الأربعاء، 10 فبراير 2021

الموعظة بالإسلام 17

الموعظة بالإسلام 17

✍بوعلام محمد بجاوي

و قال } يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا . وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا . رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا { [ الأحزاب : 66 – 68 ]

و قال } قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ . وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ . أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ . إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ { [ ص : 61 – 64 ]

} مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا { : يقول الأتباع من شرع وسنّ لنا الضلال الذي كنا عليه[1]

} كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ { : يقول صناديد قريش وهم في النار ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم في الدنيا من الأشرار، يعنون فقراء المؤمنين: عمارا، وخبابا، وصهيبا، وبلالا وسلمان رضي الله عنهم[2]

} أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا { : سبق الكلام عنها، و أنها قرئت بضم السين و كسرها، و قرئت اتخذناهم بهمزة وصل على الإخبار، و بهمزة قطع مفتوحة على الاستفهام، و قيل الأول أولى من حيث المعنى لأنهم كانوا يعلمون، و عليه تكون } أم زاغت { بمعنى "بل" – بل زاغت –، و تحمل قراءة الاستفهام على التوبيخ لأنفسهم[3]   

} أم زاغت عنهم الأبصار { : زاغت عنهم أبصارنا في النار أي دخلوها و لم نرهم، أو زاغت أبصارنا عنهم في الدنيا فلم نكن نعدهم شيئا[4]

و قال } وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ . قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ { [ الزمر : 71 – 72 ]

} وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى {  : سوقا عنيفا، } زمرا {  أفواجا بعضها على إثر بعض، كل أمة على حدة[5]

و قال } وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ . قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ . وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ . قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ { [ غافر : 47 – 49 ]

و قال } وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ . حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ . وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ . فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ {  [ فصلت : 19 – 24 ]

} يوزعون { : يساقون ويدفعون إلى النار، وقال قتادة والسدي : يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا.[6]

} تستترون { : تستخفون منها – لأنه غير ممكن - عند أكثر أهل العلم أو تتقون أو تظنون[7]

} أرداكم { : أهلككم، و طرحكم في النار[8]

} يستعتبوا فما هم من المعتبين { : يسترضوا ويطلبوا العُتبى فماهم من المرضين، والمعتب الذي قبل عتابه وأجيب إلى ما سأل، يقال: أعتبني فلان، أي: أرضاني بعد إسخاطه إياي، و استعتبته : طلبت منه أن يعتب، أي: يرضى.[9]

و قال } وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ . وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ . وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ . وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ . ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ { [ الجاثية : 31 – 35 ]

} وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا { : بدا لهم في الآخرة جزاء أعمالهم السيئة التي اقترفوها في الدنيا[10]

} وَحَاقَ بِهِمْ { : نزل بهم وأحاط بهم جزاء ما كانوا به يستهزئون[11]

و قال } وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ { [ الأحقاف : 34 ]

قال محمد بن كعب القرظي : بلغني أن أهل النار استغاثوا بالخزنة. فقال الله تعالى } وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب { [ غافر : 49 ] فردت الخزنة عليهم } أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى {، فردت الخزنة عليهم } ادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال { [ غافر : 50 ] فلما يئسوا مما عند الخزنة نادوا  } يا مالك ليقض علينا ربك { [ الزخرف : 77 ] سألوا الموت، فلا يجيبهم ثمانين سنة - والسنة ستون وثلاثمائة يوما، واليوم كألف سنة مما تعدون -، ثم لحظ إليهم بعد الثمانين إنكم ماكثون، فلما يئسوا مما قبله قال بعضهم لبعض: إنه قد نزل بكم من البلاء ما ترون فهلموا فلنصبر، فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم، فأجمعوا على الصبر، فطال صبرهم ثم جزعوا فنادوا } سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص { [ إبراهيم : 21 ] أي: من مَنجى.

قال: فقام إبليس عند ذلك فخطبهم، فقال } إن الله وعدكم وعد الحق { [ إبراهيم : 22 ] الآية، فلما سمعوا مقالته مقتوا أنفسهم فنودوا } لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون { [ غافر 10 ] قالوا فنادوا الثانية } فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون { فردّ عليهم } ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها { الآيات [ السجدة : 12، 13 ] فنادوا الثالثة } ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل { [ إبراهيم : 44 ] فرد عليهم } أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال { الآيات [ إبراهيم : 44 ] ثم نادوا الرابعة } ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل { فرد عليهم } أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير {  الآية [ فاطر : 37 ] قال: فمكث عليهم ما شاء الله، ثم ناداهم } ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون {، فلما سمعوا ذلك قالوا : الآن يرحمنا، فقالوا عند ذلك } ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين، ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون { قال عند ذلك } اخسئوا فيها ولا تكلمون { [ المؤمنون : 105- 108 ] فانقطع عند ذلك الرجاء والدعاء عنهم، فأقبل بعضهم على بعض ينبح بعضهم في وجوه بعض، وأطبقت عليهم النار.اهـ[12]

الموعظة بالإسلام 18

الموعظة بالإسلام 01

صفحة الدعوة



[1] تفسير البغوي 7 / 100

[2] تفسير البغوي 7 / 100

[3] تفسير البغوي 7 / 100

[4] تفسير البغوي 7 / 100

[5] تفسير البغوي 7 / 132

[6] تفسير البغوي 7 / 169 و في آية أخرى } ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون { [ النمل : 83 ] قال البغوي : يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا ثم يساقون إلى النار. اهـ تفسير البغوي 6 / 180

[7] تفسير البغوي 7 / 170

[8] تفسير البغوي 7 / 171

[9] تفسير البغوي 7 / 171

[10] تفسير البغوي 7 / 248

[11] تفسير السمعاني 7 / 248 وسبق تفسير النسيان و الاستعتاب

[12] تفسير البغوي و أسنده الطبري 19 / 76 - 77

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق