الموعظة بالإسلام 22
✍بوعلام محمد بجاوي
شرابها :
يستغيث أهل النار، يطلبون الماء
والشراب بعد أن[1]
:
يحيط بهم سرادقها ويشتد عليهم حرها
قال الله تعالى } إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ
بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ
يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ
الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا * { [ الكهف :
29 ]
قال ابن رجب : ولما كان إحاطة السرادق بهم موجباً
لهمهم وغمهم، وكربهم وعطشهم، لشدة وهج النار عليهم، قال الله تعالى } وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه
بئس الشراب وساءت مرتفقا { .اهـ[2]
و بعد أن يستغيثوا بطلب الطعام فيغاثون
بالزقوم ونحوه فيشتد عطشهم فيغاثون بالحميم ونحوه
قال تعالى } ثُمَّ
إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ *
فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * { [ الواقعة : 51 – 55 ]
الهيم :
الإبل العطاش، أو داء يصيب الإبل لا تروى معه، ولا تزال تشرب حتى تهلك، وقيل الأرض السهلة
ذات الرمل[3]
قال تعالى } أَذَلِكَ
خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ
* إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ
مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ
حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ * { [ الصافات :
62 – 68 ]
لشوبا من حميم : يخلط طعامهم بالحميم
قال البغوي : } ثم إن لهم عليها لشوبا { خلطا ومزاجا
} من حميم { من ماء حار
شديد الحرارة، يقال لهم إذا أكلوا الزقوم[4] : اشربوا عليه الحميم، فيشوب الحميم في
بطونهم الزقوم فيصير شوبا لهم .اهـ[5]
يعقوب بن عبد الله
القمي الأشعري عن جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي القمي وهارون بن عنترة، عن سعيد بن
جبير، قال هارون : إذا جاع أهل النار. وقال جعفر: إذا جاء أهل
النار استغاثوا بشجرة الزقوم، فأكلوا منها، فاختلست جلود وجوههم، فلو أن مارا مار
بهم يعرفهم، لعرف جلود وجوههم فيها، ثم يصب عليهم العطش، فيستغيثون، فيغاثون بماء
كالمهل وهو الذي قد انتهى حره، فإذا أدنوه من أفواههم انشوى من حره لحوم وجوههم
التي قد سقطت عنها الجلود [
تفسير الطبري 15 / 251 – 252 تفسير ابن أبي حاتم[6] ]
الحميم :
الحميم : ماء حار شديد الحرارة[7]
قال تعالى } لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا * إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا * جَزَاءً وِفَاقًا * { [ النبأ : 24 – 26 ]
قال تعالى } كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً
حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ { [ محمد : 15 ]
قال تعالى } هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ * { [ ص : 57 ، 58 ]
قال تعالى } تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ { [ الغاشية : 5 ]
قال البغوي : متناهية
في الحرارة، قد أوقدت عليها جهنم منذ خلقت، فدفعوا إليها وردا عطاشا .اهـ[8]
قال تعالى } هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا
الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ * { [ الرحمن : 43 – 44 ]
حميم آن : قال ابن رجب : قال محمد بن كعب } حميم آن { حاضر،
وخالفه الجمهور، فقالوا بل المراد بـالـ } آن { : ما انتهى
حره
وقال شبيب [ بن شيبة :
سبقة أنه ضعيف ] عن عكرمة عن ابن عباس حميم آن : الذي قد انتهى غليه [ تفسير الطبري 22 / 233 بلفظ : " الآني: ما اشتد غليانه ونضجه
" ومن طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس[9]. ومن طريق العوفي ] .اهـ[10]
يَطُوفُونَ
بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ : مثل قوله ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ
حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ * { [ الصافات :
67 – 68 ]
قال ابن رجب : وقوله } ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم { : أي بعد أكل الزقوم وشرب
الحميم عليه.
ويدل هذا على أن الحميم خارج من الجحيم، فهم
يريدونه كما ترد الإبل الماء، ثم يردون إلى الجحيم.
ويدل على هذا أيضا، قوله تعالى } هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون * يطوفون بينها وبين حميم آن { والمعنى أنهم يترددون بين
جهنم والحميم، فمرة إلى هذا، ومرة إلى هذا، قاله قتادة، وابن جريج، وغيرهما .اهـ[11]
ومثله قوله تعالى } إِذِ
الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ
يُسْجَرُونَ * { [ غافر : 71 – 72 ]
يسجرون : قال القرطبي أبو عبد الله محمد بن أحمد ( ت : 671 ) : يطرحون فيها فيكونون وقودا لها، قال مجاهد [ بن جبر ] : يقال : سجرت التنور
أي أوقدته، وسجرته ملأته، ومنه } والبحر المسجور { [ الطور: 6 ] أي
المملوء. فالمعنى على هذا تملأ بهم النار .اهـ[12]
وقوله } فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي
النَّارِ يُسْجَرُونَ *{ الحميم دون الجحيم، وهي في معنى الآيات
السابقة
وكما أنهم يسقون بهم
فإنه يصب فوق رؤوسهم فتذوب ما في بطونهم والجلود
قال تعالى } يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ
وَالْجُلُودُ * { [ الحج : 19 – 20 ]
قال تعالى } ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ *
{ [ الدخان : 48 ]
[1] سبق الإشارة إليه فيما سبق : الطعام والغرف
[2] التخويف من النار 4 / 178
[3] تفسير البغوي 8 / 19
[4] بعد ان يستغيثوا من حر
الزقوم
[5] تفسير البغوي 7 / 43
[6] بواسطة تفسير ابن كثير ذكره بسنده 7 / 21
[7] تفسير البغوي 7
/ 43
[8] تفسير البغوي 8
/ 408
[9] قال ابن حجر : وعلي صدوق لم يلق
ابن عباس،لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه، فلذلك كان البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما
يعتمدون على هذه النسخة .اهـ العجاب في بيان الأسباب 2 / 207
[10] التخويف من النار 4 / 249
[11] التخويف من النار 4
/ 245
[12] تفسير القرطبي 15 / 333
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق