الموعـظة بالإسلام 02
✍ بوعلام محمد بجاوي
وهذا في غير الأنبياء والشهداء – والله أعلم بالشهداء
– فإن الله حرّم أجسادهم على الأرض ( ؟ )
أما الأنبياء : فقد جاء الحديث فيهم صريحا
الحديث
الأول : حديث الحسين بن علي الجعفي [ الكوفي ] عن عبد
الرحمن ابن يزيد بن جابر [ الدمشقي ] عن أبي الأشعث [ شراحيل بن آدة ] الصنعاني
عن أوس بن أوس [ ويقال : ابن أبي أويس ] قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من
الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ
قال : فقالوا : يا رسول الله، وكيف تعرض
صلاتنا عليك، وقد أرمت ؟ قال : يقولون
بليت، قال : إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء [ د / 1047 ، 1531 – ن / 3 / 91 – ق / 1085 ، 1636[1]
]
الحديث لا يصح : يخطئ الجعفي [ والكوفيون ] في " عبد الرحمن بن يزيد بن تميم" الضعيف يسمونه "عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر" الثقة، والصواب : " عبد
الرحمن بن يزيد بن تميم"
الضعيف . ولم يرو هذا الحديث عن ابن جابر غير الجعفي، والجعفي كوفي و ابن جابر دمشقي، وهذا
يقدح في تفرّد الثقة
قال الترمذي أبو عيسى محمد بن عيسى ( ت : 279 ) : قال محمد [ بن إسماعيل البخاري ( ت : 256 ) ] : أهل الكوفة يروون عن عبد الرحمن بن يزيد بن
جابر أحاديث مناكير، وإنما أرادوا – عندي – عن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وهو
منكر الحديث، وهو بأحاديثه أشبه منه بأحاديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر .اهـ[2]
قال ابن
أبي حاتم أبو محمد
عبد الرحمن بن محمد ( ت : 327 ) : وسمعت أبي يقول : عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر : لا أعلم أحدا من أهل العراق يحدث
عنه، والذي عندي : أن الذي
يروي عنه أبو أسامة [ حماد بن أسامة ] و حسين الجعفي
واحد، وهو عبد الرحمن
بن يزيد بن تميم، لأن أبا
أسامة روى عن عبد الرحمن ابن يزيد، عن القاسم [ بن عبد الرحمن ] عن أبي أمامة خمسة
أحاديث - أو ستة أحاديث - منكرة، لا يحتمل أن يحدث عبدالرحمن بن يزيد بن جابر مثلهـ
[ ـا ]، ولا أعلم أحدا من أهل الشام روى عن ابن
جابر من هذه الأحاديث شيء [ شيئا ].
وأما
حسين الجعفي :
فإنه روى عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث [ شراحيل بن آدة الصنعاني
]، عن أوس بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم - في يوم الجمعة - أنه قال : أفضل
الأيام يوم الجمعة، فيه الصعقة، وفيه النفخة، وفيه كذا. وهو حديث منكر، لا أعلم أحدا رواه غير
حسين الجعفي.
و أما عبدالرحمن بن
يزيد بن تميم : فهو ضعيف الحديث، و عبدالرحمن بن يزيد بن جابر : ثقة
.اهـ[3]
و قال : سألت أبي عن عبد
الرحمن بن يزيد بن تميم ؟ فقال : عنده مناكير، يقال هو الذي روى عنه أبو أسامة
وحسين الجعفي وقالا هو ابن يزيد بن جابر، وغلطا في نسبه،
ويزيد بن تميم أصح، وهو ضعيف الحديث .اهـ[4]
الحديث عند أبي حاتم منكر لتفرد الجعفي و
هو كوفي به عن ابن جابر الدمشقي، واستدلّ بنكارته على أن الذي في السند "ابن
تميم" الضعيف
و قال البزار أبو بكر أحمد بن عمرو ( ت : 292 ) : قال : وهذا الحديث بهذا اللفظ لا نعلم أحدا يرويه إلا شداد بن
أوس، ولا نعلم له طريقا غير هذا الطريق عن شداد، ولا رواه إلا حسين بن علي الجعفي
ويقال : إن عبد الرحمن بن يزيد هذا هو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، ولكن أخطأ فيه أهل الكوفة أبو أسامة والحسين الجعفي،
على أن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم لا نعلم روى عن أبي الأشعث، وإنما قالوا ذلك لأن عبد الرحمن بن يزيد
بن جابر ثقة وعبد الرحمن بن يزيد بن تميم لين الحديث، فكان هذا الحديث فيه كلام
منكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا : هو لعبد الرحمن بن تميم أشبه .اهـ[5]
ولم يبين وجه نكارة
المتن، ولعله :
يحتمل : "فإن صلاتكم معروضة عليّ"
لمخالفته لقوله تعالى } وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا
الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ
فِي الْقُبُورِ { [ فاطر 22 ] و يطلق النكارة على
التفرد بمتن الحديث أي أنه لا يروى من وجه أو طريق آخر صحيح، لكن تروى أحاديث غير
هذا في عرض الصلاة والتسليم عليه يوم الجمعة ومطلقة، يأتي ذكرها
ويحتمل : "إن الله حرم على الأرض أجساد
الأنبياء"
لمخالفته لحديث أبي
هريرة السابق "و ليس من الإنسان شيء إلا
يبلى إلا عظما واحدا و هو عجب الذنب" أو لأنه لا يروى من وجه أو طريق صحيح
وقال ابن حبان أبو حاتم محمد بن حبان ( ت : 345
) : وقد روى عنه الكوفيون أبو أسامة
وحسين الجعفي وذووهما .اهـ[6]
قال الدارقطني أبو الحسن علي بن عمر ( ت : 385 ) : قوله "حسين الجعفي روى عن عبد الرحمن بن يزيد
بن تميم" : خطأ، الذي يروى عنه حسين هو : عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأبو
أسامة يروى عن عبد الرحمن بن يزيد هذا ابن تميم، فيقول ابن جابر، ويغلط في اسم جده
.اهـ[7]
وليس في كلام ابن حبان
أنه لا يروي عن ابن جابر، و قد أخرج هذا الحديث في صحيحه ( 910 )
و يروى نحوه عن :
الحديث
الثاني : حديث زيد بن أيمن عن عبادة بن
نسي عن أبي الدرداء مرفوعا
بلفظ : أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة، فإنه مشهود،
تشهده الملائكة، وإن أحدا لن يصلي عليّ إلا عُرضت علي صلاته، حتى يفرغ منها
قال : قلت : وبعد
الموت ؟ قال : وبعد الموت، إن
الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، فنبي الله حي يرزق. [ ق / 1637 و هو ضعيف لجهالة "زيد بن
أيمن" – لم يرو عنه غير سعيد بن أبي هلال[8]
– و لانقطاعه في موضعين : "زيد" لم يسمع من "عبادة"، – قال
البخاري : زيد بن أيمن، عن عبادة بن نسي، مرسل، روى عنه سعيد بن أبي هلال.[9]
– و "عبادة" لم يسمع من "أبي الدرداء" قال البوصيري : هذا
إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع في موضعين عبادة بن نسي روايته عن أبي الدرداء
مرسلة قاله العلائي، وزيد بن أيمن عن عبادة بن نسي قاله البخاري.[10]
]
الخلاصة : لا يصحّ حديث في استثناء أجساد
الانبياء عليهم السلام، و يروى في عرض الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في قبره يوم الجمعة ومطلقا :
[1] قال المزي في تحفة
الأشراف : ورواه ق [ ابن ماجه
] في الصلاة عن أبي بكر بن أبي شيبة بهذا
الإسناد، إلا أنّه قال عن شدَّاد بن أوس ( أي بدل أوس بن أوس ) وذلك وهم منه. اهـ 2 / 3 – حديث : 1736
[2] العلل الكبير ص : 392
[3] علل الحديث 2 / 527 – 530 – مسألة
: 565
[4] الجرح والتعديل 5 / 300
[5] البحر الزخار ( مسند البزار ) 8 /
411
[6] المجروحين 2 / 20 – ترجمة : 589
[7] تعليقات الدارقطني على المجروحين ص
157 – ترجمة : 190
[8] ميزان الاعتدال 2 / 99 – ترجمة : 2991
[9] التاريخ الكبير 3 / 387
[10] مصباح الزجاجة في زوائد
ابن ماجه 2 / 59
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق