الأربعاء، 27 يوليو 2022

الموعظة بالإسلام 20

الموعظة بالإسلام 20

الموعظة بالإسلام 20

✍بوعلام محمد بجاوي

غرف جهنم :

جاء ذكر "الغرف" في وصف الجنة لا في النار، والمقصود أنهم محبوسون بين جدر، زيادة على أن النار مؤصدة أبوابها ليعود عليهم حرها ولهيبها فإن أهلها – كل واحد منهم – محبوسون بين جدر لا منفذ ولا باب لها تحيط بهم  مثل السرادق التي تحيط بالخيمة لكن لها منفذ أو باب للدخول

قال تعالى } إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا * { [ الكهف : 29 ]

الترمذي ( 2584 ) حدثنا سويد [ بن نصر ] أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا رشدين بن سعد حدثني عمرو بن الحارث عن دراج [ بن سمعان ] عن أبي الهيثم [ سليمان بن عمرو ] عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لسرادق النار أربعة جدر كثف كل جدار مثل مسيرة أربعين سنة.

قال الترمذي : هذا حديث إنما نعرفه من حديث رشدين بن سعد، وفي رشدين مقال، وقد تكلم فيه من قبل حفظه.

ومعنى قوله كثف كل جدار: يعني غلظه.

ودراج – إن صحّ السند إليه – : متكلم فيه، ومتكلم في روايته عن أبي الهيثم عن أبي سعيد[1]

قال البخاري : مثل السرادق والحجرة التي تطيف بالفساطيط .اهـ[2]

الفسطاط : الخيمة

قال ابن حجر أبو الفضل أحمد بن علي العسقلاني ( ت : 852 ) : هو قول أبي عبيدة [ معمر بن المثنى ( ت : 209 ) ] لكنه تصرف فيه قال أبو عبيدة في قوله } أحاط بهم سرادقها { : "كسرادق الفسطاط وهي الحجرة التي تطوف بالفسطاط[3]" قال الشاعر "سرادق المجد عليك ممدود[4]" وروى الطبري من طريق بن عباس بإسناد منقطع قال : سرادقها حائط من نار .اهـ[5]

الطبري ( 15 / 246 ) من طريق سُنيد : "ثني" حجاج [ بن محمد ] عن ابن جريج، قال : قال ابن عباس في قوله } إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها { قال : هي حائط من نار

وقيل : دخان جهنم يحيط بالكافرين يوم القيامة

الطبري ( 23 / 600 – 601 ) حدثنا [ محمد ] ابن عبد الأعلى"ثنا" [ محمد ] ابن ثور عن معمر [ بن راشد ] عن قتادة [ بن دعامة السدوسي ] } ظل ذي ثلاث شعب {  [ المرسلات : 30 ] قال: هو كقوله } نارا أحاط بهم سرادقها { قال: والسرادق: دخان النار، فأحاط بهم سرادقها، ثم تفرق، فكان ثلاث شعب، فقال: انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب: شعبة ههنا، وشعبة ههنا، وشعبة ههنا } لا ظليل ولا يغني من اللهب { [ المرسلات : 31 ]

وأخرجه ( 15 / 246 ) من طريق سنيد : ثنا أبو سفيان [ محمد بن حميد المعمري ] عن معمر عمن أخبره قال "القائل مجهول"

وفيه قول آخر، في تفسير حديث مرفوع

قال الطبري : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك خبر يدل على أن معنى قوله } أحاط بهم سرادقها { أحاط بهم ذلك في الدنيا، وأن ذلك السرادق هو البحر ...حدثني العباس بن محمد والحسين بن نصر قالا "ثنا" أبو عاصم عن عبد الله  بن أمية قال "ثني" محمد بن حيي بن يعلى عن صفوان بن يعلى عن يعلى بن أمية، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البحر هو جهنم قال : فقيل له [ يعلى ] : كيف ذلك، فتلا هذه الآية، أو قرأ هذه الآية } نارا أحاط بهم سرادقها { ثم قال : والله لا أدخلها أبدا أو ما دمت حيا، ولا تصيبني منها قطرة[6]

الحديث أخرجه أحمد ( 17960 ) والحاكم ( 8762 ) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد، ومعناه أن البحر صعب كأنه جهنم، ولذلك فرع على إخراج حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن تحت البحر نار، وتحت النار بحر، فأما النار فإنها تحت السابعة، وقد شهد الصحابة فمن بعدهم على رؤية دخانها .اهـ

الحديث : لا يثبت، لجهالة محمد بن حيي مجهول، وعبد الله بن أمية وإن وثقه يحيى فلم يرو عنه غير أبي عاصم

وحديث عبد الله بن عمرو : أخرجه أبو داود ( 2489 )

قال ابن عبد البر أبو عمر يوسف بن عبد الله ( ت : 463 ) : مظلم الإسناد لا يصححه أهل العلم بالحديث، لأن رواته مجهولون لا يعرفون .اهـ[7]

المعنى أن البحر يسجر ويصير نارا

قال ابن رجب : وهذا إن ثبت، فالمراد به أن البحار تفجر يوم القيامة، فتصير بحرا واحدا، ثم تسجر ويوقد عليها، فتصير ناراً، وتزاد في نار جهنم. وقد فسر غير واحد من السلف قوله تعالى } وإذا البحار سجرت { بنحو هذا[8] .اهـ[9]

وبعد أن يصيرا نارا أو يصير مكانه نارا يحيط بالكافرين في المحشر، كما يحيط السرادق بالفسطاط لأن البحر يحيط باليابسة، ثم يقدفون فيه لأنه جهنم

ويروى عن ابن عباس وعكرمة مولاه في تفسير } وإن جهنم لمحيطة بالكافرين { [ العنكبوت : 54 ] : البحر

أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير ( 17394 ) و ابن أبي الدنيا في صفة النار ( 183 ) من طريق مجالد [ بن سعيد ] عن الشعبي [ عامر بن شراحيل ] أنه سمع ابن عباس يقول : } وإن جهنم لمحيطة بالكافرين { وجهنم : هو هذا البحر الأخضر، تنتشر الكواكب فيه ويكون الشمس فيه والقمر، ثم يستوقد فيكون هو جهنم.

ابن أبي حاتم في التفسير ( 10305 ) حدثنا علي بن الحسين "ثنا" حفص بن عمر المهرقاني "ثنا" مسلم بن قتيبة عن شعبة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس } وإن جهنم لمحيطة بالكافرين { قال : البحر

ورواه شعبة موقوفا على عكرمة

ابن أبي حاتم ( 17393 ) والطبري ( 12 / 431 ) من طريق شعبة [ بن الحجاج ] عن سماك [ بن حرب ] عن عكرمة } وإن جهنم لمحيطة بالكافرين { قال : البحر.

ولعله "عن ابن عباس" شعبة كان يوقفها على عكرمة؛ لأن سماك يوصل التفسير عن ابن عباس وغيره يوقفها على عكرمة[10] ثم تبين له أنه ثابت عن ابن عباس

قال ابن رجب : ولما كان إحاطة السرادق بهم موجبا لهمهم وغمهم، وكربهم وعطشهم، لشدة وهج النار عليهم، قال الله تعالى } وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا { .اهـ[11]

ويأتي الكلام عن طعام وشراب أهل النار، نسأل الله السلامة

الموعظة بالإسلام 21

الموعظة بالإسلام 01

صفحة الدعوة


[1] ميزان الاعتدال2 / 24 –  25 ترجمة : 2667

[2] صحيح البخاري

[3] مجاز القرآن 1 / 398 – 399

[4] ذكره أبو عبيدة و ذكر أيضا "هو المولج النّعمان بيتا سماؤه ... صدور الفيول بعد بيت مسردق"

[5] فتح الباري 8 / 408

[6] تفسير الطبري 15 / 246 – 247

[7] التمهيد 1 / 240

[8] التخويف من النار 4 / 154 – 155

[9] التخويف من النار 1 / 154

[10] تهذيب الكمال 12 / 199 ، 120

[11] التخويف من النار 4 / 178

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق