ذلك أنه يقول إنني مخترع آلهة، ومن أجل أنني أخترع آلهة جديدة ولا أعتقد في الآلهة القديمة، من أجل هذا ذاته – فيما يقول –  أقام عليّ الادعاء .اهـ[1]

ونسب إليه ابن تيمية عدم القول بقدم العالم، لكنه مسبوق إليه، والسبب التأثر بالديانات السماوية، و أن "أرسطو" هو أول من قال بقدم العالم

قال ابن تيمية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ( ت : 728 ): ... "ابندقلس" ثم "فيثاغورس" ثم "سقراط" ثم "أفلاطون" قدموا الشام، واستفادوا من بني إسرائيل، ولهذا لم يكن من هؤلاء من قال بقدم العالم بخلاف "أرسطو" .اهـ[2]

مع التنبيه إلى أن المحاورات لها جانبان، جانب فكري وجانب قصصي أو مسرحي، فهي تحاكي في هذا الجانب الثقافة اليونانية المؤمنة بالخرافات والأساطير وتعدد الآلهة، فجرت العادة أن تعرض الأفكار في قصائد شعرية أو مسرحيات، ولها منهجيتها، كما هو متبع في "المسرحيات" إلى اليوم

وتظهر عقيدة "سقراط" في الإلهيات في محاورة "فيدون": 

موضوعها: خلود الروح أو النفس

سياقها: المرحلة الأخيرة من محاكمة سقراط وتناوله السم

المتحاورون مع سقراط: أربعه: "فيدون"، و"سيمياس" و"كيبيس"، و"أقريطون"

العرض: فيدون هو الذي يحكي الحوار لـ "إخيكراطيس"، أي ما جرى في اللقاء الأخير مع "سقراط"

المكان: مدينة "فليوس"

"سقراط": يؤمن بالجزاء

قال "سقراط": بل أنا على أمل عظيم أن هناك شيئا للمتوفين، وأن هذا الشيء بحسب ما يقال منذ قديم، وهو أفضل كثيرا للأبرار عنه للأشرار .اهـ[3]   

"سقراط" يفضل الموت؛ لأن الروح تتخلص من الجسم، الذي يعيقها عن إدراك الحقيقة

فاحتاج إلى أن يبرهن على دوام الروح وبقائها، وأنها لا تفنى مع الجسم، وعليه "الإله" يجب أن يكون روحا أو في معنى الروح حتى يكون أزليا، وأن يضيف العيوب إلى الجسم ويبرئها منها[4]، وأن يخطئ الحواس التي هي من الجسم، والذي لا يخطئ هو الاستدلال العقلي[5]

وهو نفسه المقرر في محاورة "الطيماوس" أو "تـُمَئيس" التي موضوعها الكلام عن المبدأ

وله كلام يشبه عقيدة "المثل" عند "أفلاطون":

وهنا تدخل "كيبيس": والحق يا "سقراط" أنه تبعا لتلك النظرة على شريطة أن تكون صائبة، وهي التي اعتدت أن تكررها مرارا، والتي تقول إن التعلم عندنا ما هو شيء آخر غير التذكر، فإنه ينتج ضرورة أن نكون قد تعلمنا، على نحو ما في زمن سابق ما نحن نتذكره الآن، ولكن هذا لا يكون ممكنا إلا إذا كانت نفسا قد وجدت في مكان ما قبل أن تأخذ الشكل الإنساني الحالي لها، وهكذا تبعا لهذا، فإنه يبدو أن النفس شيء خالد .اهـ[6]

الظاهر من قوله "شيء خالد": شيء أزلي أبدي، وقوله "وجدت": كانت موجودة، وهذه قاعدة الفلاسفة من قبل المعدوم لا يوجد   

وقال: "سقراط" لـ "سيمياس": فمتى إذن حصلت نفوسنا على معرفتها؟ ليس ذلك على أية حال بعد أن يكون البشر قد ولدو؟

بالطبع، لا

إذن قبل ذلك؟ نعم

إذن، فقد كانت نفوسنا موجودة وجودا سابقا، وقبل أن تكون على الشكل الإنساني، منفصلة عن الجسد وممتلكة للفكر .اهـ[7]

وفي سياق استدلاله على خلود الروح، تكلّم عن المركب وغير المركب، وأن المركب يفنى بانفصال ما تركب منه، بخلاف غير المركب

قال "سقراط": أوليس من خواص المركب، ما هو بطبيعته مركب، أن يصيبه هذا: أن يتحلل على نفس النحو الذي تركب عليه؟ وإذا حدث وكان هناك من جهة أخرى شيء غير مركب، ألن يكون من خصائصه وحده أكثر من أي شيء آخر، ألا يكون موضوعا لهذه الحالة؟

قال "كيبيس": يبدو لي الأمر كذلك

إذن فإن تلك الأشياء التي تبقى هي هي في ذاتها، ودائما على نفس الحال، تكون بحسب أكثر احتمال أشياء غير مركبة، ومن جهة أخرى، فإن الأشياء التي تكون أحيانا على نحو وأحيانا أخرى على نحو آخر، ولا تبقى دائما هي هي، فإنها ستكون غير مركبة .اهـ[8]

القرآن والعلم الحديث "الأرض" 26

القرآن والعلم الحديث "الأرض" 01

صفحة القرآن


[1] محاكمة سقراط (أوطيفرون) ص: 37

[2] الجواب الصحيح 6 / 499

[3] محاورة فيدون ص: 121

[4] محاورة فيدون ص: 129

[5] محاورة فيدون ص: 126 – 127

[6] محاورة فيدون ص: 144

[7] محاورة فيدون ص: 153

[8] محاورة فيدون ص: 157

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق