شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 20
✍بوعلام محمد بجاوي
وذكر الأحناف جملة من الفوارق بين الوضوء
و التيمم :
التيمم
للحدثين، والوضوء للأصغر منهما
فيحتاج التيمم إلى نية تعين وتخصص أحد الحدثين بخلاف
الوضوء، بعبارة أخرى التيمم بدل عن الوضوء و الغسل فيحتاج إلى نية لتعيين أحد
البدلين بخلاف الوضوء فهو أصل خاص بالحدث الأصغر، أو أن موجب الوضوء الحدث الأصغر،
وموجب التيمم الحدثان الأصغر و الأكبر، ولكل منهما أحكام
قال الجصاص : ومن الفصل بينهما أن النية تدخل لتمييز الأفعال
المتفقة، أو لاختلاف أحكام الأفعال، فلما كان الوضوء من جميع الأحداث وضوء واحدا،
لا يختلف فعله في نفسه[1]، ولا حكمه فيما وقع له[2]، لم يفتقر في صحته إلى نية، كغسل النجاسة.
ولما كان التيمم قد يتفق فعله ويختلف حكمه، بأن يقع تارة
عن الجنابة، وتارة عن الحدث، وهو في الحالين بصورة واحدة، احتيج فيه إلى نية
للتمييز بينهما، لاختلاف حكمه .اهـ[3]
ظاهره أن أحكام الحدث الأصغر غير أحكام الحدث الأكبر، و
يشكل عليه الغسل يكون عن الحيض والجنابة و أحكمهما مختلفة
قال ابن
القصار : وإن اراد أن الذي يوجب هذا غير ما يوجب هذا فقد يوجب
الحيض عند انقطاعه الغسل وتوجبه الجنابة، وليس هذا هذا، وصفة الغسل فيهما واحدة؛
لأن الحيض له أحكام ليست للجنابة، فينبغي ألا يجزئ إلا بنية تميز بين الغسل الذي
أوجبه الحيض والغسل الذي أوجبته الجنابة .اهـ[4]
وعند القدوري : التيمم يكون عن الغسل والوضوء، فلا بد من النية، فلا
يشكل عليه الحيض والجنابة، لأن الخلاف في الموجِب أما الواجب - وهو المعتبر - فواحد وهو الغسل
قال القدوري : ولأن التيمم يقع على وجه واحد على واجبين مختلفين :
الغسل والوضوء، فاحتاج إلى نية التمييز، والوضوء يقع على وجه واحد فلم يحتج إلى
نية. ولا يلزم على هذا الغسل الذي يقع عن الحيض والجنابة، لأن الموجَب واحد، وهو
الغُسْل، وإنما يختلف الموجِب، ونحن اعتبرنا اختلاف الواجب .اهـ[5]
ويجاب عنه بأن :
1/ الوضوء
أو أوله قد يكون للتبريد أو التنظيف، فلا بد من التفريق بين العادة و العبادة، وهو
أولى من التفريق بين واجبين شرعيين
2/ التيمم
يستباح به الصلاة، وليس برافع للحدث الأصغر والأكبر فلا يحتاج إلى نية البدل عن
الوضوء أو نية البدل عن الغسل، فعلى أصلهم لا يحتاج إلى نية أصلا، لكن الأحناف
يقولون التيمم رافع[6]
قال
ابن القصار : إن النية
تدخل لتميز بين الأعمال المتفقة، فهذا سؤال ذكره [ الجصاص ] أبو بكر الرازي، وهو عمدة لنا؛ لأن الوضوء لما كان يقع لتبرد وتنظف
وتجديد طهارة، ويقع لرفع حدث احتاج إلى النية؛ لأن الصورة واحدة في جميع ذلك
والأحكام مختلفة، ولما كان التيمم يدخل لاستباحة الصلاة صار كالشيء الواحد المستحق
فلم يحتج إلى نية .اهـ[7]
يقصد نية التمييز
و يجاب عه بـ :
المنع : الوضوء لا يقع إلا فرضا فلا يقع عادة و
نفلا، و هو الأصل الثالث في سبب الخلاف
قال الجصاص : وأيضا : فإنه لا يصح عندنا وقوعه تطوعا في حال الحدث،
ولا يقع إلا فرضا .اهـ[8]
النقض : غسل النجاسة أيضا يقع نفلا و فرضا ولا
تشترط له النية
قال الجصاص : قيل له : وقد يقع غسل النجاسة تارة نفلا، وتارة فرضا،
ولا يحتاج إلى نية، فهذا منتقض .اهـ[9]
الفرق : النية المذكورة نية التمييز بين طهارة
وطهارة، لا نية الطهارة
قال الجصاص : وعلى أن هذه النية التي ذكرت إنما هي نية التمييز،
فليست نية الطهارة في الأصل .اهـ[10]
هي نية تمييز طهارة عن طهارة، طهارة شرعية عن طهارة
عادية، فنية الطهارة متضمنة فيها، والنية إنما شرعت للتمييز، فلوكان الفعل له صورة
واحدة لم يحتج إلى نية التميز، أما النية فموجودة لتخلص الفعل لها، كقراءة القرآن
والتسبيح والتهليل والتكبير و سائر الذكر.
التيمم بدل
لحق الله تعالى بخلاف الوضوء
قال
القدوري : ثم المعنى في التيمم أنه بدل لحق الله تعالى، والأبدال تفتقر إلى النية،
والوضوء طهارة ليست ببدل، كغسل النجاسة .اهـ[11]
الماء طهور
بخلاف التراب
الوضوء طهارة مائية فالتطهر ملازم له، بخلاف التراب،
فيحتاج المتيمم لنية ليحصل له التطهير
قال الجصاص : ومعناه مطهرا، فاقتضى ذلك كونه مطهرا مع عدم
النية ووجودها، ولو لم نجعله مطهرا إلا بانضمام النية إليه، كنا قد سلبنا الحكم
الذي جعله الله له، ووصفه به، وهذا خلاف ظاهر الكتاب... ومخالفنا يزعم أنه يوجد
ولا يطهر به، وإنما يطهر به وبالنية .اهـ[12]
قال الجصاص : وأيضا: الماء طهور بنفسه، فلا يحتاج إلى انضمام النية
إليه في تطهيره، والتراب في نفسه ليس بطهور، فاحتاج إلى انضمام النية إليه في كونه
طهورا .اهـ[13]
ولهذا لا يشترط النية في طهارة الخبت، و إذا كان الماء يرفع النجاسة
العينية دون نية فأولى أن يرفع الحدث الحكمي
قال السرخسي : ولأنها طهارة بالماء فكانت كغسل النجاسة، وتأثير ما قلنا أن الماء مطهر في نفسه، والحدث الحكمي دون النجاسة العينية فإذا عمل الماء في إزالة النجاسة العينية بدون النية ففي إزالة الحدث الحكمي أولى .اهـ[14]
شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 21
شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 01
[1] صفته
[2] يرفع الحدث
الأصغر، وهذا هو الفارق
[3] شرح مختصر الطحاوي 1
/ 310 التجريد 1 / 105
[4] عيون الأدلة 1 / 115
[5] التجريد 1 / 105
[6] لهذا لا يشترطون التيمم لكل فرض ولا دخول الوقت ، ولكنهم يقولون إذا وجد
الماء بطل تيممه وهو إجماع
[7] عيون الأدلة 1 / 115
[8] شرح مختصر الطحاوي 1
/ 310
[9] شرح مختصر الطحاوي 1
/ 310
[10] شرح مختصر الطحاوي 1 / 311
[11] التجريد 1 / 105
[12] شرح مختصر الطحاوي 1
/ 304 – 305 المبسوط للسرخسي 1 / 72 بدائع الصنائع 1 / 20
[13] شرح مختصر الطحاوي 1 / 310 عيون الأدلة 1 / 113
[14] المبسوط 1 / 72
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق