القرآن والعلم الحديث "الأرض" 24
✍بوعلام محمد بجاوي
أصحاب أكثر من مصدر
أربعة عناصر: العناصر الثلاثة السابقة والتراب
وهو قول
"أمبادوقليس" ( 490 ق م – 430 ق م )
قال "أرسطو": في حين أن "أمبادوقليس" قال:
إنها أربعة عناصر، وذلك بعد أن أضاف التراب بوصفه العنصر الرابع للعناصر الثلاثة
المذكورة سابقا، فيقول إن هذه العناصر موجودة دائما، وتظهر إلى الوجود وفقا لكثرتها
أو نذرتها عن طريق تجمعها في وحدة بعينها أو بتفرقها خارج تلك الوحدة .اهـ[1]
وقال: وهو
أوّل من أعلن أن العناصر المادية أربعة، على الرغم من أنه لم يستخدمها كأربعة،
ولكن كما لو كانت اثنين فقط، فقد وضع النار على جانب، وأضدادها الأرض[2] والهواء
والماء كطبيعة واحدة على الجانب الآخر، والمرء قد يستطيع الوصول إلى هذه النتيجة
بتامل دراسته بعناية .اهـ[3]
ذكر قبله أنه
أول من ذكر سبب الحركة وأنه قوتان متضادتان، ويأتي الكلام عنه، والظاهر أن آخر
كلامه يعود على هاتين الفكرتين
لانهائي من العناصر
وهو قول "أناكساغوراس":
لا نهائي من العناصر، وهو موجود في كل جوهر أو جسم
قال "أرسطو": أما "أناكساغوراس" الكلازوميني على الرغم من كونه أكبر سنا من "أمبادوقليس" إلا أنه كان متأخرا عنه في اهتمامه بالفلسفة، يقول:
إن العناصر الأولى لا متناهية في الرقم[4]، والسبب وفقا لرأيه أن معظم الأشياء
لمتجانسة مثل الماء أو النار تظهر إلى الوجود على شكل مركبات فقط، ولا تزول إلا
بانفصال عناصرها بعضها عن بعض، ولكن بخلاف ذلك لا تظهر[5] في الوجود[6] ولا تزول بل
تظل أبدية هذه الأجزاء عن بعضها .اهـ[7]
فما دام الماء والنار تظهران وتنعدمان وكذا الهواء فلا يمكن
أن تكون العناصر الأولى؛ لأن الظهور يكون باجتماع العناصر الأولى والزوال يكون
بانفصالها
والإشكال
على هذا التوجه عند أرسطو: عدم تفسير
الحركة، والمقصود بها التغير، أي الانتقال من العنصر أو العناصر التي هي المبدأ
إلى الجوهر أو الجسم كالإنسان –؛ لأن المادة أو العنصر الأول لا يخلق بذاته بل لا
بدّ أن ينظم إليه سبب ومحرك
قال: وبناء
على ما سبق قد يفترض أن السبب الوحيد الموجود لهذا النوع هو ما نطلق عليه العنصر
المادي، ولكن مع استمرار المفكرين في هذا المجال أجبرتهم الظروف المحيطة على البحث
بأسلوب أعمق؛ لأنه إذا كان حقا أن هذا الكم من
عمليات النشوء والزوال مصدرها كينونة واحدة أو أكثر، فلماذا يحدث، وما هو السبب؟
والأمر المؤكد أن المادة الكامنة ليست هي المسؤولة عن حدوث تغير ذاتي لها، وما أعنيه هو أنه ليس الخشب ولا البرونز
مسؤولين عن التغيرات التي تطرأ على أيّ منهما، فالخشب لا يتغير من تلقاء نفسه إلى
سرير، ولا البرونز يتغير من تلقاء نفسه إلى تمثال، بل هناك شيء يكون هو السبب في
هذا التغيير، ولكي نتحقق من هذا علينا البحث في النوع الثاني من الأسباب، والذي
وقلنا إنه هو مصدر الحركة[8] .اهـ[9]
ولا يمكن الاستدلال لهم خاصة عند من يقول
بالعنصر الواحد، أما من يقول بأكثر من عنصر فقد يرده إلى صفات العناصر المتضادة
قال "أرسطو": لم يقدم أي من أولئك الذين اتفقوا أن
الكون هو وحدة أي تصور لهذا النوع من السب، باستثناء "بارمينيديس"،
وهو فقط الذي استطاع تحديد الأسباب على أنها ليست سببا واحد فقط، ولكن بطريقة ما
سببين اثنين[10]، لكن أولئك الذين يعترفون بأكثر من كيان واحد
مثل الحار والبارد أو النار والأرض هم أكثر قدرة على إعطاء تفسير منهجي؛ لأنهم
استفادوا من النار بوصفها ذات طبيعة حركية واستفادوا من الماء والأرض وما إلى ذلك
بوصفهم ذوات طبيعة معاكسة للأولى[11] .اهـ[12]
لكن لا يمكن للعشوائية أن توجد شيئا في حالة
منظمة
قال "أرسطو": ولكن بعد مرور زمان أولئك المفكرين لم
تعد أبحاثهم كافية لتطبيقها على نشأة طبيعة الأشياء، ولذلك – بحثا عن الحقيقة
مثلما قلنا – كان المفكرون مجبورين على البحث عن النوع التالي للمصدر، وخاصة أن
بعض الأشياء موجودة أو تأتي إلى الوجود في حالة جيدة أو على نحو جمالي، وعلى نحو
افتراضي، ليس من الطبيعي أن تتسبب النار أو الأرض أو أي عنصر من هذا القبيل في وجود هذه الأشياء أو ظهورها على هذا النحو .اهـ[13]
فلا بد من محرك يحرك العنصر المادي او العناصر
المادية، وهو ازلي كما أن العنصر الأول أو المبدأ أزلي
قال "أرسطو": وهؤلاء المفكرون إذن الذين اعتنقوا هذا الرأي افترضوا مبدأ في
الأشياء وهو سبب الجمال، ونوع السبب الذي يتم من خلاله توصيل الحركة للأشياء، وقد
يفترض أن "هسيودوس[14]" هو أول من بحث عن هذا الأمر، أو ربما
شخص آخر هو الذي وضع الحب[15] والرغبة بوصفهما
المبدأ الأول للأشياء الموجودة .اهـ[16]
ثم اختلفوا في عدده وتعيينه:
القرآن والعلم الحديث "الأرض" 25
القرآن والعلم الحديث "الأرض" 01
[1] ما وراء الطبيعة ص: 35
[2] هكذا في
الترجمة، والمقصود: التراب
[3] ما وراء الطبيعة
ص: 38
[4] يعني لا متناهية من حيث العدد لا من حيث هي
[5] العناصر اللامتناهية
[6] أزلية
[7] ما وراء الطبيعة ص: 35
[8] النشوء والظهور
[9] ما وراء الطبيعة ص: 35
[10] يأتي ذكرهما
[11] النار
[12] ما وراء الطبيعة
ص: 36
[13] ما وراء الطبيعة
ص: 36
[14] المحرك عنده
العقل، يأتي الكلام عنه
[15] وهو الذي قاله "بارمينيديس" يأتي
[16] ما وراء الطبيعة ص: 36
وفقك الله
ردحذف