الأربعاء، 25 سبتمبر 2019

الرياض المزهرات في شرح البردة والمعلقات 05

الرياض المزهرات في شرح البردة والمعلقات 05
الرياض المزهرات في شرح البردة والمعلقات
05

✍بوعلام محمد بجاوي

[ العودة إلى زيد بن جندب بذكر عيبه ]
قال : وكان زيد بن جندب أشغى أفلح ولولا ذلك لكان أخطب العرب قاطبة .اهـ[1]
قال الجوهري أبو نصر إسماعيل بن حماد ( ت : 393 ) : السن الشاغية : هي الزائدة على الأسنان، وهي التي تخالف نبتتُها نبتةَ غيرها من الأسنان. يقال رجل أشغى وامرأة شَغواء، والجمع شُغْو [ مثل : أَحْمَر، حَمْراء حُمْر[2] ].اهـ[3]
قال الجوهري : الأفلح : المشقوق الشفة السفلى، يقال رجل أفلح بَيِّـن الفلح، واسم ذلك الشقّ الفَلَحَة مثل القَطَعَة، وكان عنترة [ بن شدّد ] العبسي يلقب "الفلحاء" لفلحة كانت به. وإنما ذهبوا به إلى تأنيث الشفة .اهـ[4]
و ذكر بيتين لـ "عبيدة بن هلال اليشكري" [ من الأزارقة ]في ذمّه بهذا[5]
الأول :
أشغى عَقَنْباة[6] ونابٌ ذو عصل[7]... وقلح باد وسن قد نصل[8]
الآخر :
وَ لَفوك[9] أشنع حين تنطق فاغرا[10] ... من فـيٍّ قريح[11] قد أصاب بريرا[12]
و لعلّ "أفلح" صوابها "أقلح" – بالقاف، وهي صفرة في الأسنان، وقلِح الرجل فهو أقلح[13]   – كما في البيت الأول :
إلا أن يكون الصواب"وفلح باد"
وذكر بيتا لـ الكميت بن زيد الأسدي لأنّ عجزه – شطره الآخر - في معنى البيت الثاني لعبيدة
تَشَبَّهُ في الهام[14] آثارها ... مشافر قرحى أكلن البريرا[15]
مشافر : شفتا البعير[16]
قرحى : جمع قريح فعيل بمعنى مفعول [ مقروح قرح البعير فهو مقروح وقريح .اهـ[17]
تحتمل أن تكون "قرحى" صفة لـ "مشافر" أو اسما للبعير التي بمشافرها قروح
قال أبو محمد محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي (ت : 388 ) في شرح البيت : قرحى : إبل بها قروح، فهي تحتك بأفواهها، فقد تهدلت مشافرها. و البرير : قشر[18] ثمر الأراك، إذا رعته الإبل استرخت أشداقها[19]، يشبه آثار الضرب بهذه السيوف، بأفواه الإبل .اهـ[20]
ففي بيت الكميت تشبيه أثر الضربة بالسيف بالفم القريح يصيب ثمر الأراك، فالبيت قبله في وصف السيوف
وبيض[21] رقاق خفاف المتون[22] ... تسمع للبيض منها صريرا[23]
تَشَبَّهُ في الهام آثارها ... مشافر قرحى أكلن البريرا[24]
فذكر الجاحظ بيتا آخر في هذا المعنى
قال : وقال النمر بن تولب في شنعة أشداق الجمل :
كم ضربة لك تحكي فا[25] قراسية ... من المصاعب في أشداقه شنع
القراسية : بعير أضجم، والضجم : اعوجاج في الفم، والفقم مثله.
والروق: ركوب السن الشفة. اهـ[26]
قال في "كتاب الحيوان" : والشعراء يشبّهون الضربة بشدق البعير، ولذلك قال الشاعر :
كم ضربة لك تحكي فا[27] قراسية ... من المصاعب في أشداقه شنع
وقال الكميت :
......................مشافر قرحى أكلن البريرا .اهـ[28]
وبيت الكميت أخذه من : عمرو بن شاس
قال ابن قتيبة أبو محمد عبد الله بن مسلم ( ت : 276 ) : ومما سبق إليه عمرو بن شاس فأُخذ منه قوله :
وأسيافنا آثارهنّ كأنّها ... مشافر قرحى في مباركها هدل
أخذه الكميت فقال :
تشبّه في الهام آثارها ... مشافر قرحى أكلن البريرا .اهـ[29]
قال الخطابي أبو سليمان حمد بن محمد ( ت : 388 ) : الأهدل الذي في شفتيه غلظ واسترخاء، شفة هدلاء أي متهدلة، وقلباء أي متقلبة، وقد هدل البعير يهدل هدلا ومشفر هدل أي طويل قال ذو الرمة [ غيلان بن عقبة ( ت : 117 ) ] :
...........على غائرات الطرف هدل المشافر
وقال عمرو بن شاس: ... [ ذكر البيت ]
ويقال تهدّل الغصن إذا أثقله الثمر واسترخي وسقط بعضه على بعض.اهـ[30]
ثم ذكر صفات الخطباء "وفي الخطباء من كان أشغى، ومن كان أشدق[31]، ومن كان أروق[32]، ومن كان أضجم[33]، ومن كان أفقم[34]. وفي كل ذلك قد روينا الشاهد والمثل"[35]
ومثّل بـ "الأحنف بن قيس" وأنه جمع العيوب، "ولكنه كان إذا تكلم جلّى عن نفسه[36]"
ثم ذكر استعمال "هند بن عتبة" لـ ما قيل في الأحنف "ولكنه كان إذا تكلم جلى عن نفسه" في "معاوية بن يزيد"
وبعد كل هذا الاستطراد المتسلسل
قال : ثم رجع بنا القول إلى الكلام الأول فيما يعتري اللسان من ضروب الآفات اهـ[37]





[1] البيان والتبين 1 / 55
[2] المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ص : 316 ط : المعارف
[3] الصحاح 6 / 2393
[4] الصحاح 1 / 393
[5] البيان والتبين 1 / 55
[6] قال الجوهري : عقاب عقنباة وعبنقاة و بعنقاة - على القلب - : أي ذات مخالب حداد .اهـ الصحاح 1 / 187
[7] العصل : الالتواء، قال الجوهري : وناب أعصل بين العصل، أي معوج شديد  .اهـ الصحاح 5 / 1766
[8] أي خرج عن موضعه، قال الجوهري : نصل الحافر : خرج من موضعه .اهـ الصحاح 5 / 1830
[9] فمك
[10] قال الجوهري : فغر فاه، أي فتحه. وفغر فوه، أي انتفخ اهـ الصحاح 2 / 782
[11] جريح
[12] البرير : ثمر الأراك، قال ابن قتيبة أبو محمد عبد الله بن مسلم ( ت : 276 )  – عن الأصمعي عبد الملك بن قريب ( ت : 216 ) – : قال الأصمعي : البرير : ثمر الأراك، والغضّ منه المرد، والنضيج الكباث، وأسوده أشده نضجا .اهـ غريب الحديث 1 / 435
[13] الصحاح 1 / 396 – 397
[14] قال الجوهري : الهامة : الرأس، والجمع : هام . وهامة القوم : رئيسهم .اهـ الصحاح 5 / 2063
[15] البيان والتبين 1 / 55
[16] قال ابن سيدة أبو الحسن علي بن إسماعيل ( ت: 458 ) : والمشفر للبعير كالشفة للإنسان، وقد يقال مشافر للإنسان على الاستعارة .اهـ المحكم والمحيط الأعظم 8 / 46
[17] تهذيب اللغة 4 / 25 وقال الخطابي في غريب الحديث 2 / 236  : والبعير العضه : الَّذِي قد أكل العضاه فقرحت مشافره، وذلك أن لها شوكا يعقرها قال الشاعر  :
.................مشافر قرحي أكلن البريرا .اهـ 
[18] المعروف أنه تمر الأراك نفسه
[19] جانب الفم . الصحاح 4 / 1500
[20] حلية المحاضرة 2 / 113 ط : العراق
[21] قال الجوهري : والأبيض : السيف، والجمع البيض .اهـ الصحاح 3 / 1067
[22] المتون – والله أعلم – : جانبا السيف دون حافته
[23] قال ابن سيدة : صلّ البيض صليلا : سمعت له طنينا عند مقارعة السيوف .اهـ المحكم والمحيط الأعظم 8 / 267
[24] ذكرهما الجاحظ في الحيوان 5 / 318 – 319 وفي أدب الكتاب للصولي ص : 72 : قال الكميت :
وبيض رقاق صفاح المتون ... تسمع للبيض فيها صريرا
مهندة من عتاد الملوك ... يكاد سناهن يغشي البصيرا.اهـ
وفي زهر الآداب وثمر الألباب 2 / 615 ط : البجاوي لـ أبي إسحاق إبراهيم الحُصري القيرواني ( ت : 453 ) : "صحاح". والمشهور كما في "البيان والتبين"
[25] فم
[26] البيان والتبين 1 / 55
[27] فم
[28] الحيوان 3 / 148 – 149
[29] الشعر والشعراء 1 / 416
[30] غريب الحديث 2 / 446 - 447
[31] الشدق : جانب الفم . الصحاح 4 / 1500 . و هو صفة مدح، قال ابن قتيبة أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ( ت : 276 ) : وكانوا يـَمْدَحون بِرَحْب الشدقين، ومنه قوله في وصف منطقه أنه كان يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، وذلك لرحب شدقيه يقال للرجل اذا كان كذلك أشدق بين الشدق. اهـ غريب الحديث 1 / 493 – ط : بغداد
[32] قال الجوهري : و الروق – بالتحريك – : أن تطول الثنايا العليا السفلى. والرجل أروق .اهـ الصحاح 4 / 1486
[33] قال الجوهري : والضجم : أن يميل الأنف إلى جانبي الوجه والرجل أضجم. والضجم أيضا : اعوجاج أحد المنكبين. والمتضاجم : المعوج الفم. قال [ الأخطل ] :
وفروة ثفر الثورة المتضاجم ... وضبيعة أضجم قوم من العرب.اهـ الصحاح 5 / 1971
[34] قال الجوهري : والفقم – بالتحريك – : أن تتقدم الثنايا السفلى فلا تقع على العليا، والرجل أفقم، والأفقم من الأمور : الأعوج .اهـ الصحاح 5 / 2003
[35] البيان والتبين 1 / 55
[36] المقصود جلّى عن نفسه جميع عيوبه
[37] البيان والتبين 1 / 57

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق