شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 23
✍بوعلام محمد بجاوي
ونحوه قوله تعالى } من كان يريد حرث الأخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث
الدنيا نؤته منها وما له في الأخرة من نصيب {[ الشورى :
20 ]
الجواب : لا تلازم بين عدم كونه عبادة و بين
إجزائه، كما سبق في الجواب عن حديث الأعمال بالنيات
قال القدوري : الآية تنفي الثواب
فيما فعل للدنيا، والخلاف في أن من لا ثواب فيه هل يسقط الفرض أم لا ؟ فلم يكن في الآية
دلالة على موضع الخلاف : إذا لم يمتنع سقوط الفرض بما لا ثواب فيه، كغسل النجاسة .اهـ[1]
الدليل السادس : حديث "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله"
وإذا بطل اشتراط اللفظ تعينت النية والقصد،
و إلا لما كان للحديث معنى، عبّر عن القصد بالذكر
قال ابن القصار :
ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه"، ثم قد ثبت - عندنا وعندهم - أن الوضوء يجزئ، وإن لم
يذكر اسم الله باللسان، فصحّ أنه أراد ذكر القلب، وهو النية.
فإن قيل : فظاهر هذا يقتضي ذكر الله - تعالى
- وليس هنا موضع الخلاف، وإنما الخلاف في النية.
قيل : الخلاف في القصد، والقصد في الوضوء
للصلاة هو ذكر الله – تعالى – ولولا هذا لبطلت فائدة الحديث .اهـ[2]
الحديث يروى عن : جماعة من الصحابة أصحها رواية سعيد بن
زيد [ الترمذي : 25 ، 26 ]
ولا تخلو جميعها من ضعف
قال الترمذي – بعد حديث سعيد بن زيد – : وفي الباب : عن عائشة وأبي سعيد وأبي هريرة وسهل بن سعد وأنس
قال أحمد بن حنبل :
لا أعلم في هذا الباب حديثا له إسناد جيد...
قال محمد [ بن إسماعيل البخاري ] : أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح بن عبد
الرحمن .اهـ[3]
كلام أحمد أسنده في العلل عن الكوسج إسحاق بن منصور، و
هو في مسائل إسحاق بلفظ : لا أعلم فيه حديثا يثبت .اهـ[4]
والحديث الذي قال فيه البخاري : "أحسن شيء في هذا الباب" فيه أبو ثفال المري ثمامة بن
حصين قال فيه البخاري : في حديثه نظر. رواه عنه آدم بن موسى[5]
الدليل السابع : الاستصحاب
استصحاب الأصل
وهو الحدث أو عدم براءة الذمة – على مذهب المالكية – ، و لا يرتفع إلا بيقين و هو
المتفق عليه و هو الوضوء بنية[6]
الدليل الثامن : أحكام
البدل
وكلها تعود إلا أن ما يجب في البدل يجب في
المبدل منه :
البدل يحتاج إلى نية فكذلك المبدل منه أصله
الكفارات، تجب النية فيها جميعها
أي التلازم
بين البدل والمبدل منه في وجوب النية، فإذا وجبت في احدهما وجبت في الآخر
قال ابن القصار : اتفقنا في الرقبة في
الكفارة أنها لا تصح إلا بنية، والمعنى في ذلك أنها عبادة لا يصح بذلها عند عدمها
إلا بنية فلم يصح مبدلها إلا بنية، وهذا المعنى
موجود في الطهارة؛ لأن التيمم بدل منها ولا يصح إلا بنية، فكذلك مبدله وهو الوضوء .اهـ[7]
واعترض عليه بثلاثة أمور :
الأمر الأول : الصيام والنكاح
البخاري ( 1905
) حدثنا عبدان [ عبد الله بن عثمان بن جبلة ] عن أبي حمزة [ محمد بن ميمون السكري ] ، عن الأعمش [ سليمان بن مهران ]
عن إبراهيم [ بن يزيد
النخعي ] عن علقمة [ بن
قيس النخعي ] قال: بينا أنا أمشي،
مع عبد الله t، فقال : كنا
مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج،
ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء [ و 5065 ، 5066 مسلم 1400 ]
الصيام بدل عن النكاح، و لا تشترط النية في
النكاح
و يجاب عنه بـ
الصوم ليس بدلا عن النكاح، وإنما هو سبب آخر
لإحصان الفرج وغض البصر
الصوم يجتمع مع النكاح، و الكلام حيث لا
يجتمعان
منع الحكم، النكاح يحتاج إلى قصد، لهذا لا
يصح من مجنون
قال ابن القصار :
فإن قيل : هذا ينتقض بالنكاح، قد جعل النبي صلى الله عليه وسلم بدله الصيام، فقال :
ومن لم يستطع فليصم، فإن الصوم له وجاء، ثم الصوم لا يصح إلا بنية، ولم يدل على أن
النكاح يحتاج إلى نية.
قيل : إن الصوم ليس ببدل من النكاح، لأن
النكاح لمعنى، والصوم لمعنى.
وعلى أننا قيدنا الاعتلال فقلنا "كل بدل لعدم"،
والصوم يعمل مع عدم النكاح ومع وجوده.
ومع هذا فلا يصح - عندنا - النكاح إلا بقصد،
ولو كان يصح بغير قصد لصح من المجنون والصبي والمبرسم، ولو علمنا أنه وقت العقد
كان ساهيا لم يصح عقده .اهـ[8]
القصد هنا ليس بنية و إنما الرضى من صاحب
الأهلية
الأمر الثاني : المبيت بمزدلفة و الدم
المبيت بمزدلفة لا يحتاج إلى نية لكن البدل
وهو الدم يحتاج إلى نية
قال القدوري : قالوا : عبادة مضمنة ببدل يحتاج إلى نية،
فمبدله كذلك، كالكفارات.
قلنا : يبطل بالمزدلفة أنه لا يفتقر إلى
نية، ولو تركه افتقر الدم الذي هو بدله إلى النية .اهـ[9]
وأجيب عنه : نية المزدلفة داخلة في نية
الحج، فلا يشترط لها نية منفردة
وأجيب عنه بالأمر الثالث "إرسال الصيد والدم"
شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 24
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق