النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
✍بوعلام
محمد بجاوي
ميزان الاعتدال في فضل العرب :
وتفضيل
العرب إنما هو من حيث الخـِلقة في الجملة، فالله خصّ العرب بأوصاف عن باقي الشعوب
والقبائل، لهذا اختار الله نبي آخر الزمان منهم و اختارهم لأن يكونوا أعوانه على
رسالته، فكانوا أحقَ بهذه الأمانة وأهلها، وخيرَ وعاء للحق
قال ابن تيمية : وسبب هذا الفضل - والله أعلم -
ما اختصوا به في عقولهم وألسنتهم وأخلاقهم وأعمالهم، وذلك أن الفضل:
إما
بالعلم النافع.
وإما
بالعمل الصالح.
والعلم :
له
مبدأ، و هو: قوة العقل الذي هو الفهم والحفظ
وتمام،
وهو: قوة المنطق، الذي هو البيان والعبارة.
والعرب :
هم أفهم من غيرهم، وأحفظ وأقدر على البيان والعبارة، ولسانهم أتم الألسنة بيانا
وتمييزا للمعاني، جمعا وفرقا...[1]
وأما العمل :
فإن مبناه
على الأخلاق وهي الغرائز المخلوقة في النفس، وغرائزهم أطوع للخير من غيرهم، فهم
أقرب للسخاء، والحـِلم، والشجاعة، والوفاء، وغير ذلك من الأخلاق المحمودة،
لكن كانوا قبل الإسلام طبيعة قابلة للخير، معطلة عن فعله، ليس عندهم علم منزل من
السماء، ولا شريعة موروثة عن نبي، ولا هم أيضا مشتغلين ببعض العلوم العقلية
المحضة، كالطب والحساب، ونحوها، إنما علمهم ما سمحت به قرائحهم: من الشعر والخطب،
وما حفظوه من أنسابهم وأيامهم، وما احتاجوا إليه في دنياهم من الأنواء والنجوم، أو
من الحروب.
فلما بعث
الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ...أخذوا هذا الهدى
العظيم، بتلك الفطرة الجيدة، فاجتمع لهم الكمال بالقوة المخلوقة فيهم، والكمال
الذي أنزل الله إليهم: بمنزلة أرض جيدة في نفسها، لكن هي معطلة عن الحرث .اهـ[2]
أما الأفراد فإنما يكون الحب والبغض، و الرفع والوضع بحسب دينه، ويكون
الأجر والثواب بحسب نيته وحسن عمله، ولا دخل لفضل الجنس في كل هذا
قال تعالى
} إن
أكرمكم عند الله أتقاكم { [ الحجرات : 13 ]
مسلم 38 - (2699) حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء الهمداني
- واللفظ ليحيى، قال يحيى "أخبرنا" وقال الآخران
"حدثنا" - أبو معاوية عن الأعمش عن أبي
صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: .... ومن بطّـأ به عمله، لم يسرع به نسبه
و قدّم و
فضّل النبي صلى الله عليه وسلم جهينة و مزينة وأسلم وغفار
على بني تميم و بني أسد و بني عبد الله بن غطفان، و بني عامر بن صعصعة، وقد كانوا مقدمين عليهم في الجاهلية، وذلك لسبقهم
للإسلام
البخاري
(5990) حدثنا عمرو بن عباس حدثنا محمد بن جعفر [ غندَر ] حدثنا شعبة [ بن الحجاج ]
عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم أن عمرو بن العاص، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جهارا غير سر يقول : إن آل أبي - قال عمرو: في كتاب محمد بن جعفر
بياض - ليسوا بأوليائي، إنما وليي الله وصالح المؤمنين
زاد عنبسة
بن عبد الواحد : عن بيان عن قيس عن عمرو بن العاص، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم: ولكن لهم رحم أبلها ببلاها. يعني أصلها بصلتها [ وصله البخاري في غير الصحيح[3] ]
قال أبو عبد الله [ البخاري ] : ببلاها كذا وقع، وببلالها [
باللام ] أجود وأصح، وببلاها لا أعرف له وجها.
وأخرجه مسلم 366 - (215) حدثني أحمد بن حنبل [ المسند 17804 ]حدثنا
محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارا غير سر، يقول : ألا إن آل أبي - يعني فلانا - ليسوا لي بأولياء، إنما
وليي الله وصالح المؤمنين
قال القاضي عياض بن موسى
اليحصبي أبو الفضل ( ت : 544 ) :
"آل أبي، يعنى فلانا": هي
كناية عن قوم كره الراوي تسميتهم لما يقع في نفوس ذراريهم.
و بقي فقه
الحديث وحكمته في قوله "إنما ولى الله
وصالح المؤمنين"،
فأفاد أنَّ أولياءه صالح المؤمنين وإن بعد نسبهم منه، وأنَّ من ليس بمؤمن ولا صالح
ليس له بولي وإن قرُبَ نسبه منه، ودلّ الحديث أن الولاية في الإسلام إنما هي
بالموافقة فيه بخصال الديانة وزمام الشريعة، لا بامتشاج النسب وشجنةِ الرحم، وقيل
: إن المُكنى عنه الحكمُ بن العاص. اهـ[4]
وقال ابن تيمية
: فأخبر صلى الله عليه وسلم عن بطن قريب
النسب : أنهم ليسوا بمجرد النسب أولياءه، إنما وليه الله وصالحو المؤمنين من جميع
الأصناف.
ومثل ذلك كثير بين في الكتاب والسنة،
أن العبرة بالأسماء التي حمدها الله وذمها، كـ : المؤمن والكافر، والبر والفاجر،
والعالم والجاهل .اهـ[5]
و
أثنى على الفرس
البخاري
(4897) حدثني عبد العزيز بن عبد الله قال حدثني سليمان بن بلال عن ثور عن أبي
الغيث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزلت عليه سورة الجمعة } وآخرين
منهم لما يلحقوا بهم { [ الجمعة : 3 ] قال : قلت: من هم يا رسول الله ؟
فلم يراجعه حتى سأل ثلاثا، وفينا سلمان الفارسي، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال : لو كان الإيمان عند الثريا، لناله رجال - أو رجل - من
هؤلاء
(4898)
حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا عبد العزيز [ بن محمد الداروردي ] أخبرني ثور
عن أبي الغيث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : لناله رجال من هؤلاء. [ مسلم 231 - (2546) حدثنا قتيبة بن سعيد عن الداروردي
"دون شك"]
ويروى
"لوكان
الدين"
وأخرجه مسلم 230 - (2546) حدثني محمد بن رافع و عبد بن حميد - قال
عبد: أخبرنا وقال ابن رافع حدثنا - عبد الرزاق أخبرنا معمر عن جعفر الجزري عن يزيد
بن الأصم عن أبي هريرة، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان الدين عند الثريا، لذهب به رجل من فارس - أو قال
- من أبناء فارس حتى يتناوله.
ويروى - بسند ضعيف – "لو
كان العلم" [
أحمد 7950، 9440،10057 من ثلاثة طرق عن عوف بن أبي جميلة عن
شهر بن حوشب عن أبي هريرة و شهر : ضعيف. وأخرجه ابن حبان 7309 من طريق يحيى بن أبي
الحجاج عن عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة. يحيى : ضعيف[6]، والمحفوظ : عن شهر ]
قال القرطبي
أبو العباس : وقد
ظهر ذلك للعيان، فإنهم ظهر فيهم الدين، وكثر فيهم العلماء، فكان وجودهم كذلك دليلا
من أدلة صدق النبي صلى الله عليه وسلم .اهـ[7]
وقال ابن تيمية
: ومصداق ذلك ما وجد في التابعين ومن بعدهم، من أبناء فارس الأحرار والموالي،
مثل : الحسن [ بن أبي الحسن يسار ] و [ محمد ] ابن سيرين وعكرمة مولى ابن عباس، وغيرهم، إلى من وجد بعد ذلك فيهم من
المبرزين في الإيمان والدين والعلم، حتى صار هؤلاء المبرزون أفضل من أكثر العرب.
وكذلك في سائر أصناف العجم من
الحبشة والروم والترك، وبينهم سابقون في الإيمان والدين، لا يحصون كثرة، على ما هو
معروف عند العلماء، إذ الفضل الحقيقي هو اتباع ما بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم من الإيمان والعلم باطنا وظاهرا، فكل من كان فيه أمكن كان أفضل.
والفضل إنما هو بالأسماء المحمودة
في الكتاب و السنة مثل: الإسلام، و الإيمان، و البر، و التقوى، و العلم، و العمل
الصالح، و الإحسان، ونحو ذلك، لا بمجرد كون الإنسان عربيا، أو عجميا، أو أسود، أو
أبيض، ولا بكونه قرويا، أو بدويا .اهـ[8]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق