شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 24
✍بوعلام محمد بجاوي
الأمر الثالث : إرسال الصيد والدم
إرسال الصيد لا يفتقر إلى نية و بدله و هو
الجزاء يفتقر إلى نية
قال القدوري : وقولهم[1]
"إن نية الحج في نية الفرض، ولا يُؤثِّر، لأنها لم تعتبر في الأصل نية
منفردة، واعتبر في المبدل"
يبطل بإرسال الصيد، لا يفتقر إلى نية، ولو مات في يده افتقر البدل إلى النية.
وقولهم: الجزاء بدل عن المقتول لا عن
الإرسال، ليس بصحيح، لأنه عوض عن المقتول وبدل عن الإرسال. ألا ترى أنه يجب عند
العجز عنه لحقه .اهـ[2]
الدم في الصورتين ليس بدلا كما هو الحال في
خصال الكفارة، فلا يقال إن الدم بدل عن ترك المبيت بالمزدلفة أو الحلق أو الصيد، والكفارات
كلها ليست بدلا لموجبها، فعتق رقبة والإطعام والصيام ليس بدلا عن اليمين التي لم
توف
الأمر الرابع : وجود الفارق
الكفارات مقصودة، بخلاف رفع الحدث، فإن
المقصود هو ارتفاع الحدث، وإنما وجبت النية في البدل لما سبق من أن التراب غير
طهور، ولأنه بدل عن الوضوء و الغسل، فيحتاج للتمييز
قال القدوري : ولأن البدل في الكفارات ساوت مبدلاتها في أنها عبادة
مقصودة، فساوت في النية، وفي مسألتنا البدل [ التيمم ] والمبدل [ الوضوء ] ليسا بمقصودين، فلم يفتقر
إلى نية القربة، وافتقر البدل إلى نية البدل، أو نية التمييز عن قول بعض أصحابنا .اهـ[3]
البدل يساوي المبدل منه أو ينقص عنه، فلا يصح اشتراط شروط في البدل أكثر من
الأصل
وأجيب عنه بأن شرائط الصوم في الكفارة أكثر
من شرائط العتق، و الظهر أكثر شروطا من الجمعة
قال القدوري : قالوا : البدل يساوي
المبدل، أو ينقص عنه، ولا يزيد عليه، فإذا شرطت النية في البدل دل على اعتبارها في
الأصل.
قلنا : البدل قد يزيد في الشرائط على مبدله،
ألا ترى أن شرائط الصوم أكثر من شرائط العتق، والظهر بدل عن الجمعة، فهي أكثر
شروطا .اهـ[4]
الدليل التاسع : أحكام الرخصة والعزيمة
ما اعتبر
في التخفيف و الرخصة يعتبر في الأصل والعزيمة : أصله صلاة السفر، فكذلك التيمم شرع
رخصة وتخفيفا وتجب فيه النية فيجب أن يكون الوضوء كذلك
ومثله القياس على
الصلاة عبادة ترد إلى شطرها في السفر فكذلك التيمم شطر الوضوء
قال ابن القصار : إنها
عبادة يسقط شطرها للعذر، وهو يوجد في الطهارة، لأن شطرها يسقط في التيمم عند عدم الماء،
كما أن الصلة يسقط شطرها في السفر .اهـ[5]
قال القدوري : قالوا: ما اعتبر في حال العجز أخف مما اعتبر في حال
الرفاهية؛ بدلالة صلاة السفر عندهم تفتقر إلى نية الفرض والقصر، ونية التيمم تحتاج
إلى تعيين الفرض، ولا ذلك عندهم في الوضوء
قالوا: عبادة ترد إلى شرطها، كالصلاة .اهـ[6]
وأجيب عنه بـ
أن صلاة السفر مستقلة
عن صلاة الحضر، وليست شطرها
الفرق بين الوضوء و
الصلاة، وانه عبادة غير مقصودة
قال القدوري : قلنا
: الأصل غير مُسَلَّم في الأصل والفرع :
[ الأصل ] : لأن فرض السفر عندنا غير فرض
الحضر فلم يكن شطره كالفجر والظهر، والتيمم جنس غير الوضوء، وشطر الشيء ما كان من
جنسه
[ الفرع ] : ثم المعنى في الصلاة أن نية
التعيين معتبرة في جنسها، فلذلك افتقرت إلى النية، ولما كان جنس الوضوء لا يعتبر
فيه التعيين لم يعتبر فيه النية، وبعكسه التيمم على قول من اعتبر فيه التمييز من
أصحابنا .اهـ[7]
الدليل العاشر : أحكام الفرض والنفل
لـمّا وجبت في النفل وجبت في الفرض
والجواب بـ :
النقض : الغسلة الثانية و الثالثة نفل ولا يشترط لها نية
ويجاب عنه بالمنع يشترط لها نية
الفارق : العبادة مقصودة في النفل فيشترط لها النية
النفل ليس فيه رفع حدث وإنما إرادة الثواب
بخلاف الفرض، وارتفاع الحدث يحدث ضرورة بفعل الوضوء
قال القدوري : نفل الوضوء لا يصح إلا بالنية، وكل عبادة
شرعتْ نفلا وفرضا إذا احتاج نفلها إلى نية احتاج فرضها إلى نية. وهذا ليس بصحيح؛
لأن ما يزاد على مرة في الغسل نفل، ولا يحتاج إلى النية. وأما الطهارة المبتدأة
لمن كان على وضوء فيها النفل، إلا أن يكون للقربة فلذلك افتقرت إلى النية، والفرض
يوجد فيه معنى غير القربة، وهو الإزالة، فلذلك لم يفتقر إلى النية .اهـ[8]
الدليل الحادي عشر : إلزامات
إذا لم ينو الوضوء لا يعتبر الماء مستعملا، والقياس يصير
قال ابن القصار :
وهو أنهم يقولون: إن الرجل إذا تطهر بغير نية حصل طاهرا ولم يصر الماء مستعملا،
وإذا تطهر ونوى حصل طاهرا وحصل الماء مستعملا، فدل هذا من مذهبهم على أنه إذا لم
يكن ينوي فإن الطهارة لم تحصل له، إذ لو حصلت لصار الماء
مستعملا .اهـ[9]
خلاصة أدلة الجمهور : حديث إنما الأعمال بالنيات و
القياس على التيمم و الباقي تكلّف؛ لهذا اقتصر الشافعي عليهما، وفي ترجيح القياس
على التيمم لا على إزالة النجاسة :
التيمم بدل عن الوضوء
التيمم والوضوء
متعلقان بالحدث، وهو مضمن في الأول
فالقياس عليه أولى،
وأيضا الوضوء لا يرفع الحدث الذي هو سببه؛ لأن ما وقع لا يمكن رفعه، وإنما يرفع
المنع الذي سببه الحدث بخلاف إزالة النجاسة، وإزالة النجاسة تصح بكل ما يزيلها و
لا يشترط لها الماء الطهور على الصحيح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق