بمناسبة عيد الأضحى والحج 1445هـ 1
✍بوعلام محمد بجاوي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، هذه كلمة
مختصرة بمناسبة عيد الأضحى والحج لسنة 1445 فيها
تذكير بمعاني الحج والعيد، وهي خطبة العيد بمسجد الفلاح ببلوغين مدينة الجزائر
عيد أضحى جديد على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولا يزال حالها على ما هو
عليه قبل نحو قرنين من الزمن، تراجع وتخلف يقابله تقدم وتطور ملل الكفر، وتكالبها
على هذه الأمة تُخضعها لما فيه هلاكها وتأخرها، فتفرض عليها أفكارها الشيطانية،
والعقوبات حاضرة لمن يمتنع بل يتماطل في الانقياد والخضوع حتى أصبحنا نستحي من وصف
حالنا، لن نورّث من يأت بعدنا إلا تاريخ الذل والهوان، ونحن الذين ورّثنا من سبقنا
من سلف هذه الأمة وإلى عهد ليس ببعيد في تاريخ الأمم العزّة والنصر والغلبة، وفي
كل شمس تطلع علينا نتساءل: يا ليل الذل والهزائم متى غده أقيام الساعة موعده؟
والسؤال الذي يُطرح ولا ينتظر السائل
جوابه: ما الذي رفع من قبلنا بين الأمم وجعلهم سادة عليهم، وما الذي أدلنا
بين الأمم وربنا يقول في كتابه ] ولن يجعل الله
للكافرين على المؤمنين سبيلا [ [النساء:141]
لن أسترسل أكثر من هذا في وصف حالنا،
فاليوم يوم عيد، يفرح فيه المسلمون، ولكن الأعياد تهيج أحزان المحزونين، ولهذا
يفزع فيه كثير من الناس إلى المقابر يدفعهم الشوق إلى من فَقَدوا وغَيّبوا في
التراب، ويمنعهم من فرحة العيد، والمصاب في الأمة أعظم وأشد، فأستغفر الله وأتوب
إليه وأقول:
[بقاء الأمة]
مع كل هذا الأمة باقية إلى قيام الساعة،
والقرآن باق والسنة باقية وعلوم الشريعة والعلماء باقون، والحجة قائمة على الخلق
في كل زمان بهذه الشريعة والرسالة المحفوظة، ولن يكون حال الأمة أشدّ من حالها في
أيامها الأولى، يوم كان الناس يدخلون في دين الله أفرادا متسترين يخفون إسلامهم
قال صلى
الله عليه وسلم في حديث ثوبان –
والحديث عند مسلم (2889) –: وإني سألت ربي لأمتي أن
لا يهلكها بسنة بعامة [القحط والجذب]، وأن لا يسلط عليهم عدوا مِن سوى أنفسهم
فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد، إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني
أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا مِن سوى أنفسهم
يستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال: من بين أقطارها حتى يكون
بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا.
وأخرج (2890) عن سعيد
بن أبي وقاص: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مرّ بمسجد بني
معاوية دخل فركع فيه ركعتين، وصلينا معه ودعا ربه طويلا، ثم انصرف إلينا فقال صلى الله عليه وسلم
: سألت ربي ثلاثا، فأعطاني ثنتين ومنعني
واحدة: سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق
فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها.
فالأمة إنما تؤتى من داخلها وبأبنائها
يوم يعدلون عن شريعة ربهم بالعدوان أو التأويل الخاطئ، فيبغي بعضهم على بعض،
فتنتهك الأعراض وترخُص الدماء وتستباح الأموال، ويعم الهرج، ويضعف السلطان
فليحذر المسلم أن يكون رأسا في الفتنة أو
تابعا، يجيب كل ناعق
مع شدة عداوة اليهود والنصارى للمسلمين،
فلا خوف على بقاء الأمة من أعدائها
قال تعالى
]يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم[ [الصف:8] ]يريدون أن يطفئوا
نورهم بأفواههم[ [التوبة:32]
وقال ]وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ
بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ[ [البقرة:109]
وقال ]وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا
يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٦٩)[ [آل عمران:69]
وقال ]وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ
وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً[ [النساء:102]
وقال ]إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ
يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (٣٦)[ [الأنفال:36]
ومع ما ملكوا من قوة في مقابل ضعف عظيم للأمة، ولا يزال الأمر إلى اليوم على هذا، فلم يستطيعوا أن يبيدوا الأمة، وقد احتلوا بلاد المسلمين عقودا من الزمن، حتى سكن اليأس قلوب أكثر المسلمين من أن يتخلصوا من احتلالهم، وما استطاعوا أن يغيروا دين المسلمين، ولا أن يستمروا في احتلالهم، فخرجوا خائبين خاسئين
بمناسبة عيد الأضحى والحج 1445 (2)
وفقك الله لما فيه الخير والصلاح
ردحذف