القرآن والعلم الحديث "الأرض" 03
✍بوعلام محمد بجاوي
اكتشافات يُزْعَم أن "الوحي" سبق "العلم الحديث" إليها :
للنظر في كلام الله تعالى :
أولا : لا بد من تحصيل العلوم المؤهلة لذلك
ثانيا : لا بدّ من التقيد بالمنهج الشرعي في التعامل مع النص القرآني
ثالثا : لا بدّ – وهو فرع عن الذي قبله، و إنما أفردته لأهميته – التقيد بتفاسير السلف
إذا اتفقوا : لايخرج عن اتفاقهم
إذا اختلفوا : ينظر
إذا كانت متعارضة : رجح بينها بالأصول المعروفة عند أهل العلم
إذا لم تكن متعارضة : حملت على التمثيل لا الحصر، وتكون الآية متضمنة لجميع الأقوال
وكثير ممن يختصّ في "الإعجاز العلمي في القرآن" ليس لهم أهلية النظر في القرآن بل هم ناس يبحثون عن الشهرة لأن العامة من المسلمين يستهويها هذ الأمر أو مصابون بـ "عقدة العلم" فلا يمكن في رأيهم إثبات صحة القرآن وأنه كتاب رباني إلا بإنزال ما يعلنه "العلماء غير المسلمين" على آيات القرآن، و أن القرآن سبق العلم الحديث بقرون، و لعلّ الاستثناء الوحيد هو نظرية داروين "نظرية التطور"، وأن "الإعجاز اللغوي" الذي تحدى به القرآن المكذبين والمشككين إلى قيام الساعة لم يعد كافيا في "زمن العلم" وكذا عناية الله لهذا "القرآن" وصونه من كل تحريف أو زيادة أو نقص عبر القرون السابقة مع كثرة مخطوطات القرآن
و مما ألف في "الإعجاز العلمي" كتاب "القرآن والعلم الحديث" لـ عبد الرزاق نوفل
يقول في وصف العصر المعيش : ففي عصر الفضاء حيث يقترب الإنسان من أبواب الكواكب الأخرى، وحيث أطلق من الذرّة قوة تفوق ما كان يتخيله في أحلامه، وحيث تمكن من تقسيم الذرّة و كان يعتقدها وحدة تناهت في الصغر بحيث لا تنقسم... .اهـ[1]
و يقول في سبب تأليف الكتاب – بعد كلامه السابق مباشرة – : في هذا الوقت وقد بدأ يتزعزع إيمان الناس بما شاهدوه ... وبما تناقله بعض رواد الفضاء بأنهم لم يلمسوا في السماء شيئا يؤكد وجود الله ... في هذا الوقت نجد أن آيات القرآن الكريم قد أوردت كل الحقائق العلمية التي وصل إليها الإنسان بعد اجتهاد دام عشرات السنين، وللقرآن الكريم فضل السبق على العلم، ونشر هذه الحقائق وإثبات معجزة القرآن الكريم العلمية له أثر كبير في محاربة الإلحاد وتثبيت عقيدة الإيمان في النفوس، ونشر الدعوة الإسلامية .اهـ[2]
ويقول داكر عبد الكريم في سياق كلامه عن "الإعجاز اللغوي للقرآن" : لا يمكن أن يقبل "الرجل المعاصر المتعقل" كتابا مقدسا يقول بأفضل لغة شعرية "إن الأرض مسطحة غير كروية" هذا لأننا نعيش في عصر يعطي فيه الإنسان الأولوية للعقل والمنطق ... أي كتاب يدعي أن مصدره إلهي يجب أن يحوز القبول من ناحية قوة منطقه وإقناعه .اهـ[3]
ويقول عز الدين كزابر – وهو من أصحاب الإعجاز العلمي وله طريقة أخرى مع هذه الآية – عن معادلة سرعة الضوء من الآية الخامسة من سورة السجدة، ويأتي التمثيل بها : رأينا الفشل التام في الاستدلال على سرعة الضوء من آية السجدة، وليته قام على أساس علمي من فيزياء أو فلك. بل على العكس من ذلك، كشف عن لا منهجية واضحة، وضعف مخز في فهم أصحاب الموضوع لآليات القوانين الفيزيائية والفلكية.
ومع ذلك، فقد تزعم نشر هذه النتائج، باعتبارها ناجحة، عدد من الدعاة، ومثقفي الخطباء. وفيما يخص الدكتور النجار [ وهو ممن يتزعم الإعجاز العلمي عند العامة ]، فقد سألني رأيي سنة 1995 فيما نشره د. منصور حسب النبي، فقمت بمراجعته بالتفصيل، وأخبرته بعدم صحة استدلالاته، فأخبرني أنه حصل على نفس الإجابة من كل من استشارهم في نفس المسألة. ومع ذلك وبعد عشر سنوات من ذلك، أذاع على الناس نفس المسألة على أحدى الفضائيات[4] وبنفس المعالجة الفاسدة التي يعلم تماماً رأي المتخصصين فيها، وإجماعهم على ما فيها من تمويه وتلبيس، فتعجبت كل العجب .اهـ[5]
و مع بيان خطئها لا زالا بعض أدعياء "الإعجاز العلمي" يصدعون بها في "الفضائيات"[6] مما جعلهم سخرية للمنتقدين، لكن هؤلاء المنتقدون لا يقصدون هؤلاء بل يقصدون القرآن نفسه ومنه الإسلام، فأساؤوا للإسلام بسخافتهم
ومن "أنواع الإعجاز العلمي في القرآن" ما يسمى بـ "الإعجاز العددي" وممن ألف فيه عبد الرزاق نوفل عنوانه "الإعجاز العددي للقرآن الكريم ط 1- 1975" و هو أول تصنيف فيه
يقول في ختامه : إن الإعجاز العددي للقرآن الكريم هو الوجه الذي لا بد أن ندعو به إليه، إنه الدليل على وجود الموحي ورسالة، الموحى إليه، وإنه لأسلوب الجيل بلغة العصر، فنحن في جيل الأرقام، وعصر العدد والإحصاء .اهـ[7]
وله كتاب آخر شفّع به الكتاب السابق سماه "معجزة الأرقام والترقيم في القرآن الكريم ط1 - 1982"
وهو أول من ابتدع "الإعجاز العددي" فقد ذكر أمثلة منه في كتابيه "الإسلام دين ودنياط1 - 1959" و "عالم الجن والملائكة ط 1 - 1968"[8]
وغالبه اتفاقات مثل : ذكر عدد كذا بمثل عدد كذا كـ "النفع والفساد[9]" و "الحر والصيف، الشتاء والبرد[10]" و "الجحيم والعقاب[11]" وهذا لا يعجز عنه الإنسان حتى يقال فيه معجزة، ولهذا يسميها بعضهم : لطائف، ومُلح[12]
مع ما فيها من تكلف وانتقائية وعدم موضوعية، تتبعها بعضهم[13]
وكتب في إبطال هذا النوع من الإعجاز جماعة منهم إبراهيم بن صالح الحميصي" نقد دعوى الإعجاز العددي في القرآن الكريم[14]"
و يبقى العاقل حائرا أمام جرأة هؤلاء على كتاب الله
و أكثر هذه الاكتشافات أصلها فرضيات افترضت قبل عقود، وكثير من الناس لا يعلم أنها فرضيات – لأنها لا تذكر ولا تُعَلّم على أنها فرضيات – حتى يفاجأ بأنه ثم إثباتها في السنوات والشهور الأخيرة، والعجب أن كل الفرضيات يتم إثباتها ورصدها
بل ومعارضة لـ "القرآن" فالكون في "القرآن" غير الكون في "العلم الحديث" الذي تحتكره وكالة "NASA "
صفحة القرآن
الهـــــــــــوامش:
[1] القرآن والعلم الحديث ص : 5
[2] القرآن والعلم الحديث ص : 5 - 6
[3] القرآن والعلم الحديث ( مترجم ) ص : 4
[4] قناة "الرسالة " و نقل الفيديو
[5] سرعة الضوء في القرآن، وكيف أفسدها الإعجازيون! موقع القرآن والعلم الرابط :
[6] عرض صاحب المقال فيديوهات عن ثلاثة منهم
[7] الإعجاز العددي للقرآن ص : 253
[8] نقد دعوى الإعجاز العددي في القرآن الكريم ص : 29
[9] الإعجاز العددي للقرآن ص : 25
[10] الإعجاز العددي للقرآن ص : 29
[11] الإعجاز العددي للقرآن ص : 37
[12] نقد دعوى الإعجاز العددي في القرآن الكريم المبحث الخامس : بيان نوع الموافقات العددية القرآنية ص : 74 وما بعدها
[13] نقد دعوى الإعجاز العددي في القرآن الكريم ص : 49 وما بعدها وينظر : المبحث الثالث : مناهج الباحثين فيما يسمى الإعجاز العددي ونقدها ص: 57 وما بعدها
[14] طبع بدار ابن الجوزي الطبعة الأولى 1435
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق