الأربعاء، 25 مايو 2022

شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 22

شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 22
شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 22

✍بوعلام محمد بجاوي

في الوضوء الفعل غير مطلوب بخلاف التيمم، والنية مقترنة بالفعل

الوضوء يكفي فيه إصابة الماء للجسد عند الجمهور خلافا للمالكية المشترطين للدلك فلا يشترط له نية، بخلاف التيمم

قال السرخسي : يوضح الفرق أن النية تقترن بالفعل، ولا بد من الفعل في التيمم حتى إذا أصاب الغبار وجهه، وذراعيه لا يجزئه عن التيمم. وفي الوضوء، والاغتسال لا معتبر بالفعل حتى إذا سال ماء المطر على أعضائه زال به الحدث فكذلك بدون النية .اهـ[1]

التيمم هو القصد، والقصد النية

ويأتي في توجيه الآية[2]

جواب عام :

قال ابن القصار : وعلى أن افتراقهما من هذه الوجوه لا يمنع من اجتماعهما في الموضع الذي جمعتهما العلة فيه .اهـ[3]

وهذان – حديث إنما الأعمال و القياس على التيمم - عمدة الأدلة – وبهما اكتفى الشافعي –  واستدلوا بأدلة أخرى

الدليل الثالث : القياس على الصلاة والصوم

الجامع من وجوه

الأول : الصلاة و الصيام عبادتان، وكذلك الوضوء

قال اللخمي : الوضوء والغسل عبادتان يفتقران إلى نية، كالصلاة والصيام، ومن فعل ذلك لتبرُّدٍ أو لسباحة لم تجزئه؛ لأنه لم يتقرب إلى الله سبحانه، ولأن امتثال أوامره يتعلق بها الثواب والمخالفة يتعلق بها الإثم والعقاب إن شاء، ولا يكون ممتثلًا منقادًا لأمر الله -عز وجل- إلا بنية لذلك الفعل، فيثاب لامتثال أمره وانقياده له، ويكون قد أطاعه في أمره .اهـ[4]

الثاني : أنهما عبادتان بدنيتان يفسد أولها بفساد آخرها كالوضوء

فلو أحدث عند غسل الرجلين بطل وضوؤه، وكذا لو أحدث في الركعة الأخيرة أو حاضت المرأة في آخر النهار

قال ابن القصار : اتفقنا على أن الصلاة لا تصح بغير نية، والمعنى في ذلك : أنها عبادة على البدن يفسد أولها بفساد آخرها، وكذلك الطهارة ...

قياس آخر: وهو أننا قد اتفقنا في الصيام أنه لا يجوز بغير نية، لنه عبادة على البدن يفسد أوله بفساد آخره .هـ[5]

الثالث : أنهما عبادتان مستقلتان[6]

وسبق الكلام عنه في أسباب الخلاف : هل الوضوء عبادة تابعة أو مستقلة

الدليل الرابع : قوله - تعالى - } وأن ليس للإنسان إلا ما سعى {

قال ابن القصار : فمن سعى في اللعب بالماء لم تحصل له عبادة .اهـ[7]

الدليل الخامس : أية الإخلاص } وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين  {

قال ابن القصار : وأيضا قوله - تعالى -  } وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين  {والوضوء من الدين، فيجب أن نخلصه، و الإخلاص هو القصد .اهـ[8]

أجيب عنها بأن المقصود بها توحيد الله تعالى 

قال الجصاص : هو مخلص من حيث اعتقد الإيمان، لأن ضد الإخلاص الإشراك، ومن اعتقد الإيمان فهو مخلص في سائر شرائعه، وليس الإخلاص من النية في شيء؛ لأنه لو كان كذلك، للزم أن يكون كل من لم ينو، فهو مشرك.

وأيضا : قال الله عز وجل: } وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة {

فأخبر أن الذي أمر بالإخلاص فيه هو ما ذكره، والوضوء ليس بمفروض في نفسه، فغير ممتنع أن لا يطلق عليه اسم الدين .اهـ[9]

قال ابن القصار : فإن قيل: نحن نقول: إن هذا مخلص.

قيل : هذا غلط، لأن الإخلاص هو أن يكون العامل ذاكرا لمخلص له، فأما وهو لا يخطر بقلبه، وهو معتقد اللعب بالماء فلا يقال : إنه مخلص .اهـ[10]

و قال : فالجواب : أن قوله: إنه أراد الإيمان، فإن الله -تعالى – قال } مخلصين له الدين { فكأنه قال : أخلصوا لله الدين، والوضوء من الدين .اهـ[11]

و أجاب عن قولهم يلزم أن يكون مشركا بجوابين :

الأول : المنع، لا يلزم أن يكون مشركا ولكنه لم يفعل شيئا

قال : وقولهم "إن لم ينو فهو مشرك"، فنحن نقول : إنه من لم يخلص هذا العمل له -تعالى - فما اتبع ما أمره الله به من الإخلاص، ولا نقول: إنه مشرك، ولكنه لم يعمل شيئا .اهـ[12]

الآخر : التسليم لكنه شرك أصغر لا يخرج عن الملة

قال ابن القصار : على أننا لو قلنا : إنه قد أشرك في العمل غير الله - تعالى - لكان ذلك، ولا يكون كافرا بل يكون له حكم من أحكام المشركين، كما قال عليه السلام : من ترك الصلاة فقد كفر. وقد روي أن النبي r قال : يقول الله - تعالى - من عمل عملا أشرك فيه غيري فهو له، وأنال منه بريء، أنا أغنى الشركاء عن الشرك.، وقد يصلي الإنسان لله - تعالى -، ولأن يراه الناس فيكون فيه ضرب من الرياء، ولا يكون كافرا .اهـ[13]

شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 23

شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 01

صفحة الفقه



[1] المبسوط 1 / 73

[2] في رد الأحناف إلزام جواب الجمهور لهم : النية غير مذكورة في التيمم و لم تقولو الزيادة على النص نسخ كما قلتم في الوضوء

[3] عيون الأدلة 1 / 114 – 115

[4] التبصرة 1 / 139

[5] عيون الأدلة 1 / 117 – 118

[6] الإشراف على نكت مسائل الخلاف 1 / 116 المعونة 1 / 119

[7] عيون الأدلة 1 / 111

[8] عيون الأدلة 1 / 106 المقدمات الممهدات 1 / 75 الذخيرة 1 / 241

[9] شرح مختصر الطحاوي 1 / 311 التجريد 1 / 103

[10] عيون الأدلة 1 / 106 – 107

[11] عيون الأدلة 1 / 107

[12] عيون الأدلة 1 / 108

[13] عيون الأدلة 1 / 108 - 109

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق