بمناسبة عيد الأضحى والحج 1445 هـ 2
✍بوعلام محمد بجاوي
[ظهور الأمة]
ومع الضعف الذي حلّ بالأمة لن تبقى فقط،
بل تبقى ظاهرة على الأمم كلها في حال قوتها وضعفها، وعد الله تعالى، ولا يخلف الله
وعده، ولا راد لأمره ووعده، الجبار القهار، مالك الدنيا والآخرة، قال تعالى في
موضعين من كتابه في سورتي التوبة والصف [هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ]
[التوبة:33 الصف:9 ] وقال في سورة الفتح [هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)]
[الفتح:28]
وقال [يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ
اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)]
وقال [يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا
نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ
وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢)]
والظهور يكون بالقوة وفتح البلدان، وبلاد
المسلمين اليوم ربع المعمور من الأرض، وبهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم
عن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
متوسد بُرْدة له في ظل الكعبة قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا قال:
كان الرجل في من قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فَيُجاء بالمنشار فيوضع على
رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه. ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم
أو عصب وما يصده ذلك عن دينه، والله ليَتِمّن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء
إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون. [البخاري: 3612، 6943]
فأخبر عن ظهور هذه الأمة وأمن المسلم في
سفره، ولكن أشار إلى أمرين:
الأول:
لا بد للتمكين من بلاء يسبقه
الآخر:
مصيبة الناس في الاستعجال، استعجال الفرج والنصر، فلا بدّ من الصبر وعدم استعجال
واستبطاء النصر قال تعالى [الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا
وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)] [العنكبوت:1–3]
وأخرج مسلم عن نافع بن عتبة قال: قال: رسول
الله صلى الله عليه وسلم: تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم فارس فيفتحها الله،
ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله
وأخرج عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما
زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض.
قال القاضي
عياض بن موسى اليحصبي (ت:544) ظاهره الذهب والفضة، والأشبه أنه
أراد كنز كسرى وقيصر، وقصورهما وبلادهما.اهـ[1]
ويكون الظهور أيضا، بظهور شعائرها، وتمسك
المسلمين بإحيائها، ولا يضرها ضعفها، فالمسلمون ظاهرون بشعائرهم، فالعالم ينظر
مندهشا إلى تعظيم المسلمين لشعائرهم
ومن شعائر المسلمين الظاهرة حج بيت الله
الحرام وعيد الأضحى
فتظهر في هاتين الشعيرتين: كثرة المسلمين
وتمسكهم بدينهم، ويظهر الحق، وأن الدين عند الله الإسلام، وأن إبراهيم عليه السلام لم
يكن يهوديا ولا نصرانيا، كما يحاول دعاة وحدة الأديان جمع الأديان الثلاثة:
الإسلام واليهودية والنصرانية تحت مسمى الأديان الإبراهيمية
[وصف إبراهيم في
القرآن]
قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام
]إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥)[ [هود:75] وقال
]إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ
يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ (121)
وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ
الصَّالِحِينَ (122)[ [النحل:120 –122]
وقال ]وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ
عَالِمِينَ (٥١)[ وقال
]قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ
(٦٨) قُلْنَا
يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا
لِلْعَالَمِينَ (٧١) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا
صَالِحِينَ (٧٢)[ [الأنبياء:68 – 72] وقال
]وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (٨٣) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤)[ [الصفات:83 – 84] وقال
]وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ
النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي
الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧)[ [العنكبوت:28] وقال
]وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ
قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا[ [البقرة: 124] ويكفيه
قول الله فيه ]وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (١٢٥)[ [النساء:125]
فإبراهيم عليه
السلام أبو الأنبياء من جهة إسحاق
وإسماعيل عليهما السلام، فهو محل إجماع
والجميع ينسب نفسه إليه، فكذّب الله اليهود والنصارى في انتسابهم إليه، وأخبر أنه
كان موحدا لله مسلما
قال تعالى ]إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ
يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠)[
[النحل:120] وقال
]مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ
كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧)[ [آل عمران:67] وقال
]أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ
وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ
أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ
اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠)[
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق