الأربعاء، 18 مايو 2022

شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 21

شرح نصيحة المعلمي لأهل العلم 21
شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 21

✍بوعلام محمد بجاوي

جوابه : التراب طهور بنص الحديث ويشترط له النية

قال ابن القصار : كلاهما طهور في نفسه، قال الله - تعالى - في الماء } طهورا { [ الفرقان : 48 ] وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا [ البخاري : 335 ، 438 مسلم : 521 ، 522 ، 523 ].اهـ[1]

وقال : وجواب آخر : وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، ثم [ لا ] يدل هذا - عندكم - على سقوط النية في التيمم، كذلك قوله "طهورا" لا يدل على سقوط النية من الوضوء، وهكذا ما روي من قوله عليه السلام : التراب طهور المسلم، ولم يدل على سقوط النية، وكذا قوله - تعالى - } خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها { لم يدل على أن الزكاة لا تحتاج إلى نية .اهـ[2]

حديث "التراب طهور المسلم" لا إسناد له بهذا اللفظ، وإنما "الصعيد الطيب طهور المسلم" [ الترمذي : 124 و قال : وهذا حديث حسن صحيح. أبو داود : 33 ] و "الصعيد الطيب وضوء المسلم" [ الترمذي 124 أبو داود : 332 ] ولا يثبت : فيه : في طريق عمرو بن بجدان و في آخر : رجل مبهم، ولعله الأول[3].

وجاء في حديث آخر : عن ابن عباس أن رجلا أجنب في شتاء فسأل فأمر بالغسل فاغتسل فمات فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما لهم قتلوه قتلهم الله ثلاثا قد جعل الله الصعيد أو التيمم طهورا.شك ابن عباس ثم أثبته بعد. [ ابن الجارود 128 ، وابن خزيمة 273 ، وابن حبان 1314 ، والحاكم 585 ]

فيه : الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح[4]

وتفصيل القول في هذه الأحاديث في "التيمم"

وصفه بالطهورية مجاز، بدليل أنه لا يرفع الحدث على قول الجمهور خلافا للأحناف، وعند الأحناف يبطل بوجود الماء ولو لم يحدث

قال الجصاص : فإن قيل : قال النبي صلى الله عليه وسلم : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا. ولم يوجب ذلك جواز التيمم بغير نية.

قيل له : إنما قاله على جهة التشبيه والمجاز، لا على جهة الحقيقة؛ لأن التيمم لا يرفع الحدث على الحقيقة، ومتى وجد المتيمم الماء لزمته الطهارة للحدث المتقدم، ولا يزول حكم النجاسة بالتراب، فعلمنا أن التراب إنما أطلق عليه اسم الطهور مجازا لا حقيقة .اهـ[5]

و عكس ابن القصار الفرق، فجعله دليلا على اشتراط النية : الماء طهور فيستعمل في غير الطهارة الشرعية، بخلاف التيمم فلا يصار إليه إلا عند عدم الماء

قال ابن القصار : على أن هذا يوجب العكس؛ لأن الماء لما كان طهورا يستعمل في أشياء مختلفة احتاج إلى النية، ولما كان الصعيد لا ينتقل إليه إلا عند عدم الماء، فحاله حال واحدة .اهـ[6]

وهذا والذي قبله يدخل في مرجحات قياس الوضوء على إزالة النجاسة

الوضوء رافع للحدث بخلاف التيمم عند المخالف

وإذا لم يكن رافعا كان من باب التعبد الذي يشترط له النية

قال السرخسي : وعن التيمم فإن التراب غير مزيل للحدث أصلا، ولهذا لو أبصر المتيمم الماء كان محدثا بالحدث السابق فلم يبق فيه إلا معنى التعبد، وذلك لا يحصل بدون النية .اهـ[7]

وسبق أنهم استدلوا بأن التيمم للحدثين الأصغر والأكبر فاحتاج إلى نية، وأجيب عنه بأنه غير رافع فعلى هذا الأصل لا يحتاج إلى نية

قال ابن القصار مستدلا لهم : فإن قيل: أن التيمم مفارق للوضوء بالماء من وجوه :

أحدها : ...

وأيضا فإن الوضوء يرفع الحدث وليس التيمم كذلك.

وأيضا فإن التيمم لا يصلى به إلا صلاة واحدة - عندكم -، مفروضة، والوضوء بخلاف ذلك.

وأيضا فلا يجوز التيمم قبل الوقت، وليس الوضوء كذلك .اهـ[8]

وسبق أن وصف التراب بالطهور مجاز

وعكس ابن القصار الدليل : فإذا كان ما ليس برافع يحتاج إلى نية فما كان رافعا احتاج إلى نية من باب أولى، لأن الوضوء يعمل به أعمال كثيرة، يصلى به أكثر من صلاة  خلافا لتيمم

قال : والجواب عما ذكروه من رفع الحدث في الوضوء وأن التيمم لا يرفعه، فهذا تأكيد لما ذكرناه؛ لأن الماء لما كان يرفع الحدث ويعمل ما لا يعمله الصعيد احتيج فيه إلى نية، ولما كان الصعيد أضعف منه خفف فلم يحتج فيه على نية، فلما دخلته النية مع ضعفه كان في الماء أولى أن تدخله النية...

على أن هذا يدل على صحة قولنا: لأن الوضوء لما كان يعمل أعمالا كثيرة احتيج فيه من النية إلى أكثر مما يحتاج إليه في التيمم .اهـ[9]

وقال : والجواب عن قولهم: إن التيمم لا يجوز - عندنا - قبل الوقت، فكذلك هو على أصولنا، ولكنه يؤكد أمر الوضوء؛ لأنه لما جاز أن يفعل قبل وجوبه كان إلى النية أحوج من التيمم الذي لا يجوز عمله إلا عند وجوبه .اهـ[10]

و أيضا فإن الأحناف يخالفون هذا الأصل، فالتيمم عندهم رافع بمعنى أنه لا يشترط له دخول الوقت و يصلى به أكثر من فرض

قال ابن القصار : والجواب عما ذكروه من أن التيمم لا يصلى به إلا صلاة واحدة فإنه ينقلب عليهم؛ لأنهم يصلون به صلوات كثيرة .اهـ[11]

قصد الأحناف الإلزام

التيمم لا تجزئ نية التطوع عن نية الفرض

قال ابن القصار : فإن قيل : لو توضأ لنافلة لجاز أن يصلي به فريضة، فلو كانت النية واجبة لم تجزئه ذلك؛ ألا ترى أنه لما كانت النية واجبة في الصلاة فلو نوى أن يصلي نافلة لم يجزئ ذلك عن الفرض، وهكذا لو نوى التيمم صلاة نافلة لم يجز أن يصلي به الفرض، فبطل أن تكون النية واجبة في الطهارة .اهـ[12]

ويجاب عنه بأنه إذا نوى التطوع في الوضوء ارتفع الحدث فأجزأ عن الفرض بخلاف التيمم عند الجمهور مبيح لا رافع، فلا تجزئ نية التطوع عن الفرض

وليس في كون التطوع يجزئ عن الفرض أن النية غير واجبة أصله الحج إذا نوى به من لم يسبق له حج التطوع، فإنه ينقلب فرضا

قال ابن القصار : مرادنا بالطهارة رفع الحدث، فلما كانت النافلة لا تصح إلا برفع الحدث لم يكن فرق بين أن ينوي برفعه نافلة أو فريضة.

ثم هذا غير منكر في الأصول، ألا ترى أنه لو طاف ينوي تطوعا وعليه فرض من الطواف فإنه ينوب عنه، ولم يدل على أن الطواف في الحج لا يحتاج إلى نية، والتيمم إ نما لم يصح أن ينوي به صلاة نافلة ويصلي به فريضة؛ لأنه لا يرفع الحدث ولا يصلي به إلا صلاة واحدة فريضة، وليس كذلك الوضوء .اهـ[13]

شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 22

شرح تلقين القاضي عبد الوهاب 01

صفحة الفقه


[1] عيون الأدلة 1 / 116

[2] عيون الأدلة 1 /126 – 127

[3] ميزان الاعتدال 3 / 247 – ترجمة : 6332

[4] ميزان الاعتدال 4 / 341 – ترجمة 9383

[5] شرح مختصر الطحاوي 1 / 305

[6] عيون الأدلة 1 / 116

[7] المبسوط 1 / 72 – 73

[8] عيون الأدلة 1 / 112 – 113

[9] عيون الأدلة 1 / 115

[10] عيون الأدلة 1 / 115

[11] عيون الأدلة 1 / 114

[12] عيون الأدلة 1 / 129

[13] عيون الأدلة 1 / 129

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق