تعريف مختصر برسالة ابن أبي زيد القيرواني 2
✍بوعلام محمد بجاوي
المبحث السادس : من أقواله ونصائحه
قال
في مقدمة "النوادر" : وقيل:
إن طالب العلم يحتاج إلى البكور فيه، واستدامة الصبر على طلبه، وشدة الحرص عليه،
وإذا كان الحريص لا يقلع، والمنهوم لا يشبع، والحوادث تحول دون الأمل، فصرف الجهد
والهمة إلى ما يتعجل بركته، من التفقّه في دين الله، وتتأجل غبطته من العمل به،
أولى من الاستكثار من الأسفار بلا تفقه، والتحلي بغير تحقيق .اهـ[1]
وقال : والعلم لا يأتي إلا بالعناية والمباحثة
والملازمة، مع هداية الله وتوفيقه .اهـ[2]
وقال : فالحمد لله الذي منّ بكفايته، وأنعم
بهدايته، ورفق بنا في التكليف في عبادته، وجعل النجاة للمتأخرين في اتباع سبيل
المتقدمين، ولم يوسّع لمن بعدهم أن يرغب عن إجماعهم، أو يخرج عن اختلافهم، أو يعدل
عن تأويلهم ومنهاجهم
.اهـ[3]
وقال
في خاتمة "الرسالة" : وأولى
العلوم وأفضلها وأقربها إلى الله علم دينه وشرائعه مما أمر به ونهى عنه ودعا إليه
وحضّ عليه في كتابه وعلى لسان نبيه، والفقه في ذلك والفهم فيه و التهمّم برعايته
والعمل به، والعلم أفضل الأعمال، وأقرب العلماء إلى الله تعالى وأولاهم به أكثرهم
له خشية وفيما عنده رغبة، والعلم دليل إلى الخيرات وقائد إليها، واللجأ إلى كتاب
الله عز وجل وسنة نبيه واتباع سبيل المؤمنين وخير القرون من خير أمة أخرجت للناس
نجاة ففي المفزع إلى ذلك العصمة وفي اتباع السلف الصالح النجاة وهم القدوة في
تأويل ما تأوّلوه واستخراج ما استنبطوه، وإذا اختلفوا في الفروع والحوادث لم يخرج
عن جماعتهم والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .اهـ[4]
وقال
في خطبة "الرسالة" : و اعلم أن خير القلوب
أوعاها للخير، وأرجى القلوب للخير ما لم يسبق الشر إليه وأولى ما عني به الناصحون،
ورغب في أجره الراغبون إيصال الخير إلى قلوب أولاد المؤمنين، ليرسخ فيها، وتنبيههم
على معالم الديانة وحدود الشريعة، ليراضوا عليها، وما عليهم أن تعتقده من الدين
قلوبهم، وتعمل به جوارحهم .اهـ[5]
المطلب السادس : وفاته
توفي رحمه الله بالقيروان سنة 386 و عمره ست و سبعون
سنة[6]
المبحث الثاني : الرسالة
ألقابها :
تلقب بـ :
"باكورة
السعد" ، "زبدة المذهب"
قال النفراوي
أحمد بن غانم ( ت : 1126 )
: قد كثر اشتغال الناس
برسالة الإمام أبي محمد الملقبة بـ "باكورة السعد" و بـ "زبدة المذهب" .اهـ[7]
مكانتها :
قال الدبّاغ أبو زيد عبد الرحمن بن محمد ( ت : 696 ) : فانتشرت "الرسالة" في سائر
بلاد المسلمين حتى بلغت العراق و اليمن و الحجاز و الشام و مصر و بلاد النوبة و
صقليّة و جميع بلاد إفريقية و الأندلس و المغرب و بلاد السودان، و تنافس الناس في
اقتنائها حتى كتبت بالذهب، و أوّل نسخة منها بيعت ببغداد في حلقة أبي بكر الأبهري
بعشرين دينارا ذهبا . اهـ[8]
و مع أن
المقصود الأول بها الصبيان :
فقد جعلها القرافي أبو العباس أحمد بن إدريس ( ت : 684 )
أحد الكتب الخمسة التي اعتمد عليها في "الذخيرة"
قال : وقد آثرت أن أجمع بين الكتب
الخمسة التي عكف عليها المالكيون شرقا وغربا حتى لا يفوت أحدا من الناس مطلب ولا
يعوزه أرب وهي : المدونة [ رواية سحنون
عن ابن القاسم عن مالك ] و الجواهر [ عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة لابن شاس ] و
التلقين [ للقاضي عبد الوهاب ] و الجلاب [ المؤلف، وكتابه : التفريع
] و "الرسالة" جمعا مرتبا
.اهـ[9]
و وضعت عليها شروح كثيرة :
قال زروق أحمد
بن محمد بن عيسى ( ت : 899 ) : و
لم تزل الناس يشرحونها على مرّ السنين و الدهور .اهـ[10]
و من
الشروح المطبوعة :
*شرح القاضي عبد الوهاب أبي
محمد بن علي ( ت : 422 ) :
وهو
أول شرح لـ "الرسالة" بعد شرح تلميذ ابن أبي زيد : أبي بكر محمد بن موهب ( ت : 406 ) إلا أن شرحه هذا لا ذكر له في كتب
المالكية، ونقل منه ابن القيم أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ( ت : 751 ) في
"اجتماع
الجيوش الإسلامية على حرب المعطلة والجهمية"[11]
قال القاضي
عياض : وله شرح رسالة شيخه أبي محمد ابن أبي زيد رحمهما الله
.اهـ[12]
و مخطوط شرح القاضي : غير تام، أجزاء
من الشرح فقط
طبع
منه قسم العقيدة مفردا، دار البحوث للدراسات الإسلامية و إحياء التراث بدبي، تحقيق
"أحمد محمد نور سيف".
ثم
طبع جزء من قسم العبادات عن قطعة فريدة لم يسمّ المحقق مصدرها : دار ابن حزم، تحقيق :
أبي الفضل الدمياطي أحمد بن علي ط1 – 1428
وحُقّق
في رسائل علمية بـ "جامعه القاضي عياض بمراكش" عن قطعة بالخزانة
العامة بالرباط ( 625 ق )
*شرح أبي حفص عمر بن علي الفاكهاني
( ت : 734 )
عنوانه
: "التحرير والتحبير شرح
رسالة ابن أبي زيد القيرواني"
حقّق
في رسالة علمية "ماجستير" الجامعة الإسلامية 1425: من "باب
ما يجب منه الوضوء" إلى نهاية "باب في الإمامة وحكم الإمام
والمأموم" تحقيق : صالح الدين رمضة
وطبع
بتحقيق : مركز نجيبويه، دار المذهب
[1] النوادر والزيادات 1 / 7
[2] النوادر والزيادات 1 / 5
[3] النوادر والزيادات 1 / 4
[4] الرسالة
289
[5] الرسالة
73 – 74
[6] ترتيب المدارك 6 / 221
[7] الفواكه الدواني على رسالة
ابن أبي زيد القيرواني 1 / 3
[8] معالم الإيمان 3 / 111
[9] الذخيرة 1 / 36
[10] شرح
الرسالة له 1 / 2 - 3
[11] اجتماع الجيوش
الإسلامية على حرب المعطلة والجهمية ص : 255 ، 281 – ط: عالم الفوائد
[12] ترتيب المدارك 7 / 189
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق